أبكيك يا سورية

أبكيك ياوطني بكل جوارحي… أبكيك ياوطني بكل حرقة وبكل حسرة وبكل بؤس… أبكيك بسبب ما تتعرض له من تدهور وضياع… أبكيك ياوطني بكل خيبة أمل، إذ أرى قُطاع طريق الأمل والكرامة يعبثون بك وبما كنت عليه من رفعة.

فلو أن بكائي كان لِما فعل الأجنبي لهان  الأمر ؛ فليس هو من ذوي القربى، ومآله لزوال. ولو كان بكائي لمصيبة من طوفان أو زلزال لخفف الإيمان بالقضاء وقع المصيبة.

الكوارث الطبيعية تخلف ضياعا في الأرواح وفسادا في الرزق، ولكنها لا تقطع الأمل. ولكن الكارثة التي يصنعها أبناء الوطن لوطنهم لا عزاء لها، وهي أشد ضررا بسبب عبث قُطاع طريق الأمل والكرامة.

عرفتك ياوطني تحت استعمار الأسد وتحت إدارة عسكرية أمنية ولم يفقد السوريون الأمل. وعرفتك في استقلال بناه أبناؤك،  تقريبا من لا شيء، في عزم ومثابرة وإيمان، فكان إنجازهم مبعث  اعتزاز بك، ومبعث تقدير واحترام لك من كل الدنيا.

ثم جاء معول الهدم، فأدخلها مدخل الأوهام التي بنيت عليها وطنيٓةُ وهمٍ أطاحت بواقع الإعتزاز وبمكانة التقدير. دام الوهم لعشرات السنين، ومعول الهدم ينخر في جسدك، ياوطني، حتى تمكن منك السوس، وما توقف الوهم عن إسدال الستار البراق من الخيال،  على واقع قاتم أليم. لكن الأمل في الخلاص لم ينقطع، فكانت الثورة ، مثلا يحتدى، رفع عنا الأوهام وأدخلنا مدخلا لمستقبل زاهر يعيد كرامة انتهكت لسنوات طويلة.

لكن الفرحة لم تطل، سارع طلاب السلطة والمال إلى تحقيق طموحاتهم، بوسائل ظاهرها حرص على الوطن، وباطنها أنانية مقيتة ترى مصلحة الوطن هي فيما يحوزون من مال ومن سلطان. لقد استوى في ذلك السعي من شكّل الأحزاب ومن شكّل الكتائب  والفصائل ومن لجأ إلى قبيلة تدعم أهواءه وتخدم أهدافه.

عميت الأبصار، وعُرّف حب الوطن بتعريف جديد: هو “العصبية”، عصبية مقيتة، تُخرج من الملة، يستوي في ذلك من تعصب لحزب أو تعصب لقبيلة أو تعصب لعائلة  أو تعصب لمال.  وما ذلك إِلَّا لأن العصبية تعمي الأبصار،  وتمكن الإنصياع للهوى من النفوس.

أبكي وأبكي، لأنني لا أرى بصيصا من أمل، ولو كان ضئيلا. (ليتني أكون مخطئا). لو كان الغير يظلمونك، ياوطني، لحاولت نصرتك، فإن فشلتُ وحل بك الظلم، بكيت تأثرا ولم أفقد الأمل. ولو أصابك زلزال أو طوفان، بكيت ولم أفقد الأمل.

أبكيك يا وطني، بحرقة شديدة، لأنني أراك تنهار بأيدي أبنائك، بلد يدمر، وأرواح تزهق، وشلل وجماعات من السفلة تتاجر بدم الشباب تحت مسميات وشعارات وولاءات لم نكن تعرفها ولا نريد لها أن تجد مكانا بيننا.

فالممارسات ماقبل الأسد بين أفراد الشعب السوري تعتبر من أفضل الموجود على الساحة العربية، لا بل وعلى مستوى العالم الإسلامي، والولاءات الخارجية لم يكن يعرفها الشعب السوري ، وعلاقاتنا بالخارج على الصعيدين العربي والعالمي كانت تحكمها المصالح المشتركة وحسن الجوار والتعامل بالمثل.

كان ذلك قبل أن تصاب البلد بفيروس الأسد ، وقبل أن تعمل معاوله المتخلفة في تحطيم البنية التي أسست عليها علاقات سورية مع العالم الخارجي ومع الجيران.

أبكيك يا وطني، وأنا أرى السماسرة يبيعونك في سوق النخاسة، يعرضونك لمن يدفع أكثر دون حياء ودون خجل مما يقترفون.

لك الله يا وطني، فقد خابت كل الآمال في أن يأتي المنقذ، وبقي الأمل في الله وحده، إنه على كل شيء قدير. 

اذا كانت عقوبة الخيانة هي الموت.. فعلى رأس النظام الحالي في سورية.. وقادته.. واعوانه.. ولجانه الارهابية.. ان يصطفوا جميعهم.. في طابور واحد.. لينفذ حكم الموت فيهم.

فليس هناك خيانة اعظم من تسليم البلاد لدول اجنبية.. وليس هناك خيانة اعظم من بيع البلاد وثرواتها.. من اجل البقاء في السلطة.. يوم او اقل من ذلك.. وليس هناك خيانة.. للوطن.. اعظم من تحطيم قيم الوطن.. بل ليس هناك خيانة للوطن.. اعظم من السخرية والاستهزاء بدين الوطن.. ونشر الفساد والرذيلة والانحلال.. وليس هناك خيانة للوطن.. اعظم من ارهاب ابناء الوطن.. وبث الرعب بين العجائز والارامل والنساء والاطفال.. وقتل ابناء الوطن.. بالجملة.. غدرا.. وخسة.. بينما عدو الامة.. يُذبح ابناء هذه الامة.. ويستحيي نساءهم.. ونظامنا.. ورجاله.. وقادته.. وكلابه المسعورة.. قاب قوسين او ادنى.. يتفرجون.. وقد الجم الجبن.. حتى السنتهم.. بل يتفرجون.. وافئدتهم هواء.. تكاد ان تندلق امعاؤهم.. خوفا من اسيادهم.. فهم.. ضباع.. مع ابناء الوطن.. وخنازير.. مع اعداء الوطن.

فليلتحق.. بالطابور.. من اراد ان يدفع ثمن جرائمه.. فعاجلا او اجلا.. سينتزع الوطن حقه.. من الظالمين.. انتزاعا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.