ممنوع الفرح على السوريين
[ بقلم : د . محمد حاج بكري ]
لم نعد نحتفي بفصل الربيع، لأن مساحاته صارت محاور قتال ، افتقدنا غلة الصيف لأن فلاحيها مهجرين ، لا ننام في ظل الخريف الميت مخافة رصاصة طائشة لا نفرح بساعة نزول مطر الشتاء، لأننا داخل بيوتنا سيارتنا الفارهة استبدلناها بخردة كي ننجو بأجسادنا كتاباتنا صارت بقلم الرصاص حتى نمحي بسرعة مالا يعجب الآخرين ألقابنا صارت مستعارة، مخافة سؤال المقنعين في بوابات الرعب الجهوية أطفالنا صاروا يفرقون بين أصوات القذائف، لأنهم خبروها أولادنا يمتشقون السلاح بغير مناسبة، لأن حمله صار رديف الرجولة أموالنا ندخرها لفدية قد يفرضها اختطافنا السياسة المسلحة هي منهج ديمقراطيتنا الولاء للخارج هو سيمتنا فقدان الأمل في المستقبل بدل الخوف منه طغى على تفكيرنا تلفزيوناتنا التي نستخدمها لمدة ساعتين في اليوم بسبب الكهرباء تعرض وجوهاً، لم نكن نألفها تمنحهم كل الألقاب، العلمية، والفنية، والتحليلية، والتفكيرية، والإبداعية، رغم لغتهم الخشبية الإقصاء منهجهم، والتحريض على القتل تعبئتهم ونعت الناس بالباطل، ديدنهم وتلميع المعتم المطفي، مهنتهم وجر الناس كالقطعان خلف قناعاتهم، دائماً هدفهم.
بلادي اختفى فيها مصطلح المجرم، لأنه اختلط بالثائر والوطني والخائن والكثير من المصطلحات لم يعد للمشعوذ وجود لأنه صار قائداً ميدانياً فأموال العجائز، لم تعد تلبي متطلبات مهنته حتى السجون صارت خاصة، تسمى بأسماء ملاكها يسترزقون من كثرة نزلائها يخدمونهم بأبشع أنواع التعذيب، لإرضاء زبائنهم التعليقة من اليدين مع ربط ثقلين في الرجلين والضرب بماسورة، فن من فنونهم الحاقد ما عليه إلا الدفع حتى يستلم إذن زيارة مفتوح، لتعذيب ضحيته وقتما يشاء سجين الأمس خرج بشحمه ولحمه منتقماً فصار مدير لسجن يخرج ضحاياه إلى القبور بل يدعم اذرع تفجيرية وقاطعي رؤوس قدرنا العيش تحت وطأة مفاهيم الثورجية وليس الثوار أما القضاء فحدث ولا حرج قضاتنا المنشقون أصبحوا متهمون وعلى أبواب المحاكم بالدور ينتظرون محاكم عادلة من شرعيينا الوافدون وإذا أردت أن تعرج على ضباطنا فهم قمة البلاء وسبب الحرب في الصومال وانهيار أسعار البترول وكل ماسي الدنيا وبلاويها ولم يعد ينفعهم صك اعدامهم لحظة انشقاقهم وأصبحوا خونة بمصطلح المتأسلمين أما أصحاب القلم فحدث ولا حرج وكأن هناك إنتقام شخصي من كل مفكر حر أو صاحب رأي.
الثورة المضادة صارت عقيدة والحفاظ عليها، يعني سفك الدماء غرف أمنية وتنسيقيات ولجان عليا، والشعب حيران هل نحن فعلاً شعب ثائر، أم مجيد للمصطلحات بلادي كل شيء صار يخضع للامنطق تداخلت الفصول الأربعة، لدرجة أننا اهملناحسابها.
عندما يمسك بالقلم جاهل وبالبندقية مجرم وبالسلطة خائن يتحول الوطن إلى غابة لا تصلح لحياة البشر.
إقرأ أيضاً: الذاكرة الوطنية ونزعة الأسد والمتطرفين التدميرية
[…] إقرأ أيضاً : ممنوع الفرح على السوريين […]