نعلم جميعا أن اللمسات النهائية وضعت على الإتفاق النووي …الا ان ما اوقفه ليس حدثا عاديا…بل انه حدث قد يتكرر كل خمسون او مائة عام مرة واحدة…وهي تغيرات تطرا على النظام الدولي نتيجة حروب كبرى او تسويات كبرى…ولايمكن وضع نطح بوتين راسه بجدار الناتو الا ضمن هذه التغيرات الاستراتيجية الكبرى والتي بالضرورة مابعدها سيختلف عما قبلها.. وقد ترافق اتمام الوصول لاتفاق مع اعلان بوتين الحرب على النظام الدولي الذي تقوده أمريكا وبذلك تم تاجيل التوقيع عليه بغية التعامل مع النتائج المترتبة عن الحرب في اوكرانيا وتداعياتها الدولية..اطلق بوتين النار على الاتفاق النووي ب24 شباط عند اجتياز قواته للحدود الاوكرانية ..وبتاريخ 11 آذار أطفئت الانوار في الفندق النمساوي الذي كان يستضيف الوفود وغادر كل الى بلده ..لان ما تم الاتفاق عليه لم يعد صالحا للعصر الجديد
أهم شروط الوصول لاتفاق نووي جديد
- باعتبار ان بوتين تورط بحرب لايمكنه كسبها ولن يقبل بالهزيمة بها…لذلك امامه وفق ما علمنا التاريخ من زعماء مارقين ينتهكون كل القوانين الدولية خياران..خيار هتلر باطلاق النار على نفسه عندما ايقن بهزيمة الجيش الالماني او خيار اية الله الخميني الذي اضطر مكرها لتجرع كاس السم بعد ثمان سنوات من الحرب مع العراق عندما ايقن باستحالة النصر في حربه على العراق…لا احد يعلم اي خيار سيختاره يوتين لكن روسيا ستهزم في حربها هذه ولن تكون اكثر من دولة اقليمية متوسطة القوة.تنكفىء طويلا لتعيد بناء نفسها واختيار توجهاتها وخياراتها…مايهم الولايات المتحدة الامريكية الصدع الاستراتيجيالمتوقع حصوله بين روسيا ونظام الملالي كاحد نتائج الحرب الروسية على اوكرانيا..وتفكك هذا المحور الذي قارب عمره اكثر من ربع قرن..تحالف روسي صيني ايراني..أن فقدان ايران لاحد القوى المهمة التي تحالفت وتخادمت معها طويلا وهي روسيا البوتينية سيشكل ضربة قاصمة لها لايمكن ان تمر دون ان تترك آثارهاوبالتالي لن يتم توقيع اتفاق نووي جديد قبل إضعاف الحليف الروسي
- لن يقدم الرئيس بايدن والادارة الديمقراطية وهي تخوض حربها المقدسة لتثبيت زعامتها للنظام الدولي ان تضحي بهذا التوافق بين الحزبين قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الامريكي( على الاقل) وذلك في ضوء تداعيات الحرب في اوكرانيا على الاوضاع الداخلية في الولايات المتحدة ومارافقه من تضخم وصل لارقام قياسية وارتفاع اسعار الطاقة والاغذاء…لن يسمح ان يطل الرئيسان الاسبقان اوباما وترامب وكل منهما يدعو لموقف متعارض مع الاخر للولايات المتحدة بشان الاتفاق النووي كان قد اخذه اثناء فترة رئاسته..ولاشك ان الاوبامية والترامبية متواجدة بقوة بالنخبة الامريكية..والتي يجب عدم شقها الان وبالتالي لن يحدث الاتفاق النووي خلال هذا العام 2022
- لابد من توافق قيادة الحزبين الامريكيين على اتباع سياسة واحدة اتجاه ايران ..التخادم الامريكي الديمقراطي مع نظام الملالي واضحا وجليا منذ عهد كارتر لعهد بايدن…لابد من العودة لمقولة هنري كيسنجر بان سقوط الشاه واعتلاء الخميني للسلطة بطهران كان اكبر ضربة تلقتها الولايات المتحدة بعصر الحرب الباردة ..اذ تحولت ايران من مصدر لاستقرار الشرق الاوسط الى مصدر لنشر الخراب فيه…ليس مطلوبا من الولايات المتحدة الا فصل ايران عن المحور الروسي الصيني واستعادة ايران الى الاندماج بالنظام الدولي وليس تحويلها الى كوريا شمالية ثانية..لذلك لا اتفاق نووي مع نظام ايران تم وضع لجام بفمه بعام 2015 وكان اللجام دبلوماسي ولم يتغير بل ازداد عدوانية في الاقليم ونقض كل بنود الاتفاق النووي الذي تم توقيعه معه.لذلك لا اتفاق نووي حتى يتم توحيد سياسة الحزبين اتجاه نظام الملالي
- اظهرت الحرب في اوكرانيا الشرخ العميق الذي لايستهان به الحاصل بين حلفاء امريكا التقليديبن بالمنطقة والسعودية اولهم وبين الادارات الامريكية (والديمقراطية منها على وجه الخصوص) ..لابد للولايات المتحدة من تجديد الاتفاق الذي وقعه الرئيس روزفلت والملك عبد العزيز على ظهر الباخرة كوينسي..باتفاق مماثل ..يستدعي حضورا امريكيا امنيا بملفات المنطقة كلها…لذلك لا اتفاق نووي جديد قبل اصلاح العلاقات الامريكية السعودية التي تقف على مفترق طرق الان .
- تريد ايران العودة لاتفاق 2015 وتتجاهل ان الدنيا قد تغيرت خاصة الاقليم المجاور لها..لم تعد الخلافات والصراعات البينية بين دول وتكتلات هو عنوان المنطقة..بل ومنذ نهاية عهد الرئيس ترامب وبداية عهد بايدن بدات دول الاقليم باصلاح ما تم افساده وبداية تصفير المشاكل وهنا نذكر الاتفاقات الابراهيمية والتصالح القطري مع دول الخليج ومصر..ثم التصالح التركي مع مصر والخليج واسرائيل..هذه العلاقات المستجدة والتي اعقبت الصراعات السابقة لايمكن تثبيتها الا بانشاء منصة منظومة امن ودفاع اقليمي لملء الفراغ العسكري والسياسي ومواجهة تمدد نظام الملالي الى 4 عواصم عربية + غزة.لذلك لايمكن توقيع اتفاق نووي جديد قبل تبلور ذلك التعاون او التحالف الاقليمي الجديد.بذلك.وبالتالي عودة ايران للقررات الدولية 1737و1747و1803 و1929..وكلها تحت الفصل السابع والتي توجت بالقرار 2133 (خطة العمل الشاملة المشتركة) ..لذلك لا اتفاق نووي جديد قبل عودة ايران للفصل السابع (وهي الدولة الوحيدة التي دخلت به وخرجت دون حرب).
- يمكن منصة 5+1 افترقت او تحطمت بفعل الصراع الغربي مع روسيا حاليا ودخول الطرفين بمرحلة كسر عظم..وبالتالي لاامكانية لاي تعاون غربي مع روسيا باي ملف خاصة بمثل هذا الحجم..وبالتالي قد تنسحب روسيا من الاتفاق ايضا..ان عودة ايران للفصل السابع عبر عقوبات سناب باك..تعتبر امرا مرجحا بالنسبة للدول الغربية التي ستتجاوز اي فيتو روسي بمجلس الامن وفق نظام الية سناب باك وتكون ايران تحت العقوبات الدولية القصوى خلال 30 يوم من ابلاغ احدى الدول الاعضاء مجلس الامن بذلك.وبالتالي عودة ايران للقررات الدولية1737و1747و1803 و1929..وكلها تحت الفصل السابع والتي توجت بالقرار 2133 (خطة العمل الشاملة المشتركة) ..لذلك لا اتفاق نووي جديد قبل عودة ايران للفصل السابع (وهي الدولة الوحيدة التي دخلت به وخرجت دون حرب).
- هل يعقل ان يسمح النظام الدولي لدولة يحكمها حرس ثوري بعقلية دينية مسلحة عابرة للحدود ويتواجد هذا الحرس بكل سفارات ايران بالقارات الخمس وله انشطة بالمكسيك والولايات المتحدة وفنزويلا وامريكا اللاتينية ..اضافة لتواجده المعروف بالشرق الاوسط…ويمكننا الان ان ثنائية الدولة والدولة الموازية في ايران قد انتهت بوصول ابراهيم رئيسي لرئاسة الجمهورية ولم يعد الفرق موجودا هي دولة واحدة يسيطر عليها الحرس الثوري…هذا النوع من الدول اسوا من النموذج البوتيني الروسي لايعترف بالنظام الدولي ويسعى لتحطيمه..ولايخفي النظام الايراني ازدراءه بدول حددتها حدود سايكس بيكو ويسعى لتحطيمها لذلك ليس من المرجح توقيع اتفاق نووي مع نظام الملالي بل مع نظام ايراني كنظام اتاتورك التركي..يعلن خروجه من المرحلة العثمانية ودخوله عهد الجمهورية التي تحترم اتفاقاتها
- إن انفراط العقد الروسي وعقد الحرس الثوري يبدا من سورية البقعة الجيوسياسية الهامة للطرفين والتي هي ساحة التنسيق الحقيقي والعملي الان بينهما…بما تمثله من اهمية لكل واحد على حدة وكنموذج لتعاوتهما الوثيق بتحقيق اهدافهما الكبرى وتجاوز الخلافات بينهما..ان انفراط العقد الايراني الروسي بسورية قد يكون شرطا مهما لتوقيع ذلك الاتفاق بدحر كلا البلدان المارقان عن قلب الشرق الاوسط والعالم.