ما الذي بقي له؟ الاقتصاد؟ لا اقتصاد، والمجاعة أكلت الناس بعد أن بات الناس بلا قوت، وما الذي بقي له والبلد قد باتت تحت خمس احتلالات عسكرية، فيما الميليشيات تسيطر على المناطق المدارة منه، حتى باتت السلطة، كل السلطة للعصابات؟ وما الذي بقي له حتى بات يشرّع لضريبة على اقتناء الكلاب المنزلية، ليسدد مرتبات موظفيه؟ وأخيرًا وهو الأهم
ـ ما الذي تبقّى له، وإسرائيل تقصفه من الجو والبحر والمجهول، وهذا ميناء اللاذقية يحترق، فيما المضادات الروسية في حميميم صامتة، لا روح فيها.
كل الشرعيات الواهمة سقطت، وأكثرها وضوحًا ذاك المتكأ الذي عاش عليه نظام الأسد الأب، ومن بعده الابن، ونعني الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وهو الصراع الذي لم يكن طرف النظام فيه لا فاعلاً، ولا حاضرًا، بقدر ماكان مستثمرًا لهذا العنوان، وتحت مظلته يقيم مبان ضخمة للأحكام العرفية، ومصادرة الحريات، ومنع الحياة المدنية، وعسكرة المجتمع، ونهب الموارد الوطنية، ومن بعدها ما يكفي من العلاقات تحت الطاولة، وهي العلاقات التي تزاوج ما بين السماسرة الإسرائيليين وسماسرة النظام، وهو الزواج الذي يأتي في النهاية لتصفية أحدهما للآخر، وكان علينا أن نتذكر على الدوام فيلم العراب، حيث تصفي العصابة العصابة، وهاهم الإسرائيليون اليوم يشتغلون على إهانة النظام، والاسترسال في تعنيفه، وليس قصف ميناء اللاذقية سابقة إسرائيلية، فالقصف بات شبه يومي، مرة للعاصمة وثانية للأطراف، وفي كل مرة يطال القصف “الحليف” الإيراني، وسط صمت إيراني يكشف حقيقة الضعف الإيراني، والهزال الإيراني، وعدم قدرة “حرسه الثوري” على الرد، فيما الحليف الروسي، صامت بالعلن، ومؤيد بالسر، وما من طائرة إسرائيلية تطلق صواريخها على دمشق إلاّ بموافقة ضمنية روسية، أو أقله بصمت روسي
السؤال يبقى ما الذي تبقي للمنظومة الحاكمة في دمشق؟
لا شيء سوى منافذ للنهب، آخرها فرض ضريبة على الكلاب المنزلية، الأمر الذي تحوّل إلى نكتة لدى السوريين، تمامًا كما تلك النكات التي تطلقها المستشارة الرئاسية التي تعد السوريين بجنة موعودة “تجري من تحتها أنهار اللبن والعسل”، فيما الشعب جائع.. جائع بالمعنى الفعلي للكلمة، والناهبين يتجولون فوق أكتاف الناس وبطون الناس لسلب الناس ما تبقى للناس.. سلب أي من الموارد، وسلب المحتمل من الموارد، وتعطيل أي مبادرة تقود إلى موارد بما فيها التحويلات المالية التي يرسلها مهاجرون يشتغلون الليل والنهار لتأمين كفاف عائلاتهم
منظومة لم يتبق لها أي من عناوين الشرعية، بما فيها تعبير “النظام الدكتاتوري
ليس نظامًا ولا دكتاتوريًا
انه مجرد عصابات، العصابة فيه تأكل العصابة
العصابة المركزية فيه تدعى “النظام
مجازفة باللغة تدعى النظام
مجازًا تدعى النظام
سوريا الأمل