مرهف الزعبي
إنَّ الخطورة على الثورة السورية تكمن بوجود واستمرارية أذرع المخابرات المتعددة في مناطق سورية متفرقة. فمنذ توالي انتصارات الثوار في بداية الثورة وتحريرهم الكثير مما اغتصبته عصابات أسد رغم التفاوت في ميزان القوى؛ دأبت القوى المخابراتية على اختراق الثوار والتغلغل في أوساطهم. بدءاً من تقديم الدعم المالي، إلى إنشائهم لمجالس، وكيانات، وهيئات، وائتلافات، ومنصات، ولجان، وتجمعات تتبع لهم، بمسميات إسلامية، وثورية، ووطنية لتكون عوناً لهم في التصدي لبركان الشعب السوري الثائر.
فسيطرت عليهم من خلال تعيين قادة، وممثلين لهم بالمسميات المذكورة. وحتى الآن تدور رحى النخب الثورية حول نفس الفشول التي مُنيوا بها منذ التدخلات الأجنبية في ملف الثورة السورية ولم يستطيعوا كسر قيود الهيمنة، والوصايات التي فُرضت عليهم عبر تعيين أشخاص غير سوييِّن، وغير ثوريين، وبإبنعدام إنتاج قيادة ثورية حقيقية مستقلة عن إملاءات الخارج.
وبوقفة مصارحة مع ذواتنا نعترف بأنَّ أغلب نخب الثورة، وأكاديمييها، ورموزها فشلوا في تمثيل الأخيرة، أو قيادتها، أو السيطرة عليها. بل كانوا سبباً في التشرذم البيني، وإبعاد الحاضن الثوري عنهم نتيجة الكوارث التي لحقت بهم، وما آلت إليه الثورة من تهجيرٍ، وتغيير ديمغرافيٍ، وتقسيمٍ لسورية بين قوى مسلحة تتبع لجهات مختلفة معادية لأهداف الثورة، وتطلعات الشعب السوري.
فخلاصة القول؛ إنَّ إنتاج قيادة ثورية موحدة لا تكفي إذا توافق عدد من النخب على أهداف معينة إن لم تكن مصحوبة بثوريين كاريزميين يمتلكون الشجاعة، والإرادة، بالإضافة إلى التمرد على كافة القيود التي قيدت الثورة، والثوار. فبغياب هذه الصفات تسقط الدول، وتفشل الثورات، ويزداد التفرق، وتضعف العزيمة، ويتسلل اليأس، والقنوط إلى نفوس، وقلوب الحاضن الثوري.
فتحرير أغلب سورية كان من خلال العزيمة، والشجاعة، والإرادة التي صدح بها السوريون، وعشعشت في قلوبهم، وتغنوا بها في مظاهراتهم، ومعاركهم ضد أسد، وآمنوا بها وهي:
العزيمة: عل جنة ريحين شهداء بالملايين
الشجاعة: علي الصوت علي الصوت علي علي الصوت يا منعيش بكرامة يا إما منموت.
والإرادة: هيك بدنا وهيك صار والله لناخذ بالثار من ماهر ومن بشار.
فبالشجاعة، والعزيمة، والإرادة الصلبة نستطيع كسر القيود، والتحرر من الغزاة، والميليشات العابرة للحدود، واستلام زمام المبادرة، والقرار، والقيادة. بعيدين عن المحاباة، والنفاق، ومغازلة دول، وأجهزة مخابرات لنمهد الطريق للتحرير الذي يقود لإسقاط حكم أسد، وانتصار الثورة.
تقدمة لسوريا الأمل