إلى السويداء مع ما فيّ من حب وما تبقّى عندي من آمال.

ما كنت لأخرج من حزني وأكتب، إلا للشديد القوي.. ولا أعتقد أجلّ وأعظم وأهم، من حرية سوريا وخلاص شعبها بعد ملامح تجدد الأمل و انتفاضة أهلنا بالجبل، وكسرهم جميع الحواجز وتعديهم جميع الخطوط.
فأحفاد الباشا وازنوا الكفة وتابعوا هذه المرة، رغم كل التحديات والظروف والتهديد، ليعيدوا التأكيد لكل من يخامره أية شكوك، أنهم فرسان اللحظة الحاسمة ورجال وقت الشدة…وسوريون أصلاء للنخاع وليس للعظم فقط.. لا يقبلون، كما سلطان، رشى التقسيم ولا وعود النجاة على قارب نجاة فردي.
أعتقد جازماً أن الشارع هناك وساحة الكرامة، سبقتنا بأشواط ومراحل، وكل ما سيقال، يدخل بباب الفائض عن الحاجة والتنظير، فمن هم على الأرض، أدرى بجميع الشعاب..بعد أن أحرقوا آخر مراكبهم معلنين، كما طارق بن زياد، الحرية واسقاط النظام أو الحرية واسقاط النظام…إذ لا رجعة أمام عصابة حاقدة فيما، لا سمح الله، لو حدث أي طارئ أو استجد أي قاهر..
ولكن، من قبيل هواجس ابن للسويداء، فأنا نصفي درزي والتاريخ يشهد، وقلبي للسويداء والجميع يعرف، وأقسم بربي أني أحار حتى الآن، أين سأسكن بعد عودتي لسوريا الحرة، أأعود لدمشق أم أذهب لإدلب أم أقيم في السويداء، لأن لي بالجبل بيوت لا بيت وأهلين لا أهل …لذا، عليّ أن أقول بعض هواجسي وأملي برحابة صدر الكرام أولاد الكرام هناك.
1- التظاهرات خرجت كما اشتهى جميع السوريين، وكما كانت سيرتها الأولى بالمدن السورية، سلمية حضارية راقية وتمثّل جميع الفئات والأعمار..ولكن السؤال: إلى متى يمكن أن تستمر…وماذا علينا فعله لتستمر من دون أن تنحرف بأفعال وتحريض وعبث خارجي، آخذين بالاعتبار حقد وثأريه الوريث القذر، ولنا بكل سوريا أسوة وعبر.
أما أن نعيش بتخدير أن عصابة الأسد لن تطلق النار بالجبل، فذلك إن كان صحيحاً فسيكون لأجل، لأن تلك المافيا لن تفتقر لذرائع العملاء أو الفتنة أو ارسال بعض فروع أمنها التي تقوم بأدوار داعش وأخواتها..
سؤال كبير أعلم، ولكن الشغل عليه يجب أن يكون بالتوازي مع همة الشباب وانتفاضة الماجدات ورعاية ومشاركة المشايخ الأجلاء..
2- هل يسقط نظام مافيوي متجذر ومرتبط بخيانات مع العالم القوي عبر التظاهر، هذا سؤال آخر ولا يقل أهمية عن سابقه..
في محاولات البحث عن إجابة، سنصل ربما أن التظاهر السلمي هو الطريق الأقصّر والأسلم لإسقاط العصابة، أو مزيد تعريتها على الأقل، للوصول للسقوط..
ما يعني، التظاهر وحده لا يكفي، بل بحاجة لاستنهاض أهلنا بالساحل، بشكل أو بآخر، لأنهم الأكثر تجويعا ومعاناة، بعد أن خطفتهم عائلة الأسد وعمقت الجراح بينهم وبين أهلهم بعموم سوريا..”ثمة أفكار وطرائق حتى لاحتضان الفدائيين الذين سبقوا الجميع بفيديوهاتهم وتصريحاتهم”.
وربما بالتوازي، الاشتغال على السياسي، من أهله وليس من الهواة، للتواصل مع الدول العربية، والمملكة السعودية بالمقدمة، ومع دول الاقليم والشمال القوي، والتواصل مع المنظمات الدولية وكل ما يمكن أن يحمي أهلنا بالسويداء ويكشف أحقية مطالبهم…وبطبيعة الحال مزيد من التنسيق مع مرجعيات الموحدين بدول الجوار.
3- البحث بطرق دعم أهلنا بالجنوب، السويداء ودرعا، وعلى الصعد كافة، لأن من يعرف ذهنية العصابة الحاكمة، يعلم أنها لن تدخر أي جهد، إن بحصار وقطع خدمات ونمويل، أو حتى بترك السويداء “لتستقل”.. كما ترك شمال شرق وشمال غرب..وإن القصة هنا تدخل فيها اعتبارات كثيرة..
والدعم لا يقتصر على تأمين سبل العيش، بل الدعم ليستمر الطلبة بمدراسهم وذوي الدخول المحدودة بعيش كريم..والطرق والأفكار كثيرة وربما ليس مكان بحثها هاهنا.
نهاية القول: أعرف أني لست بحالة نفسية تمكنني من إعطاء هذا الحدث الخلاص، ما يستحق، كما نحاول العمل لا بالكتابة، لأننا أمام ثورة ثانية بسوريا طال انتظارها، وأمام خلاص أبدي من عصابة مستبدة قاتلة لا محالة..ولو بعد حين..
ولكن، من لزوم ما يلزم، أتيت على بعض هواجسي، مؤكداً للمرة الثانية، هكذا عصابة اتفق العالم على دورها الوظيفي بقتل الشعب وتمزيق الأوطان ودفن التطلعات والأحلام بعيش آدمي وبوطن قانون معافى، لا تسقط بتهاف أو تهتز بمظاهرة أو ترحل بطلب ونداء…بل لن يذهب الوريث المريض حتى يضحي بآخر مؤيد مغيّب أو مناصر منتفع…
ولكن، وهو لبّ القول: ما جرى ويجري بالسويداء وما تبعها بدرعا وأرياف الشمال، هو مرحلة متقدمة لسقوط نظام فاحت رائحته وبات حمله، حتى من أنصاره بطهران وموسكو، صعب وشبهة وعبء..لذا يارب تحمي أهلنا بتظاهرهم الذي سيوصل الجميع لملامح الدولة الجديدة..وحيا الله بني معروف..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.