غالبًا ما يكون المرتزقة منفصلين وطموحين وبدون انضباط. هم أيضا أكثر ميلا لأن يكونوا موالين لصائدي رواتبهم أكثر من ولائهم للبلدان التي يقاتلون من أجلها. هذا يمكن أن يجعلهم حلفاء خطرين وغير موثوق بهم…
”هذا كلام لـ “ميكافيللي” صاحب كتاب الامير، الكتاب الذي قلّما فاتت قراءته أيّ من الدكتاتوريات المعاصرة، ومن الصعب الاعتقاد بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يقرأه، غير أنه إذا قرأه لم يكن قد استعان به وقد منح طبّاخه امتدادات عسكرية، سمحت للطبّاخ بأن يطوّق بكلتا يديه عنق الرئيس الروسي.
بوتين قال صباح أمس إن الأحداث الجارية في جنوبي البلاد، تعد بمثابة “طعنة في الظهر”، و”خيانة” تستوجب “عقابا صارما”.
وفي خطاب وجهه للأمة عبر التليفزيون ووسائل الإعلام المحلية الروسية، أكد بوتين أن جميع الأوامر والتوجيهات المناسبة قد أعطيت للقادة والجنود في الوقت المناسب.
يأتي ذلك بعد التصريحات والقرارات المتحدية للقيادة من جانب زعيم ومؤسس مجموعة فاغنر المرتزقة الروس يفجيني بريغوجين، والذي يتهم قيادة الجيش بشن هجمات صاروخية على قواته في أوكرانيا.
قبلها أعلنت فاغنر السيطرة على مدينة روستوف أون دون القريبة من الحدود الأوكرانية، كما قالت في وقت لاحق إنها سيطرت أيضا على مدينة فورونزه على الطريق الواصل بين روستوف والعاصمة موسكو.
ودعا بريغوجين إلى انتفاضة ضد قيادات الجيش الروسي، لكنه أكد أنه لا يطالب بانقلاب.
البريطانيون التقطوا الرسالة، وكذا الاستخبارات الامريكية وفق وول ستريت جورنال، والكل صمت آملاً أن يأتي الصراع ما بين الجيش وفاغنر على مصير الرئيس الروسي، والعالم كل العالم وقف يتفرج على المشهد.
بوتين يقر بأن الوضع الأمني في مدينة روستوف صعب بعدما سيطرت عناصر فاغنر عليها.ورغم أن بوتين لم يذكر بريغوجين صراحه باسمه خلال خطابه، إلا أنه تعهد بمعاقبة جميع من يقفون وراء “العصيان المسلح”.
واعترف بوتين بأن الوضع الأمني في مدينة روستوف صعب بعدما سيطرت عناصر فاغنر عليها.وكان بريغوجين قد وجه انتقادات حادة إلى قادة الجيش الروسي ، متهما إياهم بشن هجوم صاروخي مميت على قواته في أوكرانيا.
وعقب إعلان السلطات الروسية فتح تحقيق مع بريغوجين، تعهد الأخير بأن “يستمر حتى النهاية” و “يدمّر كل ما يعترض طريقه”، مؤكدا أن قواته دخلت الأراضي الروسية.وقال، في رسالة صوتية نُشرت على منصة التواصل الاجتماعي “تليغرام”، إن “الشر الذي تحمله القيادة العسكرية الروسية يجب أن يتوقف”.
وقال: “أولئك الذين قتلوا أبناءنا وعشرات الآلاف من الجنود الروس (في الحرب في أوكرانيا) سيعاقبون”.
وأضاف: “أطلب منكم عدم المقاومة، أي شخص يفعل ذلك سيعتبر تهديداً لنا وسيتم تدميره. ينطبق ذلك على أي نقاط تفتيش وطيران على طريقنا”.
وتابع: “هذا ليس انقلاباً عسكرياً بل مسيرة نحو العدالة. أفعالنا لا تؤثر على القوات الروسية بأي شكل من الأشكال”.
وفي منشورصوتي له السبت على تليغرام، أكد بريغوجين إن جميع قوات فاغنر، التي يفوق عددها 25 ألف شخص، “على استعداد للموت ” لتحقيق هدفهم بعزل القيادات العسكرية الروسية.
وقال “جميعنا على استعداد للموت، جميعنا 25 ألفا، وبعدهم 25 ألفا، من أجل الشعب الروسي”.
بريغوجين قال إنه يزحف من روستوف أون دون على الحدود مع أوكرانيا في الجنوب الروسي، إلى العاصمة موسكو.
في النهاية (وهذه ليست النهاية) أوقف الطبّاخ زحفه على موسكو، فالمغامرة ثقيلة، غير أن ما أنتجته فاغنر وإن لم يطح بالرئيس الروسي فقد أطاح بمكانته وسمعته، ولابد نال من (مقام القيصر)، وكرة الثلج وإن بدت متوقفه غير أنها قد تتدحرج من جديد، والجديد:ـ
هل ستنتهي مفاعيل (التمرد) هذه دون أن تنسحب على الجيش بثكناته؟
وهل سيبقى الرصيف الروسي مستسلماً لقدره “بوتين”؟
من الصعب التصور أن أمراً كهذا سيمر كما لو زوبعة.
كل الدلائل تشير أن موسكو بمواجهة زلزال.قد يتأخر ولكن لن يخمد.