ماذا وراء زيارة وزير الخارجية الصيني إلى دمشق؟

[بقلم د. باسل معراوي]

تعود اهمية سورية بالنسبة للصين الى عاملين اساسيين:

1- تسعى الصين الى السيطرة على العالم وقيادة النظام الدولي الجديد عبر اسقاط الولايات المتحدة وحلفائها عن القمة التي تربعت عليها بعد الحرب العالمية الثانية وانفردت بها تماما ودون منافس بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو ببداية التسعينيات من القرن الماضي.
تستعمل الصين الوسائل الناعمة بفرض سيطرتها وهيمنتها.وسلاحها الاول والامضى هو الاقتصاد.حيث تسعى من خلال الاغراق الاقتصادي واعطاء القروض واستثمارات في البنية التحتية والمشاريع الكبرى كاستثمار الموانئ وصناعة التعدين الى فرض هيمنة سياسية…
ولاتخف الصين مشروعها “الحزام والطريق ” والذي يعتمد على التعاون الاقتصادي وتبادل المنتجات بين الدول عبر طريق الحرير القديم….
الطريق البحري للوصول من الصين لاوربة(عبر بحر الصين الجنوبي والبحر الاحمر وصولا للمتوسط)غير ممكن نظرا لوجود اسطول امريكي متفوق باشواط بعيدة عن الاسطول الصيني…
لذلك كل الاهتمام الصيني ينصب على طريق الحرير القديم البري الذي يعبر باكستان وافغانستان وايران والعراق ثم سورية نهاية طريق الحرير على البحر الابيض المتوسط..اذ تؤمن الموانئ السورية مرافئ مهمة بل اساسية لنقل البضائع الى اوربة

2- الاستراتيجية الصينية (كما الروسية ايضا) تنطلق من منطلق راسخ ان مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان والنظم الليبرالية الخ… هي منتج غربي يقصد منه التوسع والسيطرة على المزيد من الشعوب ومقدراتها لخدمة الامبربالية الامريكية والغربية عموما…ولاتخف الصين ذلك..اذ هي حليف موضوعي لكل الانظمة الاستبدادية بالعالم بدءا من كوريا الشمالية مرورا بالنظام السوري وانتهاءا بالنظم الديكتاتورية في امريكا الوسطى واللاتينية (فنزويلا..كوبا)
كانت زيارة وزير الخارجية الصيني هي زيارة لارفع مسؤول صيني في العقد الماضي على الرغم من الدعم السياسي والدبلوماسي القوي والمباشر للنظام السوري حيث استعملت الصيني حق الفيتو الذي تمتلكه في مجلس الامن 6 مرات من اصل 11 مرة استعملته منذ قبولها كعضو دائم بمجلس الامن عام 1971 …
ولم تبد اي حماس او منافسة او اهتمام للمنافسة الايرانية الروسية على بقايا مقومات اقتصاد النظام السوري في الاراضي التي يسيطر عليها..حيث اقتسم الروس والايرانيون كل ماهو موجود…
في ظل الحرب الباردة المعلنة بين امريكا والصين والتي توضحت اكثر بنهاية عهد الرئيس ترامب والذي كان واركان ادارته يتهمون الصين علنا بتسببها بتصنيع وانتشار واخفاء معلومات عن فيروس كورونا والذي لازالت البشرية تعاني من اثاره على كل المستويات ويسمونه بالفيروس الصيني ويلمحون لطلب تعويضات هائلة بالمستقبل…
ادى الانسحاب الامريكي من افغانستان والعراق(قريبا) والكلام المتزايد عن تراجع او انسحاب من منطقة الشرق الاوسط..يرغب الصينيون الان بمزاحمة اصدقائهم الروس والايرانيون باملاء جزء من الفراغ المتوقع بعد انسحاب امريكي او تخفيف التواجد لدرجة رمزية…خاصة بعد عقدهم لاتفاق مبادئ لشراكة استراتيجية مع ايران والتي تسيطر ميليشياتها على العراق وسورية وبالتالي انشاء تواجد صيني بقلب بلاد الشام..ولايمانع الايرانيون والاسد من ذلك لتعديل كفة الهيمنة الروسية
من المعروف ان الصينيون لايستثمرون في مناطق مضطربة..لذلك احجموا عن اي تواجد اقتصادي حقيقي طيلة السنوات العشر المنصرمة ..ولاحساسهم ان الحرب في سورية اشرفت على نهايتها وبالتالي يمكن التفكير في الاستثمار في اعادة الاعمار في سورية التي ستكون مكسب صيني كبير اقتصادي وجيوسياسي لها في سورية
التخطيط لمرحلة مابعد الحرب بدا واضحا من خلال تهنئة الرئيس الصيني لراس النظام السوري بفوزه بالانتخابات التي اجراها في مناطق سيطرته…وكان سبق ذلك تعيبن مبعوث صيني خاص لسورية كان يشغل منصب السفير الصيني في طهران سابقا…
زيارة وزير الخارجية الصيني في وقت حساس بعد( اداء القسم الرئاسي) وبداية فترة رئاسية تمتد لسبع سنوات هي دعم سياسي للنظام السوري والذي احتفى به كثيرا حيث استقبل راس النظام الوزير الصيني لاظهار عدم عزلته على الصعيد الدولي…مع دعوة وزير الخارجية الصيني الى التخلي عن اوهام تغيير النظام وطرحه لمبادرة سلام ترتكز لقراءة متحيزة للقراى الدولي2254(الاعلام السوري عند تناول اخبار الزيارة تجاهل اعتماد المبادرة الصينية على القرار الدولي)..
ولكن اذا تساءلنا ماذا تستفيد الحكومة الصينية من النظام السوري دبلوماسيا وسياسيا.؟ فاننا لانرى غير الدعم لمواقف الصين في المنظمات الدولية ..من حيث انتهاكها لحقوق الانسان او فيما يتعلق بالمعركة البدبلوماسية القادمة (ضمن سياقات الحرب الباردة)حول تسبب الصين بداء كورونا
بالنسبة للفوائد الاقتصادية التي يمكن ان يجنيها النظام ..فاحجام الشركات الصينية عن تحدي العقوبات الامريكية والغربية على سورية هو امر ثابت ..وقد برهنت عليه السنوات السابقة…انما يمكن للصين ان تنفذ بعض مشروعات الصيانة لشبكات الصرف الصحي والمياه وترميم بنية القطاع الصحي التي العمل بها لم يعد خاضعا للعقوبات الامريكية بفعل تمرير عبارة الإنعاش المبكر التي وردت في القانون 2585 الصادر مؤخرا عن الامم المتحدة والذي مدد لالية ادخال المساعدات الدولية عبر معبر باب الهوى في محافظة ادلب..شرط ان يكون الاشراف على تلك الاعمال خاضعا للصليب الاحمر الدولي ..والسماح بالتعامل مع الاشخاص او الكيانات السورية المدرجة على قوائم العقوبات..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.