الإتفاق النووي: رفع الحرس الثوري من لوائح الإرهاب ….أم العودة للعقوبات القصوى “سناب باك”؟؟؟

يبدو اننا سنردد كثيرا ان مابعد الغزو الروسي لاوكرانيا ليس كما قبله..يمكننا اعتبار ان العالم لم يشهد حدثا جللا هز النظام الدولي كله بعد سقوط الاتحاد السوفييتي ..كالذي حدث اعتبارا من 22 شباط 2022 ليلة خطاب بوتين اثناء اعترافه بانفصال جمهوريتي الدونباس عن اوكرانيا..كانت لحظة فارقة اعقبها بعد يومين اجتياح قواته للحدود الاوكرانية
كان العالم (ومنطقة الشرق الاوسط خاصة) تستعد لمتابعة حفل توقيع الاتفاق النووي الجديد بين ايران والمجموعة الدولية 5+1..والذي تم تحديد موعده في 13 آذار 2022..بعد ان حجبت سحب الدخان الابيض المتصاعد من اجتماعات الوفود بفيينا كل الانظار القلقة والتي كانت تمني النفس بتعثر التوصل لهكذا اتفاق وخاصة الدول العربية القلقة والمتوجسة من عصر من التخادم الامريكي الإيراني مشابه لفترة التخادم التي اعقبت الاتفاق السابق بصيف 2015..اذ رسخٌت ايران وجودها وتمددت الى ان باتت تسيطر على القرار السياسي لاربعة عواصم عربية + غزة
كانت العزيمة البايدينية(نسبة للرئيس بايدن) قوية لدرجة ان العودة للاتفاق النووي كان احد وعودها الانتخابية وبالتالي تم تعيبن معظم افراد الفريق المفاوض باتفاق 2015 بمواقع مؤثرة بالادارة الديمقراطية الجديدة إضافة لتولي فريق مفاوض امريكي هو نفسه تقريبا الذي انجز الاتفاق السابق
تلك المفاوضات والتي استمرت قرابة العام وتوقفت لفترة وجيزة بصيف العام الماضي اثناء انتقال الرئاسة الايرانية من روحاني الى رئيسي …
وكما يقرا المكتوب من عنوانه..قرا معارضوا الاتفاق من العرب المفاوضات الجارية بفيينا عندما رضخت الولايات المتحدة لشرط لاينبغي للدولة الاعظم بالعالم القبول به وهو رفض الفريق الايراني المفاوض حضور الطرف الامريكي ضمن الوفود بل الجلوس بمكان آخر بمعنى حصول مفاوضات غير مباشرة معه عقابا له على خروجه من الاتفاق السابق على يد الرئيس السابق دونالد ترامب
وكانت الهدايا الامريكية بل الضعف الامريكي بمواجهة العربدة الايرانية بادية ولايحتاج تفسيرها لكثير عناء…من رفع الحوثي عن لوائح الارهاب الى الادانات الباهتة والكلامية لقصف الميليشيات ذات التابعية للحرس الثوري الى المملكة العربية السعودية وأبوظبي..مرورا باعلان الموافقة الامريكية على تزويد لبنان بالغاز المصري عبر الاراضي التي يسبطر عليها النظام السوري واعفاء ذلك من عقوبات قانون قيصر…وليس آخرها عدم الرد على الاستفزازات الايرانية الموجهة اصلا للقواعد الامريكية وليس للحلفاء ومنها قصف قاعدة التنف (اهم قاعدة امريكية بسورية) واحتفاظ الولايات المتحدة بحق الرد..وكان غض النظر الامريكي عن كميات النفط الايراني المسموح تصديرها تكاد تلامس طاقة ايران القصوى الانتاجية..فبعد ان كانت 200 الف برميل باليوم..ارتفعت بالعام الاول لوصول الادارة الديمقراطية الى مايقارب المليوني برميل يوميا
ولقد اكتشفنا لاحقا ان كل التفاصيل الفنية وحتى السياسية كانت منجزة ومتوافق عليها ومن يؤخر التوقيع (كما قال الايرانيون فيما بعد) الجانب الروسي لغاية في نفس بوتين كما يقولون وبححة تحصيل او انتزاع تنازلات امريكية وغربية اكثر للطرف الايراني لان المفاوضات في فيبنا اعتبارا من شهر نوفمبر 2021 كانت تجري على وقع الحشود الروسية العسكرية الهائلة على الحدود الاوكرانية ..وشد الانتباه الامريكي الى الجبهة الاوربية إضافة الى الجبهة التي دشنتها الولايات المتحدة وبريطانية واستراليا بمواجهة الصين في المحيط الهادي عبر تحالف أوكوس
إقتنع الإيرانيون ان الولايات المتحدة جادة بالانتهاء من المشكلة مع ايران والتفرغ لمن هو اكبر منها روسيا والصين..شريكاها في تحدي النظام الدولي الذي تقوده المجموعة الغربية..لكن الرئيس الروسي كان يضمر شيئا آخر وهو بدء غزوه للاراضي الاوكرانية قبل توقيع الاتفاق لابقائه بيده ورقة تفاوض يساوم بها امريكا وحلفاءها…وحدث ما اراده بوتين وقع الغزو الروسي لاوكرانيا قبل ايام من توقيع الاتفاق النووي .

الأسباب الأمريكية (والاوربية ايضا) لعدم إنجاز الاتفاق النووي

بدا يتوضح للعالم بعد الاسبوع الاول من الغزو الروسي لاوكرانيا ان حربا عالمية ثالثة تدور رحاها الان وليست اوكرانيا الا ارض المعركة العسكرية ..والمعارك الاخرى بقيادة الناتو جارية على قدم وساق ..معركة إقتصادية ومعركة قضائية ومعركة اعلامية ومعركة دبلوماسية ..كل تلك المعارك تجري تحت الخطاب السياسي الواحد والواضح من الغرب وهو هزيمة روسيا في هذه الحرب وابقاء النظام الدولي القائم حاليا ومعاقبة من يتحداه ..
لايمكننا اعتبار إيران حليفة لروسيا او الصين ولكنها شريكة لهما في تحدي النظام الدولي القائم حاليا ..ولابد من هزيمة روسيا وانذار الصين وكبح جموح ايران لضمان استقرار واستمرار القطبية الامريكية الاحادية في العالم..هذا يمكننا اعتباره من الغايات الاستراتيجية لعدم ابرام الاتفاق النووي ولعل الاسباب المباشرة التي ادت اليه يمكن تلخيصها بالتالي:

  • عدم رغبة الولايات المتحدة بعد الغزو الروسي بشق الاجماع النادر الحدوث بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري..اذ ان الجمهوريين (وعلى كافة مستوياتهم) اعربوا عن عدم رضاهم على التوصل لهكذا اتفاق خرجوا منه قبل عامين وهم يتصورون ان نقاط بومبيو ال12 هي الطريقة الأنجع للتعامل مع ايران.
  • عدم استجابة الادارة الامريكية للطلب الروسي باستثناء روسية من العقوبات الغربية للتجارة مع ايران كشرط لضمان موافقة روسيةعليه..اذ ان وصول المليارات الايرانية المجمدة للخزينة الايرانية ستجد طريقا لها الى الخزينة الروسية وتخفف من اثر العقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي ..خاصة ان هناك عقودا وقعتها شركات روسية مع ايران بعشرات المليارات ترقبا لرفع العقوبات عن ايران منها عقد بقيمة 10 مليار دولار لتطوير وصيانة محطات نووية ايرانية وخاصة مفاعل بوشهر الروسي .
  • تفاجات الولايات المتحدة من سوء علاقة حلفاءها المفترضين بالمنطقة والساخطين على سياساتها..والذين لم تلتفت الولايات المتحدة لمخاوفهم بادراج الملفات (الاقليمية والصاروخية) ضمن الاتفاق النووي..وبالتالي كان موقفها بعدم الانسياق وراء الرغبات والمطالب الامريكية بادانة الغزو الروسي بالجمعية العامة او حتى زيادة ضخ النفط لكبح الاسعار او الاشتراك بالعقوبات الغربية على موسكو ..وهنا اقصد بالدول الحليفة للولايات المتحدة والساخطة على سياساتها اتجاه ايران والتي عقدت قمما متلاحقة من شرم الشيخ مرورا بالعقبة وانتهاءا بالنقب…إضافة الى الموقف التركي الواضح بعدم فرض عقوبات على روسيا واستضافة محادثات سلام بين البلدين اعتقد ان الاسباب الرئيسية لفشل الاتفاق النووي هي ما أشرت اليها وليس ما صدر حديثا من خلافات امريكية ايرانية على رفع الحرس الثوري الايراني او فيلق القدس على الاقل من لوائح الارهاب الامريكية..لان تلك التفاصيل منتهي البحث بها وكان الاتفاق منجزا وجاهزا للتوقيع وكانت العقوبات سترفع بالتدريج ولم يذكر اسم الحرس الثوري ..واظنها حجة امريكية لتعطيل الاتفاق او بالاحرى الرجوع الى نقاط بومبيو ال12 ومن المتوقع في القريب العاجل عودة الولايات المتحدة لالية *سناب باك* لفرض العقوبات الاممية على ايران والتي تباهت ادارة الرئيس السابق اوباما على تنصيصها باتفاق 2015 ضمن آلية تتيح تحاشي فيتو صيني روسي لعودة تلك العقوبات المفروضة بالقرار الاممي 2231…وهو تحت البند السابع…
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.