مرهف الزعبي
ليس كل من يجمعك يقويك…
تشرذمت وتفرقت الدول العربية عبر جامعتها التي أسستها لهم بريطانيا وما يُسمى بدولة اسرائيل. فأضعفت الشعب العربي ورهلته على جميع المستويات حتى أضحى المتلقي السلبي لكل ما يحصل حوله. فتأثَّر أكثر مما أثَّر. وفقد خيرة شبابه عندما وصل الحكام العرب إلى عروش سلطاتهم عبر الانقلابات العسكرية، والدعم اللامتناهي من قبل الدول الأجنبية التي تركت ورثةً لها عبر ما يُسمى بالمستعمرين الوطنيين.
فأصبح التضييق على الأحرار، والقضاء عليهم هدف أساسي لترسيخ حكمهم، والاستمرار به. وأضحت الهجرة مطلب أساسي للشباب الناشئ، كما أصبح القضاء على شعل المبدعين، والعباقرة، والمفكرين، ورجال الدين، ورواد التغيير هدف أساسي للنظم الشمولية العربية. فزرعوا التجهيل، والتخلف، والتفقير ليتسنى لهم الاستمرار بالهيمنة على الشعب العربي، والتحكم به، عبر ذرائع أوجدوها لتثبيت حكمهم. ففرضوا قوانين الطوارئ لعقود، وسلبوا مقدرات الدول العربية، وخيراتها ورهنوها لقوى خارجية تعادي أي نهضة عربية-عربية.
ولا تزال هذه الأخيرة تضيق الخناق على الشعب العربي وتحاربه خاصةً مع سقوط أقنعتهم وتقاربهم مع أعداء الشعب العربي. وليس ببعيد عما حصل لأغلب الدول العربية بدأً من الصومال، السودان، لبنان، العراق، سورية، اليمن، الجزائر، وليس انتهاءً بفلسطينيي غزة. حيث أضحى تقاربهم مع أعداء الشعب العربي سراً، وجهراً مصدر فخرٍ واعتزازٍ لهم.
الشمال السوري قد يكون نسخة طبق الأصل عما حدث للشعب العربي من تشتت وضعف، وارتهان، وضياع عبر الفصائل المقاتلة في سورية التي تتبع لأجهزة استخبارات متعددة، ولدول إقليمية، فضاع السوريون في دول الشتات، ومن بقي أصبح مغلوب على أمره بسبب سحب كل وسائل صموده، لمنعه من استمراريته في ثورته. فسيطر على الشمال السوري من اغتصب قرار الثورة من سياسين قامت بتعيينهم دول عديدة ليكونوا لهم كجواسيس، وعبر قادة فصائل باعوا ثورتهم وارتهنوا للضامن الذي يسعى لتحقيق مصالحه على حساب دماء ملايين السوريين، وآلامهم، وأوجاعهم. فغدى الفقر، والتجهيل، وترويض السوريين، وإخانعهم هدف أساسي للاستمرار بمآسي السوريين الأحرار إلى أن يجمع الحاضن الثوري أحراره من جديد… النتيجة: ليس كل من يجمعك يقويك. فقد يكون جمعه لك لإطلاق رصاصة الرحمة والقضاء عليك…