بشار الأسد، الذي ورث حكم سورية منذ 22 سنة عن أبيه الذي حكم قبله 30 سنة، قائد تاريخي وحكيم وديمقراطي، بل ويحمل هموم السوريين على رأسه، ليل نهار، ولا تغيب معاناة المستهلكين السوريين لحظة عن خلده، ولكن العلّة بالحكومة، حسب أبواق النظام السوري
وهو القائد التاريخي يتألم لتعدي نسبة الفقر 95%، ويأسف لزيادة نسبة البطالة عن 82%، لكنه لم يوفق أبداً بحكومة تصل إلى مستوى وطنيته وغيريته، أو الشعور بعوز السوريين، كالذي يؤرقه بكرة وأصيلا كما تردد تلك الأبواق
والرئيس الممانع، الذي يؤثر إيصال مستوى معيشة الشعب إلى ما بعد رفاهية القطريين والنرويجيين، يصطدم بجهات تنفيذية، تفتقر إلى التخطيط والإدارة وحسن استثمار الموارد، فتضيّع جهوده وتتبدد تطلعاته
ولأن السيد الرئيس ديمقراطي ويلتزم بفصل السلطات، لا يتدخل بعمل الحكومة، رغم الآلام التي تكسوه والحزن الذي نال حتى من صحته، جراء مشاهدته السوريين يتنقلون بين طوابير الرغيف وليتر المازوت وأرتال الحصول على ما تبقى من سلع مدعومة، بعد أن ألغت الحكومة الظالمة الدعم عن المنتجات الغذائية والمحروقات للسوريين الأبرياء
هكذا تردد الأبواق، التي تواصل “وكم يأسف القائد الملهم، بشار الأسد، لسلوكيات الحكومة التي لا ترحم، فأرجعت الناتج المحلي الإجمالي، من 60 مليار دولار عام 2011 إلى نحو 11 ملياراً اليوم، وبددت الاحتياطي النقدي المقدر بنحو 18 مليار دولار، وأودت بسعر صرف الليرة من 50 مقابل الدولار إلى 4000 اليوم، بعد أن أتت، الحكومة طبعاً، بأربعة محتلين، منهم من سرق الثروات باتفاقات، ومنهم من يسرق بأمر الواقع ووضع اليد”.
وترى الحزن يلف القائد الرحيم، جراء نزوح وتهجير نصف السكان بعد اعتماد الحكومة، رغماً عنه، قرار مواجهة حلم السوريين بالحرية والكرامة والعيش الآدمي، بالحديد والنار، فتهدمت سورية وضاعت ثرواتها ومصيرها، وهو يتحسّر لا حول له ولا قوة.
واليوم، تزيد مآسي سيادته بسبب فشل الحكومة القاصرة بإدارة ملف الأسواق والأسعار، بعد أن اصطفت الحكومة مع روسيا، وأعلنت أن أمن موسكو من أمن دمشق، حتى من دون أن تستشير السيد الرئيس أو تعرف رأيه بحرب احتلال بوتين، شريك الحكومة، وأحلام القيصر بالإمبراطورية البائدة.
هكذا تماماً تريد أبواق النظام السوري تسويق الأمر، عبر رميها جميع الأوزار والدمار والإذلال والإفقار على عاتق الحكومة، طبعاً من دون أن تنسى نصيب الحصار الجائر والاستهداف الظالم لزرقة عيني القائد الأسد، والذي لم يزل صامداً بوجه المؤامرة الكونية… بل وسيخرج منتصراً بعد الفتح المبين وزيارته المظفرة إلى الإمارات والتوصية الإسرائيلية، للقاهرة ودبي، بعودة النظام المقاوم إلى حظيرة الجامعة العربية.
فحتى مدير مكتب الإحصاء السابق شفيق عربش، الذي يعرف الداء والدواء، أتحف السوريين اليوم بدلوه، بأن العذر من الحكومة، وهي المسؤولة عن الإفقار وغلاء الأسعار، ولا تمتلك سوى “التصريحات الجوفاء”.
والمدير، الذي بقيّ مطلعاً، لعشرين سنة، على سرقات آل الأسد وتمدد “العصابة” واستبدادها، يحمّل حكومة حسين عرنوس اليوم أسباب غلاء الأسعار وندرة عرض السلع ومشتقات النفط، وأن خطابها “مكرر ولا يقدم أو يؤخر”، ويتساءل، عبر صفحات الجرائد بدمشق، أين الحكومة؟!! وأن إجراءاتها غير المدروسة ومعالجتها المشاكل بعقلية الماضي هي من وما أوصل السوريين لحالهم المأساوي.
ليختم من دون نشاز عن سيمفونية سواه من الأبواق بأن أداء الحكومة “ركيك ويفتقر إلى الكفاءات”، وسورية الأسد بحاجة إلى حكومة قادرة على اتخاذ قرارات جريئة وتبتعد عن تقاذف المسؤولية
نهاية القول: إن لم نذّكر المدير العادل بأن هذه الحكومة هي اختيار سيده بشار الأسد، ونعيد لذاكرته أن مكتبي الاقتصاد، بالقصر الرئاسي والقيادة القطرية لحزب البعث، وبأوامر مباشرة من الوريث الأسد، هما فقط من يحددان سياسة سورية الاقتصادية، والكبرى منها خاصة، وأن الحكومة، وهو كان ضمن فريقها، لا خيار لها سوى التنفيذ وأخذ وضع المزهرية الصامت، وتحمّل السباب والشتم والمسؤولية بدلاً عن سيادته وآله.
وإن لم نلتفت مع السيد المدير إلى ما قبل الثورة، ونضيف إلى معارفه كيف فضّل مولاه الأسد الكرسي عن شعب سورية وحاضرها ومصيرها، فقتل وهجّر واستقوى بالمحتلين، بطهران وموسكو، على الشعب وحلمه، حتى حوّل سورية إلى أرذل قوائم الفقر والبطالة والتهجير والأمان واستقطاب الأموال حول العالم.
سنكتفي فقط بالقول إن الاستبداد والحكم الفردي بسورية، ومنذ الأسد الأب مطلع عام 1971، لم يعد معلومة سورية أو سرا وطنيا، بل بات العالم بأسره يعي أن دولة الأسد الأمنية لا قرار فيها ولا قول إلا للعصابة المستبدة التي يقودها بشار الأسد، وأن “لعبة” تحميل الحكومة مآسي الشعب ومعاناته، بهدف تبديلها بـ”كركوزات” جدد، لم تعد تفيد بامتصاص فائض احتقان الشارع أو تنطلي على الشعب المعاني، الذي لمس، خلال الثورة خاصة، التهديم والسرقات والتخلي. إن بشار الأسد هو البلاء وصفر سورية، ولا يمكن أن يبدأ العد التصاعدي ما دام وريث أبيه على كرسي القمع والاستبداد، حتى لو اشتغل العالم بأسره، وليس الإمارات وإسرائيل، بإعادة الإنتاج والتعويم والتدوير.