لن اتناول في هذا المقام مناقشة الأزمة التي تفجرت مؤخرا في كازاخستان او الربيع الكازاخي القادم الذي يبشر بربيع آسيوي تأخر كثيرا…يملك المواطنون في الجمهوريات الاسيوية الستة والتي خمس منها تنتمي للعرق التركي (اوزبكستان..كازاخستان…تركمانستان..قرقيزستان..اذربيجان) وجمهورية طاجيكيستان التي تنتمي للعرق الفارسي..والجمهوربات الستة يقطنها مسلمون سنة..وكانوا من جمهوربات الاتحاد السوفيبتي السابق…ولم بتمكنوا من انجاز اي تحول ديمقراطي كما فعلت عدة جمهوريات سوفييتية سابقة في غرب روسبا او بدول اوربة الشرقية التي كانت ضمن حلف وارسو..
وبالتالي استمر زعماء الحزب الشيوعي الذين كانوا بالسلطة قبل انهيار الاتحاد السوفييتي اوحكمت تلك البلاد ديكتاتوريات لم تنخلع من الجلد السوفييتي العتيق والتحقت بالفضاء الحيوي او الجيوبوليتبكي للاتحاد الروسي وظلوا يدورون في فلك القيصر الروسي لحد الان باعتبارهم الحدائق الخلفية لروسيا والتي تمس امنها القومي ولوجود امتدادات عرقية واسلامية لهم داخل الاتحاد الروسي ضمن جمهوربات ذاتية الحكم…حيث يشكل المسلمون اكثر من 15% من عدد سكان روسيا الاتحادية البالغ 150 مليون نسمة
تحتوي تلك الدول والتي معظمها تتشاطئ بحر قزوين على ثروات هائلة من النفط والغاز والخامات المعدنية ..حيث تذهب التقديرات الى ان 42% من المواد الاولية التي ستستهلكها البشرية في القرن الحالي موجودة فيها…وعلى سبيل المثال فان كازاخستان لوحدها تنتج 40% من الانتاج العالمي لمعدن اايورانيوم
تستورد الصين جزء كبير من الطاقة اللازمة لها من تلك الدول وتصنف الدول الخمسة منها التي تنتمي للعرق التركي بتركستان الغربية فيما تقبع تركستان الشرقية تحت الحكم الصيني وتعرف باقلية الايغور المسلمة والتي تتعرض لاضهاد واسع من الحكم الشبوعي الصيني ملأت اخباره مسامع الناس
ويفصل بين تركستان الشرقية ودول تركستان الغربية دولة افغانستان والتي تحكمها بعد الانسحاب الامريكي حركة طالبان الاسلامية وقد ترك الامريكان قبل انسحابهم منها باعترافهم هم اسلحة امريكية بما تفوق قيمته 100 مليار دولار…وتوقع قائد القوات الامريكية المنسحبة ان تعصف الاضطرابات بافغانستان وتطاير الشرر للمحيط الايراني والروسي والصيني خلال فترة تتراوح ببن 6 اشهر الى ثلاث سنوات ..انقضت منها لحد الان اكثر من 8 اشهر وقد تم تسجيل توتر مهم على الحدود الايرانية الافغانية
ترتبط كازاخستان ومجموعة من جمهوريات الاتحاد السوفيبتي السابق بمعاهدة امنية تسمى معاهدة الامن الجماعي (تحت سبطرة وقيادة روسية) ترأس دورتها الحالية ارمينيا ..وافقت دول معاهدة الامن الجماعي على طلب الرئيس الكازاخي الحالي قاسم توكايبف بارسال قوات من دول المعاهدة غالببتها روسية تحت ذريعة ان الاحتجاجات الشعبية ماهي الا حركة ارهابية ومدعومة من الخارج ..وحسب قونين المنظمة يتيح ذلك ارسال تلك القوات التي قتلت في اليوم التالي لوصولها عشرات المحنجين وجرحت المئات
أهمية دول آسياالوسطى بالنسبة لروسيا
دائما ما كانت تلك الدول تخضع للامبراطورية الروسية تاريخيا ..وانتهت المعارك الي دامت طويلا ببن الامبراطورية الروسية والانكليزية للسيطرة على القارة الهندية انتهت بهزيمة الامبراطورية الروسية باوائل القرن التاسع عشر وكانت افغانستان هي الاراضي الفاصلة بين الامبراطوريتان..
كما ان الخوف الروسي من الغزو الاوربي غربا جعل الروس بتبنون استراتيجية التمدد غربا لاعطاء مجال حيوي لحماية الاراضي الروسية ..ومع ذلك تم غزو روسيا من قبل نابابون عام 1814 ومن الالمان مرتان خلال عقدين من الزمن في الحربين العالميتين الاولى والثانية في النصف الاول من القرن العشربن
لذلك كان هاجس الروس ومن بعدهم السوفييت انشاء الاتحاد الاوروآسيوي الذي يتيح لموسكو السيطرة على مجموعة الدول الاسيوية التي تقع شرقها وجنوبها والدول الاوربية التي غربها…
كان سقوط جدار برلين وانحلال حلف وارسو ايذانا بتحطم الجزء الاوربي من الامبراطوربة الاورواسيوية ومع انفكاك عقد الاتحاد السوفييتي تحررت تلك الدول عن موسكو ..وارتبط بعضها بموسكو عضويا كدول اسيا الوسطى بمعاهدة امنية..فيما حاولت روسيا استعادة اجزاء من فضائها الغربي والجنوبي بعد تمدد حلف الناتو والاتحاد الاوربي شرقا..فغزت جورجيا بعام 2008 واحتلت جمهوررتي اوسيتيا الشمالية وأبخازيا واحتلت القرم والدونباس من اوكرانيا بعام 2014
ويحاول الرئيس الروسي التوسع غربا باتجاه اوكرانيا ودول البلطيق الثلاثة وتهديد الاتحاد الاوربي كله باتحاد اوروآسيوي بزعامة موسكو
أهمية دول آسيا الوسطى للولايات المتحدة الأمريكية
زار وزير الخارجية الامريكي الاسبق بومبييو الجمهوريات الاسيوية الوسطى الخمسة بعد قتل قاسم سليماني ثم عقد في نهاية جولته بطشقند اجتماعا مع نظرائه بشكل 5+1 وطلب منهم الانضمام لمنظمة التجارة العالمية وتطوير بلدانهم والتخلي عن معاهدة الامن الجماعي مع موسكو ووعد بمساعدات واستثمارات كبيرة..الامر الذي اثار حفيظة موسكو واعترصت على ذلك بشدة وحذرت من مخطط امريكي يدبر للمنطقة انطلاقا من افقانستان… ويمكن تلخيص اهم ماتريده واشنطن من تلك المنطقة:
1– الضغط على موسكو شرقا باثارة اضطرابات وعدم استقرار لكبح اي جموح روسي للتوسع غربا في اوكرانيا ..وبالتالي اشعال النار في حدائقها الخلفية .
2– محاولة استمالة روسيا وفي اسوأ الاحتمالات تحييدها عن الصراع الصيني الامريكي بصفقة كبرى بين البلدين..تنهي اي تخوف من احتمال توافق او تحالف روسي صيني بمواجهة الولايات المتحدة..بعكس آية التحالفات عندما حيدت الولايات المتحدة الصين عن الصراع الدائر بالحرب الباردة مع السوفيبت وتم بنتيجته اسقاط الاتحاد السوفييتي
أهمية دول آسيا الوسطى للصين
1—تخشى الصين من اثارة قلاقل داخلبة لها بسبب احتلالها لتركستان الشرقية ووجود فوضى افغانية وامارة اسلامية واستقطاب الحركات الجهادية من دول تركستان الغربية…
2– ان استراتيجية الحزام والطريق الصينية المعلنة رسميا بعام 2013 وضخ مئات المليارات كاستثمارات في البنية التحتية لدول اسيا الوسطى بشكل يؤدي لامبراطوربة اقتصادية اورواسيوية لكن صينية وليست روسية للوصول الى اوربة والهيمنة عليها ودحر النفوذ الامربكي من اوربة عامة…وهذا سبصطدم حتما بالمشروع الروسي وسيحصل نزاع متوقع بين الدولتين العدوتين لامريكا وهو ما تسعى اليه الاستراتيجية الامريكية
وستجد ايران الواقعة على بحر قزوين والطامحة للعب دور ما في تلك الدول نفسها متاثرة بما يحصل في تلك الجمهوربات ..اما تركيا فستكون في قلب الصراع نظرا لكون الدول تلك تنتمي للعنصر القومي التركي وانشات مؤخرا جامعة او رابطة للدول التركية بقيادة انقرة ومايعارض تفعيل تلك الرابطة وتحولها لمنظومة امنية ودفاعية إضافة لما تتمتع له الان من روابط وعلاقات ثقافبة واقتصادية ودينية مايعيق ذلك بعد روسيا بالطبع هي حكومتي اوزبكستان وكازاخستان.
سبكون الصراع الدولي محتدما في تلك المنطقة..وقد يتمخض عن جولة الحوار الاستراتيجي التي ستجري ببن الولايات المتحدة وروسيا بالعاشر من كانون الثاني 2022..صفقة كبرى بين البلدان تكون سوربة الجريحة احداها..
المقال السابق
المقال التالي