الزلزال الذي غيب الورد

احمد مظهر سعدو

لعلها الذكرى السنوية الأولى لحالة هي الأكثر ألمًا والأشد عمقًا ومضاضة في حيواتي المتلاحقة كلها. لقد غيب الزلزال الكارثي الذي حل بنا صباح السادس من شباط / فبراير من العام الفائت 2023, أجمل الورود وأنقاها، وأخذ معه القلب والفؤاد، وتركنا نكابد ونعاني من ألم عضال لا شك أنه سيبقى معنا حتى نلقى الله بقلب مؤمن إن شاء الله.لم تغب عني يا حبيب الروح ورفيقها ولا لحظة واحدة، كان الفؤاد والمخيال يرفرف في ذكراك ومع كل نبرة ذكرى من صوتك وحركتك الدؤوبة على طول المدى، لم يبرح محياك المكان، ولا الزمان أبدًا. وبقيت يا أخي وصديقي ومهجة قلبي (محمد أمين) جوانية نفسي وروحي لم تفارقها يومًا ولا يمكن ذلك كما يبدو مطلقًا، أتذكرك كما الذين رحلوا معك صباح ذلك اليوم اللعين والكارثي، إلى رضوان الله ورحمته، من أسرتك جميعًا. أكتب ودمع العين ينهمر بحرقة وغزارة، وكيف لا يكون ذلك، وأنت في البال أبدًا، وأنت من أنت بما حملته من قيم وأخلاق وإخلاص ومحبة، ورغم قسوة الحياة، وبالرغم من التهجير القسري الذي طالك كما طال الشعب السوري الذي وقف في وجه الجلاد، وأراد الحرية والكرامة لوطنه وناسه ولنفسه، فتم قتله وتهجيره القسري إلى بلاد الله الواسعة.في ذكراك يا أبا محمد أشعر باليتم وبالضياع واللاجدوى، وأشعر بالخيبة والتبعثر، وأيضًا حب وشوق اللحاق بك، ويبدو أنه لا خلاص من هذا الواقع المر، إلا باللحاق بك، وبكم، إلى رحاب رب عادل لا عسف ولا قمع ولا اعتقال ولا تمييز لديه، بل هو الحق جل في علاه دائمًا وأبدًا. وليس هذا يأـسًا، بقدر ما هو شوق وحب إليك وإلى العدل الإلهي، بعيدًا عن منغصات الحياة ولا عدالتها، وظلم الظلام، ضمن ممارسات سلطات الاستبداد والقتل في سورية وفلسطين.أتذكرك مع خبر كل شهيد يسقط على أرض الرباط في فلسطين التي أحببت، أتذكرك وأدرك كم كان عذابك سيكون كبيرًا فيما لوكنت على قيد الحياة، ورأيت ما رأيت، وماذا يجري لأهلنا في غزة هاشم، وكيف تُركت لقمة سائغة أمام عدو غاشم ومجرم وفاشيستي، تدعمه دول العالم الكبرى، التي تدعي الحضارة وحقوق الانسان، ضد شعب عربي مسلم على أرض غزة، حاول يومًا مع فجر 7 أكتوبر/ تشرين أول المنصرم أن يقول لا للاحتلال، ونعم للحرية، وإعادة القدس السليبة، فكان ما كان مما نراه من مقتلة ومحرقة لم نر مثيلًا لها عبر التاريخ أبدًا.رحمك الله وغفر لك ولأسرتك جميعًا، ولكل من رحل شهيدًا يوم السادس من شباط، بل وكل الشهداء.. إلى رحاب الله يا قرة عيني وحبيبي.. ستبقى في قلوبنا وعقولنا جميعًا، وستكون كلماتك الصادقة ملاذًا لنا لنواسي بها أنفسنا، أو لنشم بها وعبرها عبق الياسمين المحمدي..لقد رحل الورد، رحل كل الياسمين الشامي، ورحل معه فؤادي، وسيرحل يومًا جسدًا ونفسًا وروحًا.. حتى نلقى الأحبة محمدًا وصحبه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.