هل ستتمكن مؤسساتها من الوصول إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لتحقيق التغيير والعدالة في سورية ؟؟؟؟؟؟؟؟
مقدمة:
تحتل الجمعية العامة -التي أنشئت في عام 1945 بموجب ميثاق الأمم المتحدة -موقعاً مركزياً بوصفها الهيئة الرئيسية لرسم السياسات العامة والتمثيل في الأمم المتحدة ،والتي تضم جميع أعضاء هذه المنظمة الدولية والبالغ عددهم 193 عضو .
وتنظر الجمعية العامة في اجتماعاتها في كافة المسائل الراهنة ذات الأهمية البالغة للمجتمع الدولي من خلال مناقشات موضوعية رفيعة المستوى ،تقدم من خلالها توصيات إلى الدول بشأن كل المسائل الدولية التي تدخل في اختصاصها سواء على الصعيد الأمني و السياسي والقانوني والإنساني ،التي تعود بالفائدة على ملايين الناس في جميع أنحاء العالم.
ووفقاً لميثاق الأمم المتحدة فإنه يجوز للجمعية العامة النظر في المبادئ العامة للتعاون في حفظ السلام والأمن الدوليين.
كما يجوز للجمعية العامة أيضاً أن تتخذ إجراءات في حالات وقوع تهديد للسلام أو الإخلال به أو عمل عدواني، عندما لا يتصرف مجلس الأمن بسبب تصويت سلبي من أحد أعضائه الدائمين، وفي هذه الحالة ووفقاً لقرار الجمعية العامة (الاتحاد من أجل السلام) الصادر في 3 نوفمبر 1950 رقم 377 د 5
فإنه يجوز للجمعية العامة أن تنظر في المسألة فوراً، وأن توصي أعضاءها بتدابير عاجلة لصون السلام والأمن الدوليين ،وبالتالي فإن القرار رقم 377/د 5 (الاتحاد من أجل السلام) يمكن الجمعية العامة في الأمم المتحدة من أداء وظيفة مجلس الأمن في المحافظة على السلم والأمن الدوليين ،في الحالة التي يثبت فيها عجز مجلس الأمن عن أداء وظيفته الرئيسية بسبب تفرق الرأي بين الدول العظمى صاحبة العضوية الدائمة فيه.
القيمة القانونية والدولية للقرار 377/ د 5 (الاتحاد من أجل السلام)
يبدو أن الأهمية القانونية للقرار 377/ د 5 (الاتحاد من أجل السلام) قد ظهرت في نقل سلطات مجلس الأمن في حال عجزه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالتالي فإن ذلك القرار عطل احتكار الأقلية الدولية وعزز من ديمقراطية الأغلبية ،للمساهمة في حل كثير من القضايا الدولية التي تعطلت بسبب الموقف السلبي لأحد أعضاء مجلس الأمن الدائمين وقد نال القرار 377/ د 5(الاتحاد من أجل السلام) تصويت الأغلبية الساحقة من قبل الجمعية العامة ،وقد أصبح ذلك القرار بمثابة قاعدة عرفية بسبب تكرار تطبيقه والعمل به.
//وقد جاء القرار 377/ د ه (الاتحاد من أجل السلام) متضمناً نقاطاً في غاية الأهمية//
………………..
- في حال تهديد السلم والأمن الدوليين أو الإخلال بهما أو وقوع عمل من أعمال العدوان(( وعجز)) مجلس الأمن عن مواجهته بسبب تضارب أراء ومصالح الدول الكبرى صاحبة العضوية الدائمة فيه وعدم إجماعهم على قرار أو إجراء معين،
فإنه في هذه الحالة يتم عرض المسألة وبشكل قانوني على الجمعية العامة لمناقشتها وإصدار القرارات والتوصيات اللازمة للدول الأعضاء في الجمعية العامة وذلك لاتخاذ تدابير قمعية بصورة جماعية.
وتتم دعوة الجمعية العامة بناء على طلب سبع من أعضاء مجلس الأمن أو بناء على طلب الأغلبية من أعضاء الجمعية العامة ، وبالتالي فإن الأساس القانوني للقرار 377/ د 5(الاتحاد من أجل السلام) تحدده نصوص ميثاق الأمم المتحدة كونه استند على نص المادة 24 من الميثاق والتي من شأنها تخويل المجلس المسؤولية الرئيسية وليس الوحيدة بحفظ السلم والأمن الدوليين ،كما أن إعمال القرار 377/ د 5 (الاتحاد من أجل السلام) لا يخول الجمعية العامة أكثر مما تملكه من اختصاصات عامة بموجب المادة 10 و 11 من الميثاق.
- تنص المادة 10 من ميثاق الأمم المتحدة: للجمعية العامة أن تناقش أية مسألة أو أمر يدخل في نطاق هذا الميثاق أو يتصل بسلطات فرع من الفروع المنصوص عليها فيه أو وظائفه.
كما أن لها فيما عدا ما نُصّ عليه في المادة 12 أن توصي أعضاء الهيئة أو مجلس الأمن أو كليهما بما تراه في تلك المسائل والأمور.
وتنص المادة 11 في فقرتها الأولى: بأنه للجمعية العامة أن تنظر في المبادئ العامة للتعاون في حفظ السلم والأمن الدوليين
كما أن لها أن تقدم توصياتها بصدد هذه المبادئ إلى الدول الأعضاء أو إلى مجلس الأمن أو إلى كليهما معا. - وتنص في فقرتها الثانية:
بأنه للجمعية العامة أن تناقش أية مسألة يكون لها صلة بحفظ السلم والأمن الدوليين يرفعها إليها أي عضو من أعضاء الأمم المتحدة ومجلس الأمن وفقاً لأحكام الفقرة الثانية من المادة 53.
فيما تنص الفقرة الثالثة من المادة 11 :
على أن للجمعية العامة أن تسترعي نظر مجلس الأمن إلى الأحوال التي يُحتمل أن تعرّض السلم والأمن الدوليين للخطر.
فيما أشارت الفقرة الرابعة من المادة 11: على أنه لا تحدّ من سلطات الجمعية العامة المبيّنة في هذه المادة من عموم المادة العاشرة.
……………..
- إن القرار 377/ د 5 (الاتحاد من أجل السلام) جاء بمجموعة كبيرة من الأحكام والقواعد، منها حلول الجمعية العامة محل مجلس الأمن من أجل التصدي لمسألة السلم والأمن الدوليين، والتي تعتبر الوظيفة الأساسية لمجلس الأمن، حيث امتلكت الجمعية العامة بموجب القرار 377/ د 5 (الاتحاد من أجل السلام) صلاحية تحديد فيما إذا كان هناك حالة تهدد السلم والأمن الدوليين أو الإخلال بهما .
فهذه الصلاحيات هي بالأساس من اختصاص مجلس الأمن وحده بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ،وبالتالي فإن القرار 377/ د 5 (الاتحاد من أجل السلام) والذي يعتبر ثورة على الاستعصاء السياسي الدولي في مجلس الأمن فإنه أعطى للجمعية العامة ذات الصلاحيات باللجوء إلى استخدام الأدوات أو الوسائل التي يستخدمها مجلس الأمن بما فيها تدابير القمع المشار إليها في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ،وبالتالي فإن قرار الاتحاد من أجل السلام يمكن الجمعية العامة من أداء وظيفة مجلس الأمن في المحافظة على السلم والأمن الدوليين في الحالة التي يثبت فيها عجز مجلس الأمن عن أداء وظيفته الأساسية بسبب الموقف السلبي وتفرق الرأي بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ،وكل ذلك لا يتناقض بالمطلق مع المواد 10 و 11 و 12 المنصوص عليهم في ميثاق الأمم المتحدة ،وبالتالي لا يمكن اعتبار التوصيات أو القرارات التي تصدر عن الجمعية العامة في ذلك أنها غير ملزمة.
إن ما تصدره الجمعية العامة في إطار القرار 377/ د 5 (الاتحاد من أجل السلام) يعتبر ملزما لأنها بذلك قد حلت محل مجلس الأمن بسبب عجزه، وبالتالي فقرارات الجمعية العامة بذلك الموضوع تعتبر حكم محكمة من الدرجة الثانية.
الاتحاد من أجل السلام ودوره في فك الاستعصاء السياسي والقانوني في الملف السوري:
لقد أصبح هاجس محاكمة مجرمي الحرب في سورية أمام محكمة الجنايات الدولية من أبرز الهواجس التي باتت حلما يراود كل المتضررين من جرائم الحرب التي ارتكبتها كل من عصابات الأسد ومليشيات إيران وروسيا بحق السوريين.
ولكن هذا الحلم المشروع دائماً ما كان يصطدم بالفيتو الروسي والصيني ،الذي عرقل كثيرا من القرارات الدولية في مجلس الأمن الدولي ،وحال دون إقرارها مما أدى لزيادة المعاناة والجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب السوري على يد المجرمين، وعلى رأسهم عصابات الأسد ومليشيات إيران وعصابات بوتين المجرمة ،إضافة للتنظيمات الإرهابية مثل داعش و PKK
حيث أن سورية هي واحدة من الدول الغير موقعة على بروتوكول محكمة الجنايات الدولية ، وبالتالي فإنه من غير الممكن إحالة ملف جرائم الحرب التي ترتكبها حكومة نظام الأسد بحق المواطنين السوريين في سورية إلا من خلال قرار دولي صادر عن مجلس الأمن بالإجماع.
وبالتالي فإن هناك شروطا عديدة لتقديم المتهمين إلى محكمة الجنايات الدولية حسب المادة 13 من قانون اختصاص المحكمة الجنائية الدولية والتي تنص على مايلي:
……………..
للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة //5 //وفقاً لأحكام هذا النظام الأساسي في الأحوال التالية:
1- إذا أحالت دولة طرف إلى المدعي العام وفقاً للمادة 14 حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت.
2- إذا أحال مجلس الأمن , متصرفاً بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة , حالة إلى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت.
3- إذا كان المدعي العام قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق بجريمة من هذه الجرائم وفقاً للمادة 15.
وفقاً للمادة الخامسة من نظام محكمة الجنايات الدولية فإن المحكمة تختص بالنظر في الجرائم التالية:
1- جريمة الإبادة الجماعية.
2- الجرائم ضد الإنسانية.
3- جرائم الحرب.
4- جريمة العدوان.
ولكن وكما هو الحال في الملف السوري فإذا لم تكن الدولة في نظام المحكمة الجنائية الدولية ،وإذا لم يبدأ المدعي العام للمحكمة بمباشرة التحقيق في جريمة من الجرائم المشار إليها آنفاً ،فإنه يجب اللجوء إلى مجلس الأمن حسب الفقرة /ب/ من المادة 15 من نظام المحكمة.
وحيث تبدو المعضلة الحقيقية في ذلك المسار هو الفيتو الروسي المعتاد والذي تسبب في أكثر من خمس عشرة مرة بإجهاض القرارات الدولية بسبب تعارض مصالحها مع محاكمة المجرمين من عصابات الأسد وإيران، إضافة لقواتها المتهمة بجرائم حرب في سورية.
إن كل ما نريد توضيحه في هذه الدراسة القانونية الهامة
هو تحقيق العدالة للشعب السوري من خلال الالتفاف على مجلس الأمن كهيئة من هيئات منظمة الأمم المتحدة ،والذي بات معطلا بشكل كامل.
والتوجه إلى هيئة أخرى تتساوى فيها كل الدول (193) مهما كان حجمها وتأثيرها الدولي والإقليمي بحق التصويت فيها ،ولا يمارس فيها حق النقض الفيتو وهي الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي من الممكن استصدار قرار من خلاله يحيل بموجبه ملف جرائم الحرب والإبادة الجماعية في سورية ،وفق ما أشارت إليه المادة الخامسة من نظام المحكمة الجنائية الدولية إلى تلك المحكمة ،وذلك بالاعتماد على القرار 377/د 5تاريخ 3/11/1950 والذي يسمى (الاتحاد من أجل السلام) حيث تم اللجوء والعمل بهذا القرار في كثير من الحالات الدولية التي كانت تشهد حالات استعصاء سياسي وقانوني في مجلس الأمن
ختاماً:
**
إن ما يعانيه الملف السوري من جمود في العملية السياسية والقانونية، والذي يشهد ومنذ أحد عشر عاما وحتى الآن على مئات الآلاف بل الملايين من الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها عصابات الأسد وإيران وروسيا والتنظيمات الإرهابية والانفصالية في سورية، وبدون أن نرى أي تحرك دولي جاد لوقف شلال الدم المتدفق يستلزم وبشكل عاجل تحركا حقيقيا من مؤسسات الثورة السياسية والقانونية لبذل كل المساعي والجهود الصادقة لإحالة الملف السوري وما يشهده من جرائم حرب وانتهاكات إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، مستغلين الظروف الدولية الحالية والأصوات المتعالية التي تطالب ومنذ أسابيع بإحالة ملف الجرائم التي ترتكبها قوات روسيا الغازية المجرمة بحق الشعب الأوكراني ،من خلال عدوانها الهمجي الذي ترتكبه قواتها وميليشياتها هناك.
إن الجرائم التي ارتكبتها ومازالت ترتكبها القوات الروسية في سورية وعبر سبع سنوات مضت ، والتي ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الشعب السوري في مناطق إدلب وحلب ودمشق وحماة واللاذقية وحمص وكل مناطق سورية
فإن جلهم من الأطفال والنساء.
وحيث أن المكتب القانوني في حركة تحرير وطن قام بتاريخ 4/4/2021 بنشر دراسة:
(انقر الرابط)
تحت عنوان روسيا ما بين الإجرام ومبادئ حقوق الإنسان …. العدالة الدولية إلى أين …..؟؟؟
أشار فيه إلى جرائم روسيا في سورية من خلال تقرير مؤلف من 198 صفحة صادر عن أربع منظمات حقوقيه روسية استمر معدوه وعلى مدار عامين بالعمل فيه
وضحوا فيه للعالم وللرأي العام الروسي جرائم الحرب التي ترتكبها قوات بلادهم المجرمة في سورية
(انقر الرابط للاطلاع على تقرير المنظمات الروسية)
وأخيراً هي صرخة لكل مؤسسات الثورة ولكل أصدقاء الشعب السوري الذين يحترمون تطلعاته وتضحياته التي بذلها ولا يزال من أجل الانتقال إلى سورية المستقلة سورية الحرية والعدالة الديموقراطية
بأن يضموا أصواتهم إلى صوتنا من أجل العمل على تحقيق العدالة في سورية ،من خلال الانتقال بالملف السوري إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة ،من أجل استصدار قرارات دولية تنهي غزير الدم السوري ،وتحيل من خلاله كل المجرمين في سورية إلى قبضة العدالة الدولية وعلى رأسهم المجرم بشار الأسد وبوتين وعصاباتهم المتوحشة ومليشيات إيران القذرة ومجرمي داعش وقنديل
فلا سلام بلا عدالة
نحن لا نسعى إلى إقناعكم ولكن نضع الحقيقة بين أيديكم
مساهمة لسوريا الأمل
المحامي فهد القاضي
مدير المكتب القانوني في حركة تحرير الوطن