رحلت عنا ولكن كلماتك ومقالاتك وتسجيلاتك باقية معنا حية نرددها بين الحين والاخر، وقد تعلمنا منها كيف يحيا الرجل وهو يصارع فى الحياة، وكيف يجد فيها مغزى ومعنى يناضل من اجله، وكيف يصمد ولايغامس ابداً ماتورط فيه غيره من أسباب الزلفى والهوان لذوى السلطانلا يمكن لأي مجتمع من المجتمعات أن ينهض ويرتقي ويزهو ويتطور الآ برجال أوفياء مخلصين ووطنيونففي تاريخ الأمم والشعوب أن الرجل النزيه والمخلص هو من يصنع المجد لشعبه وينهض بوطنه ويرتقي بمستويات مواطنيه ويبذل كل جهوده لتحقيق حلم الشعب ويتحمل كل العناء والمشاق لأجل ذلك . لقد كنت ايها الانسان كبيرا فى بساطة وبسيطا فى قوة وشموخ، وايقنت أن أثمن ما يحرص المرء على أن يمتلكه فى هذه الحياة هوحريته وكرامته كإنسان، تلمست الحقيقة بعد أن اختلطت فى ذلك الوطن الصغير الشعارات بالطموحات، وغابت الحكمة وسيطرت على البلاد فرق التتار، وادركت أنت بأحساس الحر وراهفة الكاتب ، القوة في التغيير بمشاركة اغلبية الناس، فالثورة الحقيقية لاتصنع وتحتكر الا من الشعب ، الثورة الفعلية تجسدها ارادة الجموع التى تصنعها و تتخطى بها حدود الاشخاص لتخلق التغيير المنشود. لقد كانت كلماتك ايها الراحل وومقالاتك تنبهنا لهول الجريمة والخطر الداهم، ولكن التتار بخودتهم العسكرية وعقولهم الخاوية سارعوا الى خنقها لانهم كانوا يخشون تأثير الكلمة الحرة، حتى لو كانت صغيرة لانها تعرى ممارساتهم، وهم يخشون محبتك لوطنك وشعبك الذى يبرز جهلهم، ويخشون طهرك الذى يكشف قذارتهم، ويخشون شجاعتك التى تكشف جبنهم فحاربوك ليخرسوا اصوات كل الاحرار، وتفننوا فى انتاج حالة حصار لايسمح فيها سوى للمنافقين والادعياء بالحديث والكتابة، والتعايش فى المستنقع الذي اسموه الفردوس الارضي، وظل هؤلاء ومن جاء بعدهم الى يومنا هذا يلعقون احذية الدكتاتور، ويتسابقون فى مدحه واطرائه ويغضون الطرف عن جرائمه وفساده، ويتجاهلون معاناة وآلام شعبهم فكتبت عليهم الذلة فى حياتهم الميته. والان رحلت عنا ايها الامين ولكن رصيدك زاخر وذكراك ا الوطنية باقية، لن ترحل بل ستظل تحكى للاجيال من بعدك عن ذلك الانسان البسيط الذى أصبح رمزاً رغم انف الطغيان.
رحم آلله الراحة والمفكر الكبير ميشيل كيلو الوفي المخلص للمبادئ الوطنية
رحم آلله الراحل والمفكر الكبير ميشيل كيلو الوفي المخلص للمبادئ الوطنية