الحالة السورية والرؤى الحالمة (السوريون والوهم)

[بقلم أ. بشار علي الحاج علي ]

قد يتبادر لذهن القارئ من العنوان أن هذه الكلمات تدعو للتشاؤم ، كلا إنها محاولة لوصف الواقع ، سيما وأننا كسوريين قد وصل أغلبنا إلى عتبة الإحباط في حين تربع اليأس في عقول وقلوب البعض الآخر وهذه الحالة يمكن سحبها وإسقاطها على السوريين من أقصاهم إلى أقصاهم وكل حسب موقعه وموقفه من ( الأحداث – الثورة – الأزمة )
وكي لا أطيل عليكم إخوتي السوريين ، أرى أنه لابد من الرجوع قليلا للتاريخ الحديث ،إبتداءً بالحرب العالمية الأولى ومخرجاتها مثل (وعد بلفور – الإنتدابات ، الحرب العالمية الثانية ، تأسيس منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ،،،إحتلال فلسطين ،،،،
ولسنا بحاجة إلى الكثير من البحث والتدقيق، لنكتشف ؛ أن النظام العالمي هو نظام الأقوياء وماسيطرة خمس دول كبرى على مجلس الأمن وقراراتها إلا صورة حقيقية عن السياسة الدولية بعيداً عن الأماني والشعارات المغلفة (بحقوق الإنسان) حيث يتضح أنه لا وجود لحقوق الإنسان بل حقوق الأقوياء ،
ولدينا الفيتو الأمريكي لحماية الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين ، والفيتو الروسي الحامي لنظام العصابة الحاكمة في دمشق ، على الرغم من إستخدام الكيماوي واثبات محارق المعتقلين ،وكل هذا الكم الهائل من الدمار في عصر سرعة الإعلام والتواصل حيث تحدث هذه الفظائع تحت أنظار العالم شعوباً وحكومات .
هذا يعني أننا بلاقيمة عند القوى الفاعلة والتي تجترح مصالحها في أجسادنا دون أية إعتبارات إنسانية وأخلاقية هذا أولاً ، و لا حسابات أخرى سياسية ،عسكرية ولا إقتصادية، وحسب المنطق الدولي السائد أعتقد أنها حالة طبيعية ، فالقيمة تركتز على إمكانية تهديد المصالح ،أو منع المكاسب ، ووفق هذا المعيار اعتقد انتفت الفاعلية الوطنية في تحقيق حل ما ، ولكن يبقى الحد الأدنى وهو إمكانية القبول أو رفض حل سياسي يفرض علينا .
فإذا كان النظام قد فرط بالسيادة لصالح الحكم ، وتم إختراق الهيئات التي إدعت تمثيل الثورة والمعارضة فكأنهم مندوبين لمصالح الدول الداعمة لهم ، فمن الطبيعي أن نرى بدل جنيف سلسلة لانعرف متى تنتهي ، وبدل آستانة وسوتشي سلسلة أخرى ومؤتمرات وإجتماعات، فهي تعقد الحلول بسبب تعددها وكثرة المشاركين فيها وصعوبة إنتاج توافق أو حلول وسط ، وكيف إذاما تمت إضافة سفراء التوجيه والتحكم إلى هذا الوسط الغير متجانس والغير قادر على الوصول إلى معادلات مقبولة .
ولايخفى على أَحَد كيف طوعت المصالح ؛الدول الإقليمية ، فأصبحت تنغلق على حدودها الضيقة ، وبطبيعة الحال لم تعد قضيتنا في رأس قائمة الأولويات
إذاً أين أصحبت القضية السورية ؟
السوريون ضاعت أحلامهم ضمن ثلاث رؤى:
جانب الثورة والمعارضة وإنتظار التغيير .
جانب النظام والمولاة و حلم الإنتصار .
أكثرية الشعب بإنتظار الأمان والعيش بسلام .
فيما الدولة السورية شبه فاشلة مدمرة والشعب السوري ككل بين الفقر والتشرد .
القضية السورية :بحاجة للمخلصين من السوريين
نحن بلا أنياب ولاتهاب الوحوش من لا أنياب له.
ربما هناك فرصة تحتاج إلى المبادرة، مع المتغيرات السياسية والاقتصادية العالمية ، بما فيها قانون سيزر وأزمة أسعار النفط وأزمة كورونا تجعل من كل الأطراف أكثر قربا للتوافق وأكثر حاجة للحل ، مبادرة تقوم بها المؤسسات السياسية الممثلة للثورة والمعارضة وهنا أعني الائتلاف الوطني وهيئة المفاوضات وعلى محورين الأول التواصل مع الدول الفاعلة لتحريك الحل والثاني التواصل مع السوريين أجسام ومنظمات وشخصيات لحشد الدعم لذلك .
ونحن كسوريين نتفهم ونصغي للغير ،و يجب أن نتفهم بَعضُنَا و نسمع لبعضنا ، ولا نبقى وكل طرف يظن أنه إنتصر وينتظر من القوى الدولية منحه الإذن بالإنتصار ، كلا أيها السادة الكل خاسر حتى الآن ، وإن لم نعي ذلك ستتحول الخسارة إلى كارثة ، في حين نأمل أن نستفيد من السنين العجاف في تغيير أنماط التفكير وأن ننطلق بعد أن أعطتنا تجاربتنا الصعبة دروساً قاسيةً في أهمية الوطن وقيمة الإنسان .

إقرأ المزيد : عن المتفرد وإنجازاته!

ملاحظة : يسمح بالإقتباس مع وضع رابط المصدر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.