نهاية بابا نويل

كانت صدمة بابا نويل كبيرة حين فتح البريد الذي استلمه من سوريا، كانت رسائل النساء والرجال تحمل أمنيات غريبة، أن تأتي الكهرباء نصف ساعة في النهار! أن يتم تأتي رسالة البطاقة الذكية لابلاغ العائلة بضرورة استلام جرة الغاز كل شهرين! أن يكون لكل مواطن رغيف خبز في النهار، رغيف طري نظيف ودافىء!
وحين فتح بابا نويل رسائل الأطفال كانت صدمته مضاعفة، طلب طفل أن يذهب للمدرسة، وطلب آخر أن يكون لديه حذاء، وطلب طفل آخر أن يتوفر الدواء لعلاج والدته!
نظر بابا نويل إلى الظرف وتأكد أن العنوان هو عنوانه، وليس عنوان رئاسة مجلس الوزراء أو مجلس الشعب أو قصر الشعب، زاد استغرابه، وقرر أنه سيوصل مطالب هؤلاء الناس إلى الجهة التي انتخبوها والموكلة بتأمين أبسط حقوقهم لهم!
جهز بابا نويل عربته وأسرج على الرنة الأعنة، وطار صوب الحدود اللبنانية ولم ينس هدايا الصغار والكبار التي يطلبها منه كل الناس، وزاد عليها بعض الشيء من أجل السوريين فقد كان يتابع الأخبار ويرغب بأن يفرح قلوبهم.
سمحوا له بالدخول على الحدود، ومع أول حاجز طلب منه الجنود هويته وقبل أن يرف له جفن كانوا قد صادروا الهدايا كلها، وأخذوا الرنة لعشاء المعلم هذا المساء!
قالوا له: رح نسمحلك تدخل بس لازم تحط العلم السوري!
كان بابا نويل مستعدا لأي تضحية من أجل تحقيق أماني السوريين، فوافق دون تفكير.
من الحدود اللبنانية في المصنع وحتى دمشق، كان بابا نويل قد دفع رشاوى كل ما معه من نقود، ولم يتبق له سوى عربته وبزته الحمراء!
طلب مقابلة الرئيس بكل شجاعته ، فأخبروه بأنه يتوجب عليه اتباع البروتوكول قبل ذلك والمرور عبر تقديم طلب لوزارة الداخلية، وبعد ذلك تجتمع لجنة ثلاثية من وزارة الداخلية والخارجية والسياحة لدراسة طلبه ، وطلبوا منه أن يضع على الطلب طابع مجهود حربي، وطابع لمكافحة السل، وطابعا لتشجيع السياحة!
باع بابا نويل عربته وبزته في سوق الحرامية، وظل بملابسه الداخلية يرتجف من البرد!
مرت سنوات وبابا نويل ينتظر اللقاء الموعود، ومن لجنة إلى لجنة، راسل الأمم المتحدة للتدخل تسييرا لمهمته، فكان الفيتو المزدوج الروسي والصيني بانتظاره.
والآن ، في سوريا لن ترى بابا نويل ولن تسمع باسمه، ولا أحد ينتظر هداياه، كان حلما، لم يعرف أحد أين ذهب، سوى المخابرات الجوية، التي تعلم أنه نزيل في مستشفى الأمراض العقلية منذ أشهر، وربما مات، وربما لا، لا أحد يهتم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.