عندما يعفو الجلاد صفعة في وجه العدالة الدولية

في بلد لا يحكم فيه القانون يمضي فيه الناس الي السجن بمحض الصدفة لا يوجد مستقبل في بلد يتمدد فيه الطغاة كما يتمدد ثعبان في الرمل لا يوجد مستقبل “هكذا قال صلاح عبد الصبور. هو حال آلاف المساجين في صيدنايا و غيرها من السجون التي تفنن بصناعتها الأسد الأب و الابن , في ظل تواطئ ما بين السلطة و المؤسسات التنفيذية .بكل صفاقة و وقاحة خرج الأسد ليصلي في جامع الحسن بالقرب من مكان المجزرة . تلك المجزرة التي تنافي كل معايير الانسانية و الحرية و الحضارة . و بما أننا نتكلم عن الأسد و زبانيته فلا داعي لنقول عنهم بشر، فهم في الدرك الأسفل في معايير البشرية و الانسانية . فكان و لابد من تلميع صورته قليلاً بعد مقطع فيديو نشرته صحيفة الغارديان فلم يجدوا إلا قضية اخراج المساجين من مسلخ صيدنايا و ليظهر سفاح العصر على أنه حمامة سلام , و لعل بعض الدول ستقوم بترشيحه لجائزة نوبل للسلام .لقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر ” العفو و إطلاق سراح معتقلي سجن صيدنايا ” و لعل الأمر قد افتضح فيما بعد فلا يتجاوز من خرج بضع عشرات فاقدي الذاكرة ناهيك عن أجسادهم الهزيلة و النحيلة .و يأتي ضباع الأسد في سوريا و يروجوا عن مكرمة العفو و عن أي عفو يتحدثون ؟ . لا أحد في هذا العالم المنافق من دول كبرى ومنظمات فاعلة تنظر أو تراقب أو تتابع عن كثب وبإهتمام أوجاع الشعب السوري الذي يعيش هذه الأيام لحظات إنتظار غريبة وعجيبة حول ما يصلهم من أخبار عن فلذات أكبادهم تكاد تكون بالقطّارة ورغم ذلك مازال الناس يحدوها الأمل بلقاء أحبتهم أو سماع الأخبار المؤكّدة عنهم رغم أن البعض منهم وصلت من سنوات أخبار تصفيته ونصب الأهالي على إثرها بيوت العزاء …صور الخارجين من السجن بليغة في الوصف و الشرح و ما لذي جرى . و رغم رؤيتي لأمهات المعتقلين و ذويهم فقد كنت أترقب بدقات قلب متسارع خروج أبنائنا حالي كحال ذويهم . في تراجيديا المأساة السورية .آلاف بل عشرات الآلاف من الشعب السوري يتوافدون ويتقاطرون كل يوم نحو العاصمة دمشق ويتنقّلون بصعوبة بالغة بين صيدنايا وتحت ما يُسمّى بجسر الرئيس ، الذي أصبح سيء الصيت كصاحبه الذي سمي بأسمه ، أو سجن عذرا وبالقرب من الفروع الأمنية سيئة السمعة وقد تقطّعت بهؤلاء السبل حيث ينامون بالساحات والشوارع ويربطون الليل بالنهار ويمشون على غير هدى على الأقدام ينتظرون وصول الأبناء والأشقاء الذين غابوا عن أعينهم غياباَ قسرياً من سنوات تقاطرت القلوب المفجوعة إلى دمشق مع بداية طنطنة الأخبار التي حملت ما يُسمّى بالعفو العام وليته عفوا يحمل في طياته المعنى الحقيقي للعفو وتبييض السجون وإغلاقها وتحويلها إلى حدائق ومدارس ورياض أطفال إنما أراد به أصحاب هذا العفو القَزَمْ “مُطّيطة” تَشدّ وترخي لتُنسي البشر فضيحة مجزرة التضامن …و في المقابل هل أغلق باب السجن . لا لم يغلق فمن حول سوريا إلى غابة و إبتدع وسائل تعذيب و مسالخ . يعلم شعبه جيداً أن أبواب السجن لن تغلق فالاعتقالات لم تتوقف و مازال الأسد و زبانيته يبتدعون وسائل تعذيب و قتل و انتهاكات بالجملة فسوريا بالنسبة لهم هي غابة و مزرعة يحق لهم كل شيء تحت أنظار المجتمع الدولي و منظمات حقوق الأنسان بشرط عدم استخدام الكيماوي . فالسوري يا سادة و أقصد ” المواطن السوري ” ليس له أي قيمة أو كرامة في بلده و كأنه قد خلق ليقتل , قد خُلق ليحمل في جيناته لعنة ” مواليد سوريا ” . فلا الموج يرحمنا و الرياح تذرينا و رغم المآسي مازال الشعب السوري صامداً , متحدياً كل الظروف فمن أمن بالحرية لن يقبل بأقل منها فسلامُ على شعبنا و الحرية للمعتقلين و النصر قريب قادمُ لا محالة إن المراقب عن كثب يعجز عن وصف حالة الهيجان والتوتّر والكآبة في صفوف الشعب السوري المكلوم حيث لا يخلو بيتاً من بيوت السوريين من غائب ومُغيّب ومعتقل ومفقود ولا تجد فيها سوى البكاء والعويل وما زال الجرح ينزف ولا نقرأ هذه الأيام على صفحات التواصل والوسائل المُتاحة سوى المناشدات والصرخات والنداءات والاستغاثات من أهالي المعتقلين وذلك لمن إبتسم لهم الحظ وخرجوا وهم مازالوا قلّة قليلة وشاهدنا ونشاهد جمهرة وتَحوّلق الأهالي حول هؤلاء الذين خرجوا والكل يعرض عليهم من جهاز موبايله صور أولاده وإخوته فمنهم من لديه معتقل ومنهم من لديه أكثر من معتقل ومازالوا ينتظرون أن يُخبرهم أحد من هؤلاء بأن ولدهم مازال على قيد الحياة أو أنه مات …وقبل الختام: لابد من الإشارة إلى أن بشار حتى في أفراجه عن المعتقلين يسخر من الشعب ويقوا لهم : هذه بضاعتكم التي رفضتوني بها أعدتها لكم بين معاق وفاقد للذاكرة لم يتذكروا حتى وجوه أهاليهم و معالمهم وعودتهم أصعب من بقائهم مغيبين ، ومع غياب الرقيب للسماسرة وتجّار الدماء الذين انبعثت لهم مصادر نصب وتسوّل ورزق جديد …إن مناظر هؤلاء المغيبين قسرآ قد خرجوا من سجون عصابات الأسد وهم فاقدي الذاكرة ولايعرفون أبنائهم أو حتى أمهاتهم ومايزيد القهر أنك ترى الناس مثل السكارى يركضون وراء سيارات السجون التي غيبت أبنائهم قسرآ لسنين إنه قهر مابعده قهر.

د. نذير الحكيم

تقدمة لسوريا الأمل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.