سورية / اوكرانيا : خيال سياسي .. قد يصيب !

يمكن ادراج هذا النص الذي احاول فيه قراءة الترابط بين الملفين الروسيين في سوريا واوكرانيا تحت قوس (الخيال السياسي ) في هذه الاونة التي حولتها الة الدعاية العملاقة الى مايشبه العرض السينمائي الاجباري لفيلم روسي ممل تكثر فيه الجعجعة ويقل فيه الطحين .
فجأة وبلا مقدمات تستيقظ صحافة النظام في دمشق من نومها العميق في ( عسل الانتصار على المؤامرة الكونية ) تستيقظ على وقع ( القرار التاريخي !) برفض القائد فلاديمير بوتين لفكرة الصفقة مع الولايات المتحدة والتي تعرض فيها واشنطن / حسب زعم هذه الصحافة / اطلاق يد بوتين في اوكرانيا مقابل الخروج من سورية ! واللافت في الامر هو دخول صحيفة الشرق الاوسط السعودية العربية اللندنية ( الرصينة ) لتكمل على طريقتها تسويق هذه الفكرة .
لا لوم طبعا فهناك صداقات بين بعض العاملين في الصحيفة وبعض المسؤولين في دمشق وللصداقات في عالم الصحافة العربية دور كبير يبدأ في التسويق ولا ينتهي بالابتذال !
والترحيب والتسريب بشدة ومن ثم الدفع لاشراك صحافة وازنة في عملية التسويق للترحيب بها هي براهين اكيدة على قلق دمشق الكبير من صفقة يتم التداول بشأنها في الكواليس ، صفقة قد تخلط الاوراق من جديد وتحول الاحتفال ب( النصر على المؤامرة الكونية ) الى احتفال وداعي للرفاق الروس وهم يعلنون انهم ( انجزوا المهمة ) .
ثمة الآن اسئلة تنبع من تلك التسريبات : لماذا يعرض الامريكان على الروس ابتلاع اوكرانيا من اجل ترك سورية ؟
ولماذا يرفض بوتين هكذا صفقة ؟
وماقيمة الوجود الروسي في سورية المدمرة مقابل ابتلاع اوكرانيا المعمرة وهي بلد بحجم فرنسا مساحة وعدد السكان مع تاريخ مثقل بالاحداث والنزاعات والملفات الشائكة وحساسيات ما يسمى ب (الامن القومي الروسي ) ؟
لماذا يريد ناظر البيت الابيض ان يتمدد ناظر الكرملين الى وسط اوربا التي حولتها السياسات ( الغبية ) من دول ذات وزن الى قطط من كرتون بلا انياب او اظافر ؟
سنكتفي بهذا القدر من الأسئلة التي تحمل اجاباتها في داخلها ونذهب قليلا في الخيال السياسي الى الضفة الاخرى ونسأل : ماذا لو كان العكس ؟
لماذا لايكون الرفيق بوتين هو الذي عرض الصفقة وارسل رئيس جهاز الحرب الروسي وزير الدفاع شويغو الى سورية لرفع سعر بضاعته المعروضة للتبادل من خلال عرض عسكري وصفته دمشق ب ( المبهر )؟
لماذا لايكون الكرملين هو من فكر باعطاء البيت الابيض ( رشوة بحجم بلد ) لضمان موافقته على التمدد في تلك السهول المدهشة في اوكرانيا والتي تعطي غلالا اقتصادية لا تقدر بثمن فضلا عن المكاسب المعنوية التي لاتفارق عقل ( المتنمر ) بوتين وهو ينتشر وسط اوربا ؟
الفكرة من شرفة ( الخيال السياسي الذي قد يصيب ! ) هي ان بوتين يعرض نظام دمشق للبيع مقابل غض الطرف الامريكي عن ابتلاع اوكرانيا ولكن يبدو ان الإدارة الامريكية غير مهتمة بهذا العرض . . غير مهتمة حتى الان !
و( حتى ) هنا تحتل موقعا مميزا في ممرات فهم الذي جرى والذي لا يزال يجري .
ومن واقع الخبرة يمكن الجزم ان افضل طريقة لفهم ما تريده دمشق هو قراءة تسريباتها الصحفية معكوسة !
فاذا قالت ان بوتين رفض الصفقة الامريكية فهذا يعني ان الصفقة روسية المصدر وانها لا تزال مطروحة وان البازار لا يزال مفتوحا وكل ماقاله الرفيق شويغو ( دون ان يقوله طبعا ) هو ان على الاخرين ان يتكيفوا مع مزاج السيد بوتين .

يتبع // جزء ثان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.