بعيدا عن التفسيرات الدينية والميثولوجية وما جاءت به الرسالات السماوية من اشارات واضحة عن يوم القيامة والتأكيد على حدوثه لا محالة ومع جهلنا ( المفرط ) في موعد وتفاصيل سيناريو هذا اليوم الرهيب يبدو ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لديه الان فرصة ( جنونية ) لتجريبه ، او لنقل لاجراء مقاربات تجريبية تشبهه .!
الرجل الذي يتربع على عرش اكبر دولة – بالمعنى الجغرافي – في العالم وقد اختبر على مدى اكثر من ربع قرن كل وسائل القتل والفتك في البشر – افرادا وجماعات – من اقبية اجهزة المخابرات الروسية قبل صعوده الى قمة الهرم السلطوي الروسي الى مجازر غروزني التي فتحت له باب قصر الكرملين على مصراعيه الى مذابح جورجيا الى ضم ونهب القرم الى استباحة سورية الى محاولة ابتلاع اوكرانيا . . هذا الرجل ارتقى في خياله وتفرده ( الهوسي ) الى مرحلة ( مافوق السلطة الاستبدادية القيصرية المطلقة ) وهي المرحلة التي يشعر فيها هذا النوع من الكائنات بانه اقترب كثيرا من كرسي العرش واصحبت لديه سلطات ( الرب الذي يحيي ويميت ) .!
وعلى كل حال لا يمكن تجاهل الفحيح النووي الصريح في خطاب رجل بدأت الهزيمة تتسرب الى اوصال قواته وهو يمتلك اكبر مخزون في العالم من السلاح النووي ، الخبراء هنا يتحدثون عن قرابة 6000 رأس نووي يستطيع بها في ( لحظة الجنون واليأس ) ان يدمر الكرة الارضية ومن عليها ومعها مجرة درب التبانة !
لا نستطيع هنا نفي احتمال ان يكون هذا الكائن قد اقنع نفسه بنفسه ان الله قد ( بعث به ) لاداء هذه المهمة ولا ان نغفل احتمال ان يكون بعد كل هذه الارواح البريئة التي زهقها بدم بارد قد طور نمط سلوكه من قاتل موصوف الى مدمر شامل ( اشتبه بان الله قد كلفه ) طي صفحة حياة البشر على هذه الارض ،
لقد قدمت لنا روايات التاريخ ( الصحيحة والمتخيلة ) منذ قابيل الى بوتين الدرس تلو الدرس على وحشية الانسان وجنونه وخطورته عندما يتجاوز عتبة (تجربة القتل الاولى ) ويفلت من الحساب والردع فكيف برجل ترعرع خلف جدار برلين وفي يده مسدس كاتم للصوت محشو بالموت والايديولوجيا والاوهام ، ينفذ تصفيات ( من يظن انهم خصوم ) من غير ان يرف له جفن ، كيف برجل عاد الى السلطة بعد جوع وحقد ، سجن روحه في صندوقة احلامه الامبراطورية ، استباح الحدود ( بالمعنيين الجغرافي والاخلاقي ) ووضع لنفسه قوانينه الخاصة التي تعطيه الحق في اللعب بعدادات الزمن ومصائر البشر ؟
انه مزيج فريد من مسخ وديكتاتور فيه شيء من شمشون وشيء من كاليغولا وشيء من نيرون وشيء من هتلر وشيء من ( الغزاة البيض قتلة الهنود الحمر الذين كانوا يذبحون الالاف يوميا ويعودون للصلاة في الكنيسة لشكر الرب الذي ( اعتقدوا )انه كلفهم بهذه المهمة !
من يستطيع الان التسلل الى مخيلة هذا الرجل الذي تكسر نصف جيشه في اوكرانيا وبدأت الهزيمة تتسلل الى اطرافه وعروقه ليستكشف للبشرية بماذا يفكر ؟
هل يفكر بيوم القيامة ؟
ربما نعم ، وربما لا يستطيع ذلك اذا قرر القدر ان يرد له الصاع صاعين وعندها قد تحدث المعجزة من جديد ويبرز من صفوف الجيش الروسي ( رجل ما ) يوقف هذا الجنون ويغير مجرى التاريخ وهذه من بعض عادات روسيا .
المقال السابق
المقال التالي