إنتهاء شهر المحاسبة الإعلامي..وإقتراب المحاسبة الحقيقية

كان مؤلما للسوريبن تناول المسؤولين الغربيين والاعلاميبن ايضا وفي خضم حملتهم على العدوان الروسي على اوكرانيا …استحضار اسم سورية  او اسم مدينة منها كحلب مثلا…لربط مشاهد الاجرام والوحشية والتدمير التي يقوم بها نفس العدو في هذه الايام ببلد اوربي مجاور له (وان كنت اعتقد ان يد الاجرام الروسية مكبلة بقيود عديدة لاترقى لل10% مما فعله بسورية)..
الحرب العالمية الثالثة التي تدور رحاها الان في اوكرانيا ليست الا المعركة العسكرية منها…
تدور المعركة الاقتصادية الان بين روسيا والمجموعة الغربية(والمجموعة الغربية ليست بالمعنى الجغرافي بل بامتلاك نفس القيم والمبادئ ولو كانت باي جهة جغرافية كسنغافورة وكوريا الجنوبية واسترالية الخ واليابان الخ) وعنوان تلك الحرب الروبل مقابل الدولار واليورو
ما يهمتي الان ان اتناول المعركة الاعلامية والقضائية ..والتي ترتبط الجرائم الروسية بسورية بها ارتباطا وثيقا…
ومن ضمن تلك المعركة كان اعلان السفارة الامريكية بدمشق ان شهر آذار هو شهر المحاسبة للنظام السوري والغاية التركيز والتذكير بجرائم النظام والعدو الروسي التي تم ارتكابها بسورية وتقديم ذلك للمتلقي في العالم والغربي خصوصا…لحشد الراي العام الغربي خلف حكوماته لمواجهة اي تذمر شعبي من ارتفاع الاسعار بشكل عام والاغذية والوقود بشكل خاص..
اذ ان تلك الحكومات منتخبة ويهمها نسبة تاييد الجمهور لها خاصة مثلا ان فرنسا تواجه استحقاق انتخابي رئاسي والادارة الامريكية تواجه انتخابات التجديد النصفي للكونغرس بالخريف المقبل
وكان باديا ايضا اهتمام العدالة الدولية بمراقبة الجرائم الروسية حيث فتحت مثلا المحكمة الجنائية الدولية التحقيق بملف جرائم الحرب الروسية باوكرانيا بعد يومين من انطلاقتها..وقالت ان اثر تلك الجرائم رجعي يمتد ليشمل الجرائم الروسية منذ عام 2014 عند احتلال الجيش الروسي لشبه جزيرة القرم…وليس بعيدا ان تتبنى بالمستقبل القريب التحقيق ببعض جرائم الحرب الروسية الموثقة بسورية (وهي عديدة بالطبع) وتسهم في اغناء اي ملف قضائي دولي جار اعداده…
ولاشك ان وصف الرئيس الامريكي للرئيس الروسي ونعته بمجرم الحرب ليس صدفة انما هذا الوصف يستخدم لسوق من يطلق عليهم للمحاكم الدولية اذا انه توصيف قضائي وليس سياسي كما وصف الرئيس الامريكي نظيره الروسي مرات عدبدة بالقاتل والجزار..الخ
اصيب بعض السوريين بخيبة امل بعد نهاية هذا الشهر (شهر المحاسبة) ..وذلك لانهم بالغوا في تفاؤلهم بنتائجه والتي تصور البعض انها لسوق مجرمي النظام الى العدالة الدولية او اصدار مذكرات توقيف امريكية بحق بعضهم ..او ماشابه من الافعال الاجرائية ..لكن كان واضحا للغالبية ان هذا الشهر تظاهرة اعلامية لحشد الراي العام ليس اكثر وهو مفيد بكل الاحوال..
اذ لايمكن لاي سياسي في المنطقة والعالم تجاهل او الاستخفاف بما يصدر عن المؤسسات الامريكية الرسمية او السياسيين الحاليين (وليس المتقاعدين بالطبع الذين يتحفونا بتحليلاتهم او مواقفهم او تضامنهم او تانيب ضميرهم بعد الاحالة على التقاعد)..
كان اطلاق اسم الشهر وباسم المحاسبة هو تذكير عملي بالموقف الامريكي الرافض لاي تعويم للنظام دوليا او عربيا ..بل انه بين السطور والكلمات بمكن ان يطل سيف قانون قيصر مشرعا بوجه من يحاول تجاوز ذلك الموقف

ارتباك أمريكي بالملف السوري قد يكون ايضا من أسباب إعلان شهر آذار شهر المحاسبة
لاتحتاج السياسة الامريكية لمزيد من الارتباك بالملف السوري والتي كانت محدداتها بعهد الادارة الجديدة تتركز على :
1- الاهتمام بالدعم الانساني  للسوريين  وعدم مقاربة اي طرح سياسي في هذه المرحلة ..مع تكرير المواقف الامريكية المعروفة بان لاحل عسكري للحرب في سورية والتمسك بالحل السياسي وفق القرار الدولي 2254

2- مكافحة تنظيم داعش الارهابي.

3– ابقاء حالة الهدنة غير المعلنة والابقاء على وقف خطوط القتال كما هي عليه منذ اكثر من عامين ..لعدم التسبب بكوارث انسانية جدبدة
لكن الارتباك الامريكي المرتبك اصلا حدث نتيجة لعدة عوامل مهمة ترتبط ارتباطا وثيقا بالملف السوري وهي:
1–لم يكن في خطط الادارة الديمقراطية الحالية عدم التوصل لاتفاق نووي مع ايران..وقد وصل الاتفاق لكتابة سطره الاخير بنهايات شهر شباط المنصرم وقد تعطل ذلك بفعل الغزو الروسي ..ويمكن ان تكون هناك سياسات امريكية تم تجهيزها للملف السوري بعد توقيع ذلك الاتفاق وكيفية التعاطي مع الاحتلال الايراني لسورية

2–  اندلاع الحرب الروسية على اوكرانيا التي فاجات العالم كله بما فيهم الامريكان  ..وكانت كل الخطط الامريكية بالملف السوري مبنية على تعاون اضطراري مع الوجود الروسي بسوربة سياسيا وعسكريا…ليس واضحا لحد الان (ولازال ذلك مبكرا) كيفية التعاطي الامريكي مع الوجود الروسي بسورية وان كان المنطقي ان التاثير الروسي سيضعف حتما ليس في سورية فحسب بل في كل اماكن نفوذها بالعالم

3– تماهي النظام السوري  مع ثلاثة دول مارقة بالعالم فقط بتأييد الغزو في حين امتنع حلفاء لروسيا عن التصويت كايران والصين وفنزويلا وصربيا الخ..بل وارسال مرتزقة سوريين للقتال الى جانب القوات الروسية…ويمكن ان يكون هذا الموقف من قبل النظام كقطع شعرة معاوية مع مايسمى امريكيا تعديل سلوكه وليس تغييره

4- تبلور مجموعة اصدقاء أمريكا الساخطين على سياستها وعقدهم لقمة وزارية بالنقب المحتل واصدار مواقف موحدة من التمدد الايراني بالمنطقة.
كل تلك المتغيرات حدثت بالاسبوع الاول من الغزو الروسي…ونتيجة للاهتمام الامريكي بمواجهة الروس عالميا بالحرب العالمية الثالثة..فانهم اضطروا للامساك بالورقة السورية بوجه خصومهم الروس والايرانيون عبر اطلاق كل التظاهرات الاعلامية ومنها شهر المحاسبة والايحاء على عجل وبشكل مفاجىء بعد زيارة وفد امريكي لمناطق سيطرة مايسمى تنظيم قسد باطلاق البيانات الرسمية المؤيدة للثورة السورية والمباركة لها بعيدها الحادي عشر. اضافة لرفع اعلام الثورة في تلك المناطق…
ستؤدي كل تلك التداعيات في المنطقة لتغيير اساسي بالمقاربة الامريكية للملف السوري سنراها قريبا بل قريبا جدا …

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.