لماذا تعارض إيران العملية العسكرية التركية في الشمال السوري؟

لايغيب عن بال اي راصد او متابع للعلاقة بين تركيا وايران الا ان يسلٌم اولا ان الدولة التركية الحالية قامت على أنقاض الامبراطورية العثمانية وان نظام الملالي بايران هو وريث للامبراطورية الفارسية .وقد حكم الصراع الدامي العلاقة بين الامبراطوريتين الى ان توصلا لتوقيع اتفاقية ترسيم الحدود البالغة 517 كم بالقرن السابع عشر وانتقل الصراع العسكري الى تنافس (مع تغير الانظمة الحاكمة في البلدين)…لم يحتربا مباشرة ولم يتم تغيير الحدود بينهما بالرغم من كل حالات الضعف او القوة التي مر بها البلدان ..ويرى البعض ان ايران وتركيا سبقت اوربة بترسيم واحترام الحدود الوطنية الذي نتج عن معاهدة وبست فاليا والتي انهت الحروب الدينية في اوربا بعام 1630 كان الايرانيون اكثر الناس سعداءا بتدهور علاقات تركيا مع دول الخليج العربي (باستثناء الامارة القطرية) ومصر…نتيجة الاختلاف في النظر والتعامل مع حركات الربيع العربي…لكن بالوقت نفسه كانوا اكثر الناس قلقا عندما بدا الجليد التركي الخليجي بالذوبان واينع ربيعا خليجيا ومصريا مع تركيا يقلق ايران كثيرا لانه تلاق بين اعداء تاريخيين للفرس هم العرب والترك كان الطرفان التركي والايراني على طرفي نقيض في المعادلة السورية…فالايرانيون وضعوا كامل جهدهم العسكري والاقتصادي الى جانب قوات النظام السوري المجرم…فيما كانت تركيا داعما للمعارضة السورية بكل اشكالها ولكن بتردد وتحفظ نظرا لامكانات تركيا الهائلة ..ولو كان الدعم التركي للثورة السورية بمقدار ربع الدعم الايراني للنظام السوري ..لكانت الحكاية السورية منتهية من زمان قد يتحول التنافس الى تساوم بين الخصوم مع استمرار الحرب بالوكالة بينهما وقد يتم فصل الملفات عن بعضها حيث الاحتدام التركي الايراني باكثر من ملف ومت يهمنا الان الملف السوري بعد إكتمال دخول كامل المتصارعين الى الحلبة السورية ابتكر العدو الروسي مسارا لادارة الصراع وعدم الاصطدام المباشر بين داعمي النظام(روسيا وايران) وداعم المعارضة (تركيا) عرف بمسار استانة سيىء الصيت تم بموجبه التساوم فيما بينهم ومنع الاحتكاك المباشر بدا الاحتقان التركي الايراني يعبر عن نفسه..حيث كان لتصريح الرئيس التركي في ابو ظبي ان امن الخليج من امن تركيا وقع الصدى على نظام الملالي الذي استمرأ الاعتداء على المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة…وكانت ظلال تعثر مفاوضات فيبنا وخروج الدخان الرمادي ثم الاسود من قاعة الاجتماعات بفيبنا توحي بان صيفا حارقا سيمر على طهران ..حيث اشتدت المظاهرات الداخلية المطالبة باسقاط النظام مع نقل الحرب الاستخباراتية الاسرائيلية الامريكية الى قلب طهران واغتيال قادة في الحرس الثوري وعلماء وضرب مراكز بحثية لتطوير الصواربح والطائرات المسيرة كانت التصريحات الايرانية والتي تتهم تركيا بالاستمرار ببناء الجدار الاسمنتي على الحدود(حيث تم انجاز 200 كم من اصل 517 كم) وبناء السدود التركية والتي قالت طهران انها سبب موجات الغبار المتلاحقة التي تضرب ايران..وكان قصف طهران لمنزل المقاول العراقي الكردي باز رؤوف كريم الذي تقوم مجموعته ببناء خط نقل الغاز من اقليم كردستان الى الاراضي التركية… ان عدة عمليات عسكرية تركية في الشمال العراقي ضد حزب العمال الكردستاني المدعوم ايرانيا والذي تصنفه انقرة (وكثير من الدول) بانه منظمة ارهابية ولازالت عملية قفل المخلب جارية الان في قمم جبال قنديل .

لماذا تعارض طهران العملية التركية؟

كان تصريح الناطق باسم الخارحية الايرانية سعيدخطيب زادة واضحا وصريحا باعتراض طهران على اي عملية عسكرية تركية حيث قال”ان طهران تعارض اي نوع من الاجراءات العسكرية واستخدام القوة في اراض الدول الاخرى بهدف فض النزاعات” واضاف ” ان الاجراءات العسكرية على اراضي الدول الاخرى تشكل انتهاكا لوحدة الاراضي والسيادة الوطنية لتلك الدول وستؤدي لمزيد من التعقيد والتصعيد”
وباعتقادي ان استهداف فصائل الثورة السورية لباص مببت للميليشيات الايرانية في ريف حلب الغربي وقتل وجرح العشرات ماهو الا رسالة تركية حمراء تفهمها طهران جيدا بعدم اللعب بالنار عسكريا مع الجيش التركي وحلفاءه السوريين كما هي عادة الحرس الثوري ارسال المسيرات واستهداف نقاطا لاعدائه ..ويبدو ان طهران فهمت الرسالة وابتعلت اي عملية تصعيد او رد عسكري ثارا لقتلاها .

  1. تخشى طهران من تعزيز مكانة تركيا في سورية عبر زيادة المساحات التي تسيطر عليها مع حلفاءها من الجيش الوطني السوري لان ذلك سبكسبها مزيدا من امتلاك اوراق تفاوضية عند اي حل قادم
  2. بانتقال الاهتمام الامريكي والعربي الى الحدود الاردنية مع سورية والتي اصبحت تحت السيطرة الكاملة للنظام السوري والميليشيات التابعة للحرس الثوري الايراني وازدياد عمليات تهريب المخدرات والسلاح لاستهداف امن المملكة الاردنية الهاشمية ومن خلفه السعودية وبقية دول مجلس التعاون…حيث بدات الاتصالات السرية تخرج للعلن عن تنسيق امريكي اردني يجري في قاعدة التنف لاقامة منطقة امنية عازلة في الجنوب السوري …مما يضعف كثيرا الاوراق الايرانية في سورية فيما تزامن (او سبق) ذلك توسيع للمنطقة الامنية الخاضعة للنفوذ التركي في الشمال.. أن عدم قدرو الميليشيات التابعة للحرس الثوري الايراني عن تهديد جيران سورية من الشمال والجنوب امر مقلق لها ويجعل الهلال الشيعي في موقف دفاعي لايحسد عليه اذ لايتبفى الا كيلومترات معدودة في البادية السورية وتقطع اوتستراد طهران دمشق
  3. تخشى طهران من التغول التركي عليها في سورية..حيث تحسنت العلاقات التركية الاسرائيلية مؤخرا وبوجود احتمال قوي للتنسيق بينهما في سورية وملء الانكفاء الروسي ارضا وجوا…ايضا ان عملية تركية بضوء اخضر روسي (اصبح واضحا للجميع) قد يؤدي بتفارب كبير تركي روسي مع تباعد تركي امريكي..ان ازدياد التقارب التركي الروسي الذي سينجم عن موافقة موسكو على الخطة التركية ستؤدي لمزيد من التقارب وتخشى طهران من هكذا تنسيق قد يحرمها من الهبمنة على ساحل المتوسط السوري..لرغبة موسكو باستمرار التعاون مع تركيا واستمرار العبور التجاري للبحر الاسود عبر المضائق التركية..
  4. آخر واصعب واخطر خيارات طهران التصدي عسكريا للعملية التركية..وهذا ما يحرج علاقتها جدا مع حليفها الروسي حيث ستبدو طهران بصف واشنطن في موقفها وهي مالا ترغب به…وتخشى من ان ينعكس ذلك بتنسيق اكبر روسي –تركي– اسرائيلي ضدها بالنهاية ان مترا مربعا واحدا من دون ايران هي سورية الحرة..

سيضطر الشعب السوري لخوض هذا الصراع مع المحتل الايراني بدعم تركي عربي لتطهير سورية من الرجس الفارسي الذي اذاق شعبها وبقية شعوب دول المنطقة الويلات..وإن غدا لناظره قريب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.