متغيرات دولية وإقليمية ستترك أثرها على الثورة السورية

لا ينكر أحد البعد الدولي او تدويل المسالة السورية قد تم باكرا واولى خطوات هذا التدويل هو بيان جنيف 1  بحزيران من العام 2012  وما اعقبه من قرارات دولية 2118 و2254…وكل المسارات التي حصلت واهمها مسار جنيف ولن يكون آخرها اللجنة الدستورية
هذه اللجنة الدستورية العتيدة والتي اختزل بها مسار الحل السياسي والتي اخيرا قال عنها المبعوث الدائم الفرنسي انها مزحة..فلايعقل ان بلدا تتواجد به خمسة جيوش اجنبية وبؤرة صراع اقليمي ودولي (ناهيك عن الصراعات المحلية) ثم يكون اجتراح حلول ذلك الاشتباك هو لجنة دستورية تقوم باعداد دستور يتطلب موافقة سلطة امر واقع بدمشق لاتؤمن باي دستور ولاتطبق او تحترم دساتيرها التي سنتها بدءا من بدايات عهد المقبور
لذلك فان مستقبل اي حل يتيح انهاء المعاناة السورية والمتمثلة اساسا بالنظام الارهابي القابع في دمشق سيكون مرتبطا بالتوافقات الاقليمية والدولية والتي قد تنتج توافقات محلية او الرضوخ للارادة الدولية بتطبيق مخرجات القرار الدولي 2254..
وقد بدأت منذ العام الماضي واستمرت هذا العام ثلاث متغيرات اقليمية ودولية لابد لها ان تترك آثارها على الملف السوري وهي:
1— مصالحةعربية عربية …وعربية تركية
لاشك ان ترتيب البيت الخليجي وانهاء الخلاف القطري مع الدول الاربعة الفاعلة بالمنطقة عموما وبالملف السوري لها حضورها(مصر..السعودية…الامارات ..البحرين) ثم الانفتاح التركي على مصر والسعودية والامارات ..والذي قطع المراحل الشاقة وسيثمر قريبا على الارض السورية ..هذا التوافق بين دول مجلس التعاون ومصر وتركيا سيشكل قوة وازنة وفاعلة الى جانب الثورة السورية بمواجهة المحور الايراني الروسي الداعم للنظام…
نعلم جميعا ان الخلافات بين القوى الداعمة للثورة السورية كانت تصل في بعض الاحيان الى اقتتال فصائلي…وسياسيا تم انشاء العديد من المنصات المحسوبة على المعارضة السورية والتي هي لاتزيد عن كونها اجندة الدول الداعمة لها…
وانعكس التنافس او الصراع العربي العربي والعربي التركي سلبا على كل مؤسسات المعارضة الرسمية واثر كثيرا على سمعتها في الخارج وقد لحظنا ذلك بضعف الاهتمام الدولي بها .واغلاق كثير من الابواب التي كانت تفتح بها بل يستقبل البعض من قادتها على السجادة الحمراء وكرؤساء الدول.
اعتقد ان هذا التقارب الذي حصل بالدول المحسوبة على دعم الثورة او المطالب السورية بالتحرر من الاستبداد سينعكس ايجابا على اعادة هيكلة المعارضة الرسمية وضخ دماء جديدة بعروقها واستئصال الفاسدين او المترهلين منها…ودعمها او الدفع بها باهم المحافل الدولية كممثل شرعي للثورة السورية
2–تزايد إحتمالات توقيع إتفاق نووي جدبد
تتزايد المؤشرات لقرب التوصل لتوفيع اتفاق نووي جديد وقد لايتعدى ذلك منتصف شهر اذار القادم…وبنتيجته ستحصل ايران على المليارات المجمدة بالتدريج..وهنا امامها احتمالان:
الاول: استغلال تلك الاموال بالانفاق على اذرعها المنتشرة بالمنطقة وزيادة الاعمال العدائية اتجاه جوارها العربي وتعزيز امكاناتها الصاروخية و طائراتها المسيرة ..كاستنساخ الحالة التي جرت بعد توقيع الاتفاق الاول بعام 2015 .

الثاني : ان تتجه قيادة نظام الملالي الى محاولة التهدئة مع المحيط الذي يتقارب مع بعضه ويتجاوز عن خلافاته في سبيل الحد من طموحها .خاصة بعد الخسائر الهائلة التي منيت بها باليمن والعراق ولبنان وبقاء النظام السوري بحالة موت سريري..والاتجاه الى احياء المحادثات مع المملكة العربية السعودية بعقد الجولة الخامسة والاستفادة من الاموال بانفاق النسبة الاعظم منها على اصلاح البنية الاقتصادية المتهالكة بالداخل والذي يعاني من هدوء يسبق عاصفة قد تكون اقوى من الثورة الخضراء 2009..او الاحتحاجات المتتالية التي تشهدها ايران سنويا…
وقد ابدى رئيس نظام الملالي رغبة بذلك خلال زيارته للدوحة واعرب عن امله بعقد اتفاقي تعاون مع بقية الجوار
ومن الممكن ان تسحب ايران اجزاء مهمة من ميليشياتها العسكرية من سورية ليس بفعل الضربات الاسرائيلية بل استجابة لضغوط عربية وغربية كعربون عن محاولة تقديم نفسها كدولة ترغب بمعالحة الملف الاقليمي مع دول الاقليم وليس (كما يقال) بربطه بالملف النووي…ولكن لايتوقع ان يتاثر تمسكها ودعمها للنظام السوري واستمرار مشروعها المدتي بالقوى الناعمة..مع الضغط على النظام لتليبن كثير من مواقفه
3–انعكاسات الازمة الاوكرانية على الملف السوري
لازالت الازمة الاوكرانية في بدايات التصعيد الحقيقي..بعد ان قطعت اطراف الصراع اشواطا لايمكن لها التراجع عنها..وبالتالي لايمكن التكهن بنتائجها او انعكاثاتها ولازال الوقت مبكرا لذلك..
الا انه وفي العناوين الكبرى..ان انشغال العدو الاكبر للشعب السوري والداعم الاكبر للنظام السوري بجبهة او معركة دولية سوف تستنزف كثيرا من قدراته التي كان يستعمل بعضا منها بسورية…
ان مواجهة الغرب لروسيا ككتلة واحدة وبدء فرضه لعقوبات خطيرة ستصل الى حدود غير مسبوقة (كما يردد منذ اشهر الرئيس الامريكي وغيره من زعماء الناتو) وستطال هذه العقوبات قطاع الطاقة والسلاح والذي يشكل ثلثي الاقتصاد الروسي ..سوف يؤدي ذلك لمصاعب جمة تواجه دب الكرملين الاخطر انفجار ربيع روسي متذمرا من سوء الحالة الاقتصادية والمعيشية ولا يعرف مدى انتشار تلك الاحتجاجات والتي قد تكون اقوى واوسع من الاحتجاجات الاخيرة التي قادها المعارض نافالني القابع في السجون الروسية الان…اذ ان القبضة الامتية القوية ليست حلا مثاليا ينجح دائما خاصة في ظل عقوبات خانقة وعدو خارجي داعم لنلك الاحتجاجات…
ان دعم النظام السوري للاجراءات الاخيرة التي اقدم عليها النظام السوري لاقيمة لها الا انها بالمقابل قد تودي باخر الامال العربية والغربية التي مازالت تفكر بتطبيع مع النظام إذ انه سيتم حسابه كاحد الاذرع الروسية المتعفنة والواجب بترها…
لايسعنا الا التاكيد على ان ضعف الرئيس الروسي (السياسي والاقتصادي)سينعكس على الاتباع الذين يستنشقون الاوكسجين الروسي.
في ظل هذه المتغيرات الثلاثة من الواجب على الثورة السورية ترميم بيتها الداخلي وافراز فيادة يثق بها جمهور الثورة اولا.. ويتم فرضها على الدول الحليفة كممثل شرعي وشعبي لجمهور الثورة السورية..ونأمل ان يتم ذلك بسرعة بل بالسرعة القصوى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.