إبن زايد في دمشق ..يبحث عن سابع المستحيلات

لعل من المفارقة الكبرى ان نظام إعتاش خمسون عاما على شعارات المقاومة والتصدي للكيان الصهيوني وتحرير فلسطين والقدس بكل الخطابات النارية القومجية منها والايرانية ..يتسول إعادة تعويمه سياسيا وماليا من قبل نظام يعتبر نفسه انه من قادة او رعاة التطبيع العربي مع اسرائيل…
وبيان رئاسة النظام في تعليقه على زيارة الشيخ عبد الله بن زايد ركز كثيرا على تقدير النظام السوري الكبير لكل المواقف السياسية /الموضوعية والصائبة/التي تنتهجها حكومة الامارات العربية المتحدة في سياساتها الخارجية .
لم تخف أبو ظبي رغبتها في اعادة العلاقات مع النظام السوري خاصة بعد سقوط الجنوب السوري بعام 2018 حيث قامت باعادة افتتاح سفارتها في دمشق ..
لم تنقطع العلاقات العائلية بين حكام البلدين حيث كانت شقيقة راس النظام وعدد من الرموز السابقون يختارون تلك الدولة للاقامة ..وكانت بعض من المساعدات المالية(كما يرى البعض) لاتنقطع من ابو ظبي الى دمشق….حتى عندما قادت ابو ظبي لحملة التطبيع العربية الاخيرة لم تعلق ابواق النظام لو مسؤوليه على ذلك الحدث وبالتالي لم تتم اي إدانة للحدث
ما أجهض كل تلك العلاقات وعودة المياه الى مجاريها بين النظام السوري وابوظبي هو ظهور مواقف متشددة ورافضة لاي تطبيع مع النظام السوري من دولتين مهمتين في العالم العربي وهما السعودية وقطر وبشكل أقل جمهورية مصر العربية .كان الفيتو العربي على عودة شغل النظام لمقعد سورية في جامعة الدول العربية قويا ..العامل الاخر في عدم التطبيع هي مواقف النظام السوري المتماهية مع محور ايران من القضايا الخلافية على الساحة العربية والخليجية خصوصا من اليمن الى العراق الى لبنان ..وكان الخطاب الايراني يقدم سورية كمحافظة ايرانية مهمة وجيش النظام السوري هو احد الجيوش الستة في المنطقة التي تتحكم بها ايران(الحشد الشيعي العراقي..جيش النظام السوري..ميليشيا حزب الله…فصائل غزة…ميليشيا الحوثي .بقيادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني)
كل ذلك كان يحرج اي طرف خليجي من التقارب مع النظام السوري .
الشعرة التي قصمت ظهر البعير كان صدور قانون قيصر الامريكي الشهير والذي كان واضحا بمنع اي تطبيع مع النظام السوري (سياسي او اقتصادي) وايقاع العقوبات على من يتجرأ على ذلك…
يرى البعض ان النظام السوري كنظام مارق لايهتم كثيرا باعادة التطبيع السياسي بل يسعى بشكل حثيث لتطبيع اقتصادي وتلقي مساعدات مباشرة او عبر اعادة اعمار او تجهيز عودة لاجئين ..حيث جل ما يخشاه النظام انتفاضة جوع حقيقية من حاضنته الصلبة .والتي تنتظر الظفر برخاء النصر الذي وعدها به النظام بعد ان قدمت له كل ماتملك وخاصة ابناءها لتتفاجىء في النهاية ان خط الفقرالذي يتم الحديث عنه دوليا هو صعب المنال في مناطق سيطرة النظام انهم الان تحت خط الجوع وتأمين ابسط مستلزمات الحياة..بالمقابل هناك 10% من أمراء الحرب والفساد والمحاسيب يتنعمون بخيرات تضحياتهم من سيارات فارهة وتلفونات غالية الثمن ومزارع وقصور…الخ
خشية النظام من تلك الإنتفاضة زادها اكثر الوضع الكارثي الذي اوصل به حزب الله الوضع الاقتصادي والسياسي الكارثي ..
حيث كان لبنان الرئة التي يتنفس منها اقتصاد النظام تنفس من تحت الماء مع تحايل والتفاف على العقوبات المفروضة عليها ..انهارت البنوك اللبنانية وتبخرت الاموال التي اودعها بها ولم يعد بامكانها تنفيذ اي معاملات مالية…وبانهيار الاقتصاد اللبناني وتحرير السلع توقفت كل عمليات التهريب من لبنان الى سورية مما اضطر النظام لرفع هائل لاسعار السلع والخدمات في اماكن سيطرته
ازداد الوضع اللبناني تعقيدا في ظل العقوبات الخليجية الاخيرة على لبنان .
كان محور المقاولة كله يمني النفس بخسارة الرئيس الامريكي ترامب للانتخابات وفوز الرئيس بايدن بولاية أوبامية ثالثة ستعيد بعد مفاوضات شكلية وسريعة الاتفاق النووي الى حيز التطبيق وبالتالي رفع العقوبات الامريكية المفروضة واطلاق سراح الارصدة المحجوزة الامر الذي سيمكن ايران من دعم ذيولها في المنطقة…لم يتحقق الحلم الايراني وبتنا على اعتاب نهاية السنة الاولى من عمر ولاية الرئيس بايدن والمفاوضات التي كانت جارية بفيينا متوقفة منذ الصيف الماضي ..
خسارة الحشد الشيعي بالعراق بالانتخابات الاخيرة وتهديده بمقاطعة العملية السياسية ستؤدي حتما للاطاحة بامتيازاته وبالتالي قدرته على تمويل جزء من متطلبات النظام السوري (كما كان يجري بعد نوري المالكي وحيدر العبادي)
لم تلق زيارة الوزير الاماراتي اي تأييد او سكوت عنها ..إذ بنفس اليوم صدرت مواقف امريكية رسمية من الخارجية ومن بعض اعضاء الكونغرس بعدم موافقة الولايات المتحدة عن اي تطبيع مع النظام السوري وقبل ذلك لاتتوقف المواقف العربية والاوربية عن عدم رغبة باعادة اي تواصل مع النظام السوري قبل الدخول بعملية سياسية وفبا للقرار الدولي 2254…
ولابد من الاشارة للموقف التركي الصارم بوجه اي محاولة روسية لفتح قنوات اتصال غير أمنية مع النظام السوري ورفض أنقرة لذلك…
في ظل حديث عن توافق روسي اسرائيلي ليست الولايات المتحدة بعيدة عنه حدث بعد زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي لموسكو عن بلورة خطة لتشديد الضغوط على التموضعات العسكرية الايرانية في سورية تمهيدا لاجبارهاعلى الانسحاب وتنوع وازدباد حجم الضربات الاسرائيلية بعد تلك الزيارة وفي ظل مازق ايراني بفشل المفاوضات مع السعودية وعدم قدرة ميليشيا الحوثي على تحقيق نصر عسكري في مأرب..وخسارة الحشد الشيعي العراقي للانتخابات البرلمانية وفشله في اغتيال رئيس الوزراء العراقي السيد مصطفى الكاظمي..وفي ظل التصعيد الخليجي (سياسيا واقتصاديا) على لبنان وحزب الله بالذات…وفي ظل ان لاتحقق الجولة السابعة المزمع عقدها ب29 الشهر الحالي في فيينا بين ايران وال5+1 واستمرار الانسداد السياسي والمالي الذي يحيق بايران…
لايمكن للوزير الاماراني الا ان يقول لرئيس النظام امامك فرصة أخيرة للهروب من المركب الغارق ..تطبيع اقتصادي وسياسي واعادة تعويم او الاستمرار مع الجواد الخاسر الى النهاية…
وبراي المتواضع ان رئيس النظام غير قادر (بافتراض انه راغبا) على الخروج من بيت الطاعة الايراني وامام من يفكر بذلك إما رصاصة بالراس كما حدث مع الرئيس اليمتي السابق على عبد الله صالح..او مسيرة إيرانية كما حدث مع مصطفى الكاظمي ببغداد حديثا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.