اثنا عشر عاما من المخيمات لماذا ,؟ السؤال الكبير

2023 يدخل العام الجديد على مخيمات النزوح في الشمال السوري يشعل النازحون الذين تعدى جموعهم المليون ونصف الشمعة الثانية عشر من عمر تلك المخيمات البائسة ، يسألني احدهم الى متى ؟ ,اجيبه بالصمت .

اصبح مشهد المخيمات في الشمال السوري ومعاناتهم من البرد والجوع والفقر مشهدا متكررا على القنوات المختلفة، لم يعد يثير التعاطف ولا حتى الانتباه ,كان لابد ان نسأل لماذا  اثنا عشر  عاما من المخيمات في الشمال السوري و لماذا لم يتم نقل النازحين الى مساكن تمنحهم قليلا من الكرامة المفقودة والخصوصية خاصة مع انسداد الأفق في الوصول الى حل سياسي وكان لابد ان نحاور العديد ونستطلع الآراء ونناقش السؤال لماذا المخيمات .

أول الآراء يقول بأن الايواء في تلك المخيمات موصى به من قبل مؤسسات الأمم المتحدة

في الرد على ذلك الرأي نقول عندما عودتنا إلى موقع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ,لاحظنا ان منطلقاتها لا تشجع إقامة المخيمات حيث ورد في موقع المفوضية بكل وضوح ما يلي :(لا تؤيد المفوضية بناء المخيمات لأننا نعتقد بأن وجود ترتيبات أخرى من شأنها أن توفر حياة طبيعية أكثر للأشخاص المجبرين على الفرار.) (1) وهذا يبطل الذريعة التي نسمعها مرارا ان الايواء في المخيمات موصى به من قبل الأمم المتحدة

ثاني تلك الآراء يقول بان إقامة مساكن النازحين بدل المخيمات يعتبر  لدى الأمم المتحدة  نوع من التغيير الديمغرافي وفي الرد على ذلك الرأي نقول لقد تبنى العديد من المنظمات الإنسانية هذه الرأي وعندما حاورنا العديد من مدراء تلك المنظمات العاملة في شمال سوريا و سؤالهم لماذا المخيمات بدل مساكن تحفظ الكرامة كان ردهم ان الأمم المتحدة لا توافق على إقامة مساكن للنازحين حيث تعتبر إقامة المساكن هو شكل من اشكال التغيير الديمغرافي عبر اعادة توطين للنازحين في غير ارضهم لذلك لا تزال منظمات الأمم المتحدة وداعمين من دول عربية يلحظون في مشاريعهم تزويد النازحين بالمخيمات أو استبدال الخيام المهترئة في المخيمات الحالية بدل إقامة المساكن التي تحفظ كرامة النازحين.(2)

في الرد على تلك الآراء نقول

أ-عندما  رجعنا إلى تعريف التغيير الديمغرافي نجد ان إقامة تلك المساكن ونقل النازحين من المخيمات اليها لا يدخل ضمن مفهوم التغيير الديمغرافي الذي يقول وفق القانون الدولي  (ان التغيير  الديمغرافي هو ذلك التحوّل الذي يطرأ على البنيان والقوام السكاني لرقعةٍ جغرافية، ناجماً عن فعلٍ أو أفعال إراديّة من قِبل جهةٍ ما تجاه أفراد أو مجموعات تفقد إرادتها في ذاك التحوّل)(3) بالتالي ان نقل النازحين من مخيمات الى مساكن ليس له علاقة بمفهوم التغيير الديمغرافي فهو تحول مؤقت في المكان و يتم بإرادة من النازحين و من المؤكد أنه من يتوفر لديه الإمكانية ليعود إلى بيته وأرضه لن يفضل مسكنا بسيطا من غرفة أو غرفتين بعيدا عن بيته و ارضه و بلده وجذوره  “ومن المؤكد ان المُهجّرين يُفضّلون الإقامة في خيمة تنصب في أرضهم وقراهم على قصر هنا”.

ب- في مناقشة ممانعة الأمم المتحدة لإقامة تلك المساكن بحجة التغيير الديمغرافي وجدنا دورا واضحا للأمم المتحدة في عمليات التغيير الديمغرافي التي جرت في أماكن عدة في سوريا وذلك عند تدخلها كوسيط في اخلاء حلب وداريا وفي الاتفاق الأول الذي افضى إلى إخلاء حمص القديمة و في اتفاق المدن الأربعة, اما دور الأمم المتحدة في إعادة التوطين , فهو سياسة علنية ترعاها مؤسسات الأمم المتحدة حيث تعمل على توزيع السوريين على دول العالم عبر مفوضية اللاجئين بينما رفض الفلسطينيين منذ نصف قرن التعاون مع هذه المؤسسة لان  إعادة التوطين ستعمل على تفتيت الشتات الفلسطيني وتقويض حقوقهم الوطنية الجماعية كشعب.(8)

ثالث تلك الآراء يقول بان إقامة تلك المساكن في مناطق عفرين شمال سوريا هو نوع من انواع التغيير الديمغرافي تجاه المكون الكردي  

لقد وجدنا ذلك الرأي لدى منظمات مثل منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في كتابها الى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي حيث دعت إلى اتخاذ مواقف صارمة تجاه محاولات التغيير الديموغرافي القسرية في عموم سوريا، بعد تدشين وزير الداخلية التركي سليمان صويلو مجمعاً سكنياً في ريف إدلب.(4)ونعتقد ان ضغط الولايات المتحدة على دول خليجية لوقف تمويل إقامة تلك المساكن هو استجابة لرأي قيادات كردية في ذلك و نعتقد ان ذلك تم بضغط من الولايات المتحدة  عبر  قرار مجلس التعاون الخليجي وقف تمويل اقامة تلك المساكن (9)

في الرد على ذلك الرأي نبين ان من غادر منطقة عفرين من المكون الكردي كان اغلبهم من المرتبطين بحزب ال ب .ك.ك  الإرهابي و المتعاطفين و المتعاونين معه من الذين رافقوه بالانسحاب من عفرين عند تحريرها من سيطرته و نعتقد ان تراجع نسبة المكون الكردي حاليا في منطقة عفرين ناجم عن انتقال كتلة كبيرة من المهجرين قسريا نزحت للمنطقة وقد تم تهجيرها من قبل النظام السوري قسريا من مناطق دمشق وريفها ومناطق غيرها و أدى هذا التهجير الى تمديد الكتلة العربية ضمن المدينة لكن هذا التغيير يقع مسؤولية حدوثه على النظام وحلفاءه  بسبب سياسات التهجير القسري التي قام بها النظام .( 5)

رابع تلك الآراء يقول بأن إقامة تلك المساكن يجب ان تؤجل لما بعد الحل السياسي في سوريا

في الرد على ذلك الرأي نقول ان اثنا عشر عاما مضت والسوريون ومنهم النازحون الى المخيمات لازالوا بانتظار هذا الحل السياسي الذي ربما يخطط له ان لا يأتي فكيف يترك النازحين في تلك المخيمات اكثر من عقد من الزمن وهم في اشد المعاناة وكان بالإمكان تخفيف تلك المعاناة بشكل كبير لو تم انشاء مساكن جاهزة .

خامس تلك الآراء يقول بأن المخيمات تعد وسيلة لاستجلاب التعاطف الدولي

 -ينطلق أصحاب هذا الرأي من ان وجود المخيمات في المنطقة سيحفز المجتمع الدولي على التعاطف الدولي مع السوريين النازحين الى المخيمات بما يشاهدوا من مشاهد تدمي القلب على القنوات وان هذا سوف يدفع باتجاه إيجاد حل للقضية السورية وذلك بما تبديه هذه المخيمات من صور المأساة التي قد تثير تعاطف العالم مما أدى الى الاستمرار في إقامة المخيمات بدل إقامة مساكن ولو كانت بسيطة.

في الرد على ذلك الرأي نقول إذا كانت مشاهد القتل والقصف بكل أنواع السلاح وحتى الكيماوي وما رافق ذلك من تهجير  لملايين السوريين لم تجلب تعاطف المجتمع الدولي فهل ستجلب مشاهد المخيمات ذلك التعاطف.

سادس تلك الآراء يقول ان بناء المخيمات اقل كلفة من انشاء المساكن حتى لو كانت صغيرة .

ينطلق أصحاب هذا الرأي من القول بأن إنشاء المخيمات هو أقل تكلفة من إنشاء غرف سكنية وان إنشاء تلك المساكن يلزمه ميزانيات كبيرة .

في الرد على ذلك الراي نقول ان تكلفة الخيمة كما نجد على موقع شركة مصنعة للخيام تبلغ 600 دولار أميركي والعمر الافتراضي للخيمة هو سنة واحدة كما تقول الشركة المصنعة(6) وذلك يعود لأن الخيمة تتمزق بسبب ظروف الحر والرياح بالتالي يتوجب استبدالها دوريا وبالتالي من المؤكد ان كلفة إنشاء المساكن على المدى الطويل هي أقل من انشاء الخيم حيث ان تكاليف ما يتم انشاؤه للمخيمات من طرق واسوار حماية ودورات مياه و صرف صحي للمخيم هو على المدى البعيد كلفة مهدورة لن يستفاد منها عند اغلاق المخيمات مستقبلا ولو تم توظيف تلك التكاليف المهدورة إضافة الى تكاليف تجديد الخيام في إقامة مساكن لكان بناء المساكن اقل كلفة من بناء المخيمات. خاصة ان هذه المساكن يمكن ان يستفيد منها الكثيرين من أبناء المنطقة مستقبلا وليست كلفة مهدورة كالخيام.

بالنتيجة لقد وجدنا ان الذرائع المطروحة لعدم بناء مساكن لنقل النازحين الى المخيمات في الشمال السوري اليها كانت جميعها واهية وان ممانعة إقامة تلك المساكن للنازحين بدل المخيمات تكمن ورائها اهداف سياسية فالاستمرار في تلك المخيمات و عيش نازحيها في ظروف لا تحقق الكرامة الإنسانية وعرض تلك المخيمات على القنوات العربية نعتقد ان  القصد منه :

# العمل على تحطيم البنية المجتمعية والنفسية لأكثر من مليون سوري نازح الي المخيمات و  تهيئتهم لقبول أي حل سياسي يعرض عليهم حتى لو كان الرجوع لحضن النظام الذي يتم العمل على إعادة تسويقه من دول عربية عديدة

# التلويح بتلك المخيمات البائسة بوصفها أحد تداعيات ثورات الربيع العربي, فإعلامية مصرية هي ريهام سعيد تذهب الى مخيمات لبنان لتسجيل برنامجها وترفق مشاهد صورتها في المخيمات بتعليق( انظروا هذه هي الشعوب التي تشردت وتقسمت وضيّعت نفسها، هذا مصير الناس عندما يضيع وطنه هؤلاء المشردون أضاعوا وطنهم”) (7).

لقد كانت ريهام سعيد تقدم رسالة للشعب العربي مفادها أن “على الشعب ألا يخرج عن حكامه والا يطالب بالحرية والديمقراطية و انه من يخرج عن حاكمه فسوف يلقى نفس مصير السوريين الذين تشاهدونهم في المخيمات .

بناء المخيمات- موقع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين-الأمم المتحدة

لماذا لا يُسكَّن اللاجئون في بيوت بدلاً من الخيام عاطف نعنوع مدير فريق ملهم التطوعي -عاطف نعنوع-عربي بوست

-8-2-2022 التغيير الديموغرافي …والاستيطان-ادار بريس

-2022المستوطنات تُنفّذ على مرأى من أعين المجتمع الدولي ووزير الداخلية التركي يُشرف على عملية “التغيير الديمغرافي”-فوكس برس

معلومات جمعها معد الدراسة من خلال لقاءات في شمال وشمال غرب سورية

18-6-2021 تضاعف مأساة النزوح.. سفينة “المفوضية” أسوأ أنواع الخيام في سورية- تلفزيون سورية 

ريهام سعيد واللاجئون.. إهانة للسوريين ورسالة للداخل-الجزيرة نت

رفض إعادة التوطين: حالة الفلسطينيين -موقع نشرة الهجرة القسرية

13-12-2022 الكويتُ تُوقِفُ تنفيذَ مشاريعِها الإنشائيةِ الخيريةِ في سوريا-موقع المحرر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.