ضربات الولايات المتحدة لإيران هل ثمة قواعد اشتباك جديدة

اذا هي ضربات الولايات المتحدة ابتدأت و لم تعد مجرد تهديدات توجه لإيران وميليشياتها، تضرب مواقع تلك الميليشيات في سوريا والعراق واليمن، يسقط العشرات منها بين قتيل وجريح، تنفي إيران ضلوعها في الهجوم على القاعدة الأمريكية في الأردن و تترك ميليشياتها قربانا تضحي بها كما فعلت مع فصائل فلسطينية في غزة, اما صفحة رئاسة الجمهورية السورية فلا يعنيها الأمر فلا تشير الى الخبر لا من قريب ولا بعيد.
يبرز السؤال هل نحن أمام مفصل جديد في العلاقة الامريكية الإيرانية؟ وهل العلاقة الإيرانية الأمريكية انتقلت من مرحلة التخادم الى مرحلة التصادم وهل نحن امام قواعد اشتباك جديدة غير المتفق عليها بين الطرفين؟
رغم اننا لا نعرف متى ستنتهي هذه الضربات والتي يبدو انها ستكون موجات من ضرب وانتظار ردود الفعل ثم تصعيد وانتظار, لكن التصعيد الأمريكي الأخير يبدو مضبوطا فقد تم التحدث عن الضربة القادمة منذ عدة أيام ,أعطى بايدن الفرصة للإيرانيين ليسحبوا قادتهم الكبار وكذلك الأسلحة النوعية من تلك المواقع ,رغبة بتقليل الخسائر الإيرانية خسرت الولايات المتحدة بذلك عنصر المفاجأة في الرد على الهجوم, يدخل ذلك ضمن سياق الخطوط الأساسية لاستراتيجية الولايات المتحدة تجاه ايران والتي لا تعاملها الولايات المتحدة كدولة مارقة راعية للإرهاب, دولة تثير الاضطرابات في مناطق عديدة من العالم ,تهدد خطوط التجارة العالمية, فالولايات المتحدة هي من سمح لإيران بالتدخل في المنطقة وإثارة الاضطرابات فيها ولتكون ذراعا لتنفيذ استراتيجية الفوضى الخلاقة بها و لنتذكر أيضا ان من يحكم الولايات المتحدة حاليا هم الديمقراطيون الذين كان لهم دور كبير في ادخال ايران الى العراق واليمن وسوريا ولبنان و ان بايدن كان نائبا لأوباما الذي لا تزال المنطقة تعيش تداعيات سياساته السوداء تجاه المنطقة,خاصة بما يتعلق بالملف السوري, يخبرنا بندر بن سلطان الرئيس السابق للمخابرات السعودية في مقابلته له مع لوفيغارو ان التدخل الإيراني والروسي في سوريا لم يكن ليحصل لولا الضوء الأخضر الأمريكي ,لكن من المؤكد رغم ذلك ان لإيران حدودا لا يجوز ان تتجاوزها والا سوف تؤدب عبر الضربات الإسرائيلية لقادتها وميليشياتها في المنطقة كي تعود الى حجمها المفترض ,دون ان يصل الامر الى تصعيد يؤدي الى نشوب حرب مع ايران .

في العودة الى الضربات الأمريكية نتذكر ان اكثر من مائة وست وعشرون ضربة اصابت المواقع الأمريكية منذ السابع من أكتوبر الماضي في شبه صمت امريكي مريب،يبدوا ان ذلك اثار حفيظة البنتاغون ,اعتبر ذلك كسرا للهيبة الامريكية واهانة لكرامة الجيش الأمريكي خلافا لبايدن الذي لا يرغب بمحاربة الإيرانيين ,بل ان جل اهتمامه هو الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة.
من المحتمل ان تكون الضربة التي اصابت الموقع الأمريكي في الأردن قد خطط لها من البنتاغون بأن لا يتم التصدي للمسيرة التي هاجمت القاعدة كي يؤدب البنتاغون الإيرانيين ,ربما كان ذلك بضغط من الجمهوريين وربما لإعطاء الذريعة لتنفيذ الاستراتيجية التي بدئت في سبتمبر الماضي في قطع الحزام (الكاردور)الإيراني الممتد عبر الحدود السورية العراقية والذي يغذي النظام بالسلاح و الميليشيات الطائفية بالتالي يعتبر قطع هذا الشريان أمراً أساسياً في محاصرة الوجود الإيراني في سوريا وإضعافه.
لكن المشهد لا يمكن الحكم عليه دون تذكر الدور الإسرائيلي والذي لا ينسجم عموما مع مواقف ادرة بايدن فالكيان الإسرائيلي لن يقبل ان يوضع مرة أخرى على حافة الهاوية ,فقد أدت عملية طوفان الأقصى وحرب غزة إلى تشكل قناعات لدى الكثير من الإسرائيليين أن إسرائيل لم تعد دولة آمنة ولم يعد يتوفر فيها عناصر الاستقرار ومبررات البقاء والمستقبل المنشود .
يقول حسين مرتضى بوق حزب اللات منذ أيام في لحظة حماس ثوري مقاومي ان سوريا شريكة في كل صاروخ يطلق باتجاه المستوطنات الإسرائيلية من لبنان ومن سوريا وان القواعد الأمريكية التي ضربت مؤخرا تمت من مواقع تحت سيطرة الدولة السورية وبموافقة منها وأنها جاءت من مواقع من أراضي الدولة السورية.
ماذا بعد؟
من المتوقع بعد انتهاء حرب غزة ان تبدأ الضربات الإسرائيلية لمواقع جيش النظام و للميليشيات الشيعية المتواجدة ضمن الجبهات الرخوة سوريا ولبنان بالتالي سيهرب نتنياهو الى تلك الحرب ,فهو لن يستطيع تحقيق أهدافه في حرب غزة عبر انجاز ترانسفير للفلسطينيين الى مصر والأردن كما خطط قبل اجتياح غزة و نظراً للتحالف الذي يربط هذا الكيان مع الولايات المتحدة فالتحديات الأمنية الكبيرة التي يواجهها الكيان الإسرائيلي سوف تعتبر حكماً تحديات للولايات المتحدة, حيث من المتوقع أن تعمل الولايات المتحدة في القادم على بناء ترتيبات أمنية جديدة في المنطقة، بهدف التعامل مع تلك التحديات .
اما الأسد فينزوي في مخبئه، لم يظهر على الشاشات منذ ديسمبر الماضي الا عبر بيانات خجولة يبتعد بها عن الخوض بما يحدث في غزة او ادانته.
يبدو ان دور الأسد قد انتهى فلم يعد قادرا أداء مهمته في حماية الحدود الإسرائيلية لذلك من المتوقع ان يتدحرج رأسه قريبا او ينفى الى مجاهل الأرض البعيدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.