حفرة التضامن …..مثالاً للبيئة الأمنة التي تنتظر عودة السوريين إلى سورية الأسد ……

المحامي فهد نادر القاضي

أولاً- مفهوم البيئة الأمنة في القانون الدولي الإنساني

لم يرد في اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وملاحقها لعام 1977 عن موضوع البيئة الأمنة وإنما وردت نصوص ومواد قانونية عن المناطق الطبية ( التي تشمل المشافي والمراكز الطبية)
والمناطق المحايدة أو المنزوعة السلاح ولكن تلك المفاهيم جمعيها لم تفي بالغرض الحقيقي لمفهوم البيئة الأمنة والتي يجب إسقاطها على الواقع السوري الأن في تلك الدراسة التي نقوم بها الأن.
لقد نشأت في بعض الدول التي شهدت نزاعات مسلحة داخلية ودولية مناطق أمنة لحماية المدنيين كما هو الحال في البوسنة والهرسك إلا أن تلك المناطق لم تشفع للمدنيين الذين لجؤا إليها من المجازر التي ارتكبتها القوات الصربية على مرأى ومسمع من جنود الأمم المتحدة حيث ذهب ضحية تلك المجازر نحو ثمانية ألاف شخص مدني في شهر تموز عام 1995 والتي سميت مجزرة (سيربرينتشا)

وقد سبق تلك المجزرة بعام تقريباً المجازر التي ارتكبت في المناطق الأمنة براوندا والتي كانت حصيلتها أكثر من مائة ألف ضحية في أقل من مائة يوم.
وحيث أن المنطقة الأمنة في المفهوم القانوني تفترض وجود مجموعة من السكان لا تستطيع حماية نفسها بمواجهة أي اعتداءات وانتهاكات وتستوجب توفير حماية دولية لها من الاعتقالات أو التصفيات والغارات الجوية والهجمات الصاروخية والمدفعية ضمن بقعة جغرافية

كل ذلك يستوجب اتخاذ تدابير من شأنها تأمين الحماية للسكان المدنيين اثناء النزاعات المسلحه ولكن للأسف مازال هنالك حاله من التخبط الاممي في ذلك المفهوم بالوقت التي اتسعت فيه رقعة الصراعات المسلحه الداخليه غير الدوليه والتي بات فيه السكان المدنيين هم الطرف المستهدف فيها

ثانياً المناطق الأمنة في منظور الأمم المتحدة
لم تفلح غالبية محاولات الأمم المتحدة العبثية المتكررة حتى الأن من تحديد معايير محددة لما يسمى المناطق الأمنة لا بل إن بعض تلك المحاولات قد تسبب بمقتل الألاف من الضحايا ولا سيما في العقد الأخير من القرن الماضي حيث أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 819 تاريخ 16 أبريل 1993 والذي أعلن سيربرينتشا في يوغوسلافيا السابقة أنها منطقة أمنة ووضعها تحت حماية وحدات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة
فإن تلك المنطقة قد تعرضت لإبادة جماعية من قبل القوات الصربية وذلك أمام مسمع ومرأى من الجنود أصحاب القبعات الزرق لا بل إن الجريمة تلك قد تمت بتسهيلات من هؤلاء الجنود الأمميون وأيضاً ذات السيناريو قد تكرر في راوندا مما جعل مفهوم المناطق الأمنة اليوم من أكثر المفاهيم جدلية في أورقة الأمم المتحدة كون قراراتها بذلك الشأن لم تكن واضحة بسبب عدم وجود المؤيد الجزائي لها
الرادع لأي طرف يرتكب تجاوزات وانتهاكات في تلك المناطق ومازالت تلك المأسي تتكرر تباعاً.
في كثير من البلدان التي تشهد نزاعات سواء منها دولية أو غير دولية كل ذلك ناجم عن عدم وجود تعريف رسمي وقواعد مقننة لمفهوم المنطقة الأمنة في القانون الدولي مما أدى إلى تخبطات كبيرة ومتنوعة تم تطبيقها في بلدان متعددة أدت في كثير منها إلى نتائج سلبية مروعة وبدون أن تتحمل الأمم المتحدة ومنظماتها أي مسؤولية قانونية و أخلاقية حيالها.

ثالثاً معضلات البيئة الأمنة في سورية مع وجود نظام الأسد

لابد أن العودة الطوعية إلى ربوع الوطن مهد الطفولة وأرض الصبا والأجداد هي الخيار المفضل وهي الحلم الذي يداعب كل نازح أو لاجئ أجبرته ظروف الحرب على الرحيل سواء داخل الوطن أو خارجه في سبيل الحفاظ على حياته وحياة ذويه من أبناءه واسرته وعشيرته.
تلك العودة الطوعية التي يجب أن تقترن بالأمان والكرامة والطمأنينة التي تتضمن الحياة الكريمة في ظروف السلامة القانونية والأمن الجسدي والمادي وفق ما تنص عليه قواعد القانون الدولي الإنساني والتي توجب على كل لاجئ يرغب بالعودة إلى بلده الأصلي أن يتقدم وبحرية تامة بطلب إلى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين شخصياً لحضور جلسة للمشاورة مع الموظفين الأمميين المختصين لتقييم ذلك الطلب وبعد ذلك يصار إلى البت بالطلب حسب الظروف الأمنية والاجتماعية والطبية في البلد الأم والتي يجب أن تتضمن عدم معاملة اللاجئين العائدين بخشونة وعدم تعرضهم للاعتقال أو التصفيات والمضايقات والاستغلال المادي أو المعنوي من قبل السلطات الوطنية التي يجب أن تعاملهم باحترام وتمكنهم من استعادة حقوقهم الكاملة حسب المادة/ الثامنة – ج /من النظام الأساسي لمفوضية شؤون اللاجئين الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14 كانون الأول لعام 1950 بالقرار رقم 428 (5)
ولعل من أحد أهم الأسباب التي تسمح بها مفوضية شؤون اللاجئين بالعودة الطوعية للاجئين هي تغير الظروف السائدة في البلد الذي هربوا منه (ومنها الاضطهاد والقتل والاعتقال والعنصرية والطائفية وانعدام الأمن والأمان )
وبما أن قانون اللاجئين الدولي لا ينص على قواعد وأحكام تهدف إلى حماية الأشخاص ضمن حدود بلادهم فلا بد من أن يكون اللاجئون قد عبروا حدود دولية حسب المفهوم القانوني للجوء وبالتالي فإن مفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة ووفقاً لاتفاقية 1951 تعطيها تفويضاً لحماية الأشخاص الذين عبروا الحدود.
لذلك فإن ضمان الحماية الوحيدة للأشخاص هو أن العوده الى البلد الأصلي يجب أن تكون طوعيه وبالتشاور مع مفوضية شؤون اللاجئين

فقد أكدت اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لعام 1969 الخاصة باللاجئين التأكيد على مبدأ الطوعية وشددت على ضرورة احترامه فلا يجوز إعادة لاجئ رغم عن إرادته (المادة 5/1 من اتفاقية الوحدة الأفريقية الخاصة باللاجئين).

وتعريجاً على الملف السوري في ظل الأصوات التي بدأت تتعالى حول إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم وقيام بعض الدول ولاسيما لبنان بإجبار مئات العوائل السورية اللاجئة على العودة إلى سورية رغم كل المناشدات التي أطلقتها منظمات دولية والتي ضربت بها السلطات اللبنانية عرض الحائط.
أكدت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

في تقريرها السادس والعشرين الصادر عنها في 14 أيلول لعام 2022 والمقدم إلى مجلس حقوق الإنسان بتاريخ 22 أيلول لعام 2022 إلى انعدام الأمن في جميع المناطق الخاضعة لسيطرةالنظام السوري وقال التقرير بأن قوات الأمن والمليشيات المحلية والأجنبية التي تسيطر على نقاط التفتيش ومراكز الاحتجاز وبوابات الدخول البرية والجوية تسيء استخدام سلطاتها وتمارس عمليات ابتزاز من المواطنين والعائدين لتحصيل الأموال كما أكدت قيام تلك المليشيات والقوات التابعة للحكومة بالاستمرار في عمليات الاعتقال التعسفي والاخفاء القسري والموت بسبب التعذيب ضد المواطنين بمن فيهم اللاجئين أو النازحين العائدين إلى مناطق سيطرة النظام السوري.
وقد أشار ذات التقرير إلى انواع أخرى من الانتهاكات والتي وضعها التقرير بأنها تشكل عقبات أمام العودة الأمنة الكريمة والمستدامة لملايين اللاجئين مثل الاستخدام التعسفي للتصاريح الأمنية التي يفرضها النظام السوري بهدف تقييد الحريات والتي تعد شرطاً مسبقاً للحصول على حق الملكية والسكن وانتهى التقرير إلى توصية تؤكد بأن سورية بلد غير أمن لعودة اللاجئين.
كما أشار تقرير لجنة التحقيق المعنية بالجمهورية العربية السورية إلى أن النظام السوري وبدعم من سلاح الجو الروسي ما يزال يستهدف النازحين في شمال غربي سورية ناهيك عن الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها سلطات الأمر الواقع في شرقي الفرات الأمر الذي ينفي كل الدعوات التي تقول بأن سورية بلد أمن لعودة اللاجئين السوريين

في سياق متصل أكدت صحيفة فورين بوليسي الأمريكية في مقال نشر على صفحاتها بتاريخ 30/1/2022 بأن سورية غير أمنة ولا مستقرة وحربها الغير مكتملة تكاد تنسى وأن الغرب كاد ينسى حربها التي لم تضع اوزارها.
كما أن المبعوث البريطاني إلى سورية جوناثان هاريغريفر أكد بأن موقف حكومته لم يطرأ عليه أي تغيير وهو أن سورية ليست أمنة لعودة اللاجئين وأن الحرب لازالت تدور رحاها هناك وإن جميع من عاد إليها يختفي غالباً من دون أن يوجد لهم أثر على أيدي الدولة الأمنية.
وحيث أن مواقع إخبارية كثيرة وقنوات فضائية تناولت الكثير من حالات الاختفاء التي تعرض لها لاجئون سوريون عائدون إلى سورية بعد صدور مايسمى مراسيم العفو التي يصدرها في كل عام تقريبا أوسكوبار سوريه تاجر المخدرات وقاتل الأطفال المجرم بشار الأسد الكيماوي
وحيث أن المكتب القانون بحركة تحرير وطن قام بتوثيق الكثير من تلك الحالات الغير انسانيه وسلمها إلى لجنة التحقيق الدولية المعنيه بالجمهوريه العربيه السوريه في لقائه الدوي معها بتاريخ 9/11/2022 /

موثقة بالاسم والعنوان والزمان لأشخاص عادوا إلى سورية سواء من لبنان أو الأردن أو تركيا أو أوربا وقد أمضوا بعض الأيام مع ذويهم بعد أن قاموا بتنظيم تسويه مع الأفرع الامنيه ودفعوا مبالغ ماليه طائله لتلك الأفرع وللسماسره أذناب عصابة الأسد

ولكن سرعان ما تم اعتقالهم وتغييبهم ومن ثم اعادتهم إلى اقاربهم بعد أسابيع (جثة هامدة) مرفق بتقرير طبي يؤكد أن وفاتهم قد حدثت بشكل طبيعي مع أن أثار التعذيب واضحة على أجسادهم ومنهم من لم يعرف عنه أثر حتى هذه اللحظة.

ختاماً
…………
إن حفرة التضامن الصغيره وما حدث فيها من جرائم وحشية وانتهاكات مروعه ستبقى شاهداً على النموذج المثالي للامن والأمان الذي تشهده سورية في ظل استمرار نظام الأسد في حكم سورية الذي حول سورية بكل المناطق التي يسيطر عليها إلى حفرة تضامن كبيرة تتسع لكل الشعب السوري ولكل لاجئ فكر بالعودة إلى الوطن الأم لابل انه جعل من سوريه مركزا عالميا لتجارة الكبتاغون وصناعته وترويجه

ومأوى أمن لكل مجرمي العالم من عصابات فاغنر ومليشيات إيران الطائفيه وتجار المخدرات أمثال اللبناني ( نوح زعيتر ) بارون المخدرات في لبنان
إن المقابر الجماعية المنتشرة في أرجاء سورية (كمقبرة القطيفة) في دمشق ومقبرة (دير شميل) في غربي مدينة حماه( ومقبرة تل النصر ) في مدينة حمص ومقابر مطار المزة ودرعا والجورة في دير الزور وصيدانيا ٠

والتي تحتوي مئات الألاف من الذين تمت تصفيتهم في مسالخ الأسد البشرية ومشافيه العسكريه( مشفى عبد القادر شقفه العسكري ) في مدينة حمص

والتي ما زال المجرم طليقاً فيها حتى الآن .
كل تلك الجرائم والانتهاكات الوحشية التي ارتكبتها ولا زالت عصابات الأسد في سوريه حتى هذه اللحظه

ستبقي من سورية حفرة تضامن كبيرة ومقبره جماعيه وبيئة أمنة تحظى بكل عوامل الاستقرار والأمن والأمان والطمأنيه لكل لاجئ يفكر بالعودة إلى سورية طالما أن اسمها مقترن بعصابات الأسد

مسالخ الأسد البشريه وحفره ترحب بكم

نحن لانسعى إلى اقناعكم وإنما نضع الحقيقه بين أيديكم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.