الذاكرة الوطنية ونزعة الأسد والمتطرفين التدميرية

الذاكرة الوطنية ونزعة الأسد والمتطرفين التدميرية

[ بقلم : د . محمد حاج بكري ]

إنطلاقا من واقع سوريا المرير والمفتوح على كل إحتمالات الألم والبؤس والشقاء نعيش النزوة التدميرية التي تريد أن تمحو ذاكرتنا الوطنية وإن لم نستجمع يقظة حقيقية نسترشد بها بتاريخنا ووحدتنا وتضامننا بهدف رفع سوية وعي الشعب السوري وإرسال رسالة مضمونها القوة في الرفض للا قيم واللا وطنية واللا تاريخ واللا التجانس الأسدي واللا تطرف الذي من شأنه أن يلغي سوريا وسيادتها وحضارتها وعيش شعبها المشترك وقدرتها على تحدي الويلات.

سوريا اليوم تقف على أرض ملأى بالإحتلالات تدعي الشرعية لمن لا شرعية له ولا أصل ينسبه إليها و تناقضات مدمرة حالت بينها وبين ماض عريق يذخر بالأمجاد والبطولات والرجال العظام اللذين يصموا بصمتهم في أمجادها السابقة

شعارات الأسد وعائلته وشعارات المتطرفين حرب حقيقية على ذاكرتنا الوطنية وهي لم تمارس على الواقع فقط بل إمتدت إلى تاريخ مجيد لفقده مصداقيته وربطه بخمسين عاما من الذل والهوان والفساد والقتل
اليوم حرب الأسد على شعبه مع تهافت نزوة التدمير أدت إلى إنهيار القيم الوطنية والمؤسسات وتاريخ يبكي على الحاضر الذي نعيشه وكأن سلطته امتدت على الدولة السورية والشعب لتحتوي القيم والروابط التي صنعت ذاكرة وطن لتقويضها باتجاه شخص واحد أنهى ذاكرتنا الوطنية بتراكمات حكم مدجج بكل الأسلحة وبرعاية الموساد الإسرائيلي ليحول سوريا إلى بقعة جغرافية معارضيه فيها جراثيم وفيها خيرات وثروات يهدف إلى إغتنامها او تهريبها أو تسخيرها لحمايته وحماية عرشه وشراء السكوت عن مجازره وبطشه.

طيلة خمسة عقود وضعت أجيال سوريا المتعاقبة أصابعها في شقوق الثغرة بين شعارات واقعها فسقطت الحرية والكرامة والعدالة في وحل الأمن والمخابرات والذل والمهانة وسقطت كرامتها وحضورها في المحافل الدولية والأقليمية وسقطت هيبة الدولة ومؤسساتها في براثين الفساد والطمع القاتل في صناعة ثروات خيالية وتم التزاوج بين أمراء الموت والقتل وأمراء الفساد فكلاهما يكمل الأخر ولهما نفس المهمة لإخراج سوريا وشعبها من دائرة التطور والتقدم والحضارة .

هذه الإزدواجية هي الفجوة الحقيقية التي أسقطت اكذوبة الشعارات والمثل والقيم التي إشاعها الأسد واذا تابعنا تطورات فترة حكم هذه العائلة على مخيلة السوريين فهو يعتبر متوسط أعمار جيل المحنة اليوم وهو تاريخ الميلاد المشؤوم لهذا الجنون في الأحداث والتي فاجئت السوري وهو يحبو على برك الدماء وجحيم النيران تحت رايات مختلفة ويرى حربا تشن على قيمه ووطنيته ومنظومة تربيته تتكفل فيها أنظمة المكر الصفوي الإيراني.

يجد السوري اليوم نفسه في العراء المطلق ما بين مجازر وحشية أرتكبها الأسد وجحيم أزمة اقتصادية خانقة طالت مختلف قطاعاته وفراغ فكري أحدثته الدكتاتورية والشمولية ومن هنا كان الخلاف الكبير بين سياسة داخلية مفروضة أسديا ومدعومة خارجيا وبقية الشعب المغلوب على أمره وهو حوار الذاكرة الوطنية والهوية السورية الأصيلة على ضوء المستجدات التي نعيشها لأن سلطة الأسد المتعطشة للدم السوري اغتالت الحوار الضروري بين العناصر التي تشكل حماية الديمقراطية بينما المتغيرات التي غرسها الأسد والمدعومة لا تزال تشكل مخيلة السوري ومن شأنه الأضافة والتعديل والحذف بذاكرته الوطنية لتتناسق مع ذاكرة الأسد او نحرق البلد وتسير مع النزوة التدميرية بغية ترحيل تاريخ سوريا.

النزوة التدميرية للأسد التي تسعى لتدمير ذاكرة السوريين تلتقي أيديولوجيا مع كل المتأسلمين ولا تتمثل في القمع والبطش وإفقار الشعب فقط انما بذاكرة وهوية مثقوبة ومشوشة صاغتها دكتاتورية الحكم والتسلط التي لم تقبل الحوار والنقد أبدا واليوم نحن نحتاج ذاكرتنا الوطنية كقوى حيوية قادرة على الجمع بين التناقضات التي نعيشها ولم شتات هذا البلد الذي أنهكته حرب الأسد على الشعب السوري وإعادة لحمة التمزقات والأصطفاف صفا واحدا ولملمة الجواهر التي صنعت المعدن الثمين وهو سوريا.

هذا حالنا اليوم فالفساد أصبح عاما والموت أصبح عاديا وإن عدنا إلى رشدنا وتسلحنا بوطنيتنا وسوريتنا سيكون هناك حل وإنفراج فأخر الليل لا بد من النهار فهناك في الأفق على الدوام فجر وربيع أخضر وإن لم نفهم ونعي الواقع الذي نعيشه اليوم سيتوجب علينا الأنتظار المؤلم للخلاص مع زيادة شدة المعاناة ومن لم يعشق سوريا ويضحي في سبيلها سيتبخر وسيندثر.

إقرأ أيضاً: مدارس تخريج “الواقعيين” ونبذ الحالمين [بقلم : أ. أيمن أبو هاشم ]

تعليق 1
  1. […] إقرأ أيضاً: الذاكرة الوطنية ونزعة الأسد والمتطرفين التدميرية […]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.