بيدرسون من جديد..في جولة إسعافية لإنقاذ اللجنة الدستورية من الموت السريري

[بقلم الدكتور باسل معراوي]

عندما بدا الروس تدخلهم العسكري المباشر في سورية ب30 ايلول 2015..وبعد النجاح الروسي بضم شبه جزيرة القرم قبل عام مضى..وتدخلاتها في شؤون دول جوارها السوفييتي السابق ونجاحها في اغلب الاحيان في جيورجيا وابخازيا..وبدء ظهور تعافي الدولة الروسية بقيادة قيصرها الجديد بطل حرب الارض المحروقة في الشيشان…تاقت روسيا للعب دور على الصعيد العالمي يرضي طموحات القيصر ويعيد لروسيا بعض امجاد او ادوار الاتحاد السوفييتي البائد باعتبارها قوة عظمى مرضت ولم تموت ..فكان لابد من رافعة استراتيجية لمشاريعها ولم يكن افضل لها من سورية تلك الدولة القريبة وذات الموقع الاستراتيجي الهام والذي كانت تراقبه روسيا ..حصل التدخل وتم وضع برنامج زمني وفق تصريحات من اعلى المستويات ان مدة ثلاثة اشهر كفيلة لتحقيق اهدافها منها ثم مددت المهلة لستة اشهر ..وانقضت السنوات وحققت قوات النظام وحلفاءه من الميليشيات الايرانية بعضا من التقدم بفضل التغطية الجوية الروسية ..

رواد الروس احلام الاستئثار بالحل السياسي بمفردهم والانقلاب على القرار الدولي الذي صاغوه بانفسهم 2254..عبر تغيير الواقع على الارض وبالتالي بروز معادلات جديدة تتطلب مقاربات من نوع اخر

احبط الامريكان والاتراك الاحلام الروسية بتمركز قوات من البلدين بقوات رسمية وحلفاء محليبن في منطقتي الشمال الغربي والشرقي ووضع تلك الدولتان(امريكا وتركيا) خطوطا حمراء امام اي حسم عسكري ..وطالبا بالعودة لمسار جنيف للحل المنبثق من نصوص القرار الشهير2254

لم يحالف الحظ الروس باختراع مسارات سياسية بديلة كمساري استانة…وتم الاجوء الى مسار موازي ومنافس لجنيف وكان من منتجاته اللجنة الدستورية

حاول الروس تسويق اللجنة الدستورية دوليا كاحدى مسارات الحل الدولي بسوريا..ولم تجد الامم المتحدة مناصا من تبنيها واعتباراها الممكن الذي يمكن بها ادارة العملية السياسية في ظل تعثر كل جولات جنيف السابقة بسبب عدم جدية النظام وداعميه بتحقيقىاي تقدم حقيقي فيما عرف بالسلال الاربعة…

تم عقد خمس جولات لمداولات اللجنة الدستورية من حين الاعلان عن تشكيلها الى شهر كانون ثاني من العام الحالي.
لم تسفر كل تلك الجولات عن نتائج ملموسة ..

ومما نعرف ان السيد بيدرسون قدم طلبا لتحديد موعد له في دمشق لمقابلة مسؤولي النظامةالسوري قبل 6 اشهر من الان ولم تاتيه الموافقة الا اخيرا حيث قابل فيصل المقداد وزير خارجية النظام السوري واعلن عن تفاؤله بقرب عقد الجولة السادسة (ويبدو انه اخذ موعد لذلك قبل نهاية العام)..وصرح خلال زيارته لدمشق انه ينفذ سباسة الخطوة مقابل خطوة ويني عليها…وتشير بعض الانباء عن قرب توجهه الى تركيا في الايام القريبة لمقابلة مسؤولي المعارضة السورية للتباحث معهم بالامر ذاته

من وجهة نظري المتواضعة اذا نظرنا الى حقيقة اللجنة الدستورية فهي اقرار دولي بعدم شرعية النظام السوري لانها تنتقص من سيادته (المزعومة) وبالتالي وضعه تحت وصاية دولية لكتابة دستور للدولة بالرعاية الاممية الامر الذي يتم الاستنتاح منه عدم وجود اي شرعية للدستور الحالي المعتمد من النظام السوري (دستور 2012) والذي هو دستور مطعون بشرعيته وبالتالي كل ما نتج وينتج عنه غير شرعي واهمها تجديد انتخاب رئيس النظام لولاية رئاسية ثالثة مدتها سلع سنوات..وبطلان شرعية كل المؤسسات القائمة عند النظام لانها تستمد شرعية وجودها وعملها من دستور غير شرعي وغير معترف به دوليا ويجري صياغة دستور بدلا عنه…
وقد صدرت تصريحات من وفد المعارضة السورية بنهاية الجولة الخامسة انهم لن يعودوا للاجتماع بوفد النظام بجولة قادمة مالم يتم التزام او الزام النظام بالتقيد بمضمون وغاية تلك الاجتماعات

ارى لزاما على السيد بيدرسون والوفد المحسوب على المعارضة السورية ان يصر على ثلاث تقاط رئيسية:

1–ان يتم البحث بمواد دستورية حقيقية وليس تعاريف وطنية بهدف مضيعة الوقت
2–ان يصر وفد المعارضة على منهجية البحث التي تؤدي للاتفاق على اساسيات او مواد دستوربة بتم تثبيتها للانطلاق الى غيرها..
3–ان لايكون الوقت مفتوحا ..بل يتم وضع برنامج زمني ملزم للانتهاء من انجازه..وللعلم ان انجاز دستور 2012 من قبل النظام لم يستغرق اكثر من 70 يوما..

سيلجا النظام كعادته لاضاعة الوقت وبالاساس هو لايعترف بوفده رسميا بل يصر دائما على وصفه بوفد دمشق الوطني القريب من الحكومة السورية (وليس ممثلا لها) الامر الذي يتيح له التنصل من اي التزامات قد يضطر وفده للاقرار بها.
وفي النهاية انا لاارى من جدوى من اجتماعات تلك اللجنة بل وكل مسارات التفاوض المختلفة مع النظام وداعميه .وان هذا النظام آمن ونفذ من اليوم الاول لانطلاقةالثورة الشعبية السورية ان الحل الامني والعسكري هو خياره الحقيقي والذي طبقه طيلة السنوات العشر الماضية .وان الروس يلجؤون لهذا المسار لصعوبة الولوج الحقيقي بملفات اكثرا تعقيدا كتشكيل هيئة الحكم الانتقالي او ملف المعتقلين والمفقودبن…وان هذا النظام لن يقدم على تقديم اي تنازل حقيقي يؤدي لحل ما..الا اذا مني داعمه الرئيسي والاستراتيجي ايران بهزيمة كبرى ادت له للانسحاب من دول الاقليم الذي ينشر ميليشياته بها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.