الموافقة الأمريكية على إستثناء إستجرار لبنان للغازوالكهرباء من العقوبات….رسائل سياسية ونارية وغازية وكهربائية بين أمريكا وإيران


تعود قصة الغاز المصري والكهرباء الاردنية الى منتصف الصيف الماضي حيث  تم ظهور الموضوع للعلن خلال زيارة العاهل الاردني الى الولايات المتحدة ولقائه الرئيس بايدن.
وقتها خرجت تصريحات من الملك عبد الله الثاني ان علينا التسليم بوجود النظام السوري كامر واقع وعلينا التعاون معه…
إذ أن مارشح من أجواء لقاء القمة الامريكي الاردني ..ان الملك اشتكى للرئيس ان الاقتصادي الاردني يعاني من مصاعب جمة…وان  الاقتصاد الاردني تأثر اكثر من غيره بآثار قانون العقوبات الامريكي المسمى بقانون قيصر..وأن أنظمة ديكتاتورية كالنظام السوري لاتسقط بالعقوبات..وان نظامه قد يسقط ويبقى النظام السوري ..وقيل إنه خاطب الرئيس الامريكي طالما إنكم لاتملكون خطة واضحة تتبنى إسقاط ذلك النظام ولا توجد أيضا قوى دولية مهمة تطالب بذلك…فلماذا لاتمنحوا الاردن بعض الاستثناءات  من سيف قيصر لنخفف من الأعباء التي تثقل كاهل الاقتصاد الاردني …او تستعملوا تأثيركم القوي على بعض دول الخليج العربي الغنية لاستئناف منح الاردن مساعدات مالية كانت قد توقفت تماما بعد رفض المملكة الاردنية لصفقة القرن التي ايدتها تلك الدول
قيل حينها ان الرئيس الامريكي سمع الشكوى الاردنية ولم يوافق ولكنه لم يعترض…وفهم ان ضوءا برتقاليا امريكيا تم منحه للاردن غالى الاردنيون بنظرهم اليه على انه ضوء اخضر..
اعقبت جولة العاهل الاردني للولايات المتحدة زيارة الى موسكو ووضع الرئيس الروسي باجواء ماتم…وقد فسر البعض حينها ان اجتياح النظام بتسهيلات روسية لمناطق المصالحات بدرعا على انها تهيئة للارضية التي سيتم عليها ذلك المشروع..بسيطرة قوات النظام السوري على كل الارض التي سيمر عبرها انبوب الغاز العربي والأعمدة التي تحمل الكهرباء الاردنية الى لبنان
سارع الاردنيون  لتطبيق فهمهم للموقف الامريكي على الارض..فاعلنت الخطوط الجوية الملكية الاردنية عن العزم ببدء تسيير رحلات جوية بين دمشق وعمان…ولكنها في اليوم الثاني اضطرت الى الغاء اعلانها الاول واكتفت ان باصا لنقل المسافرين سيحمل الركاب من دمشق الى مطار عمان …وفهم الجميع ان الموافقات الامريكية ليست على بياض وليست للتطبيع مع النظام بل غض النظر على مواضيع محددة ..وايقن الاردنيون ان الاضواء الامريكية برتقالية وليست خضراء..
استغل إعلام النظام السوري ذلك الحدث وخاصة عقب حدوث اجتماعات بين الوزراء الاربعة المعنيين ان قانون قيصر بدأ بالتآكل وان سيف العقوبات في طور رفعه عن عنق النظام ..ودعم تلك البروبوغاندا الاعلامية اتصال  هاتفي ببن الملك الاردني ورئيس النظام السوري وزيارة قام بها وزير دفاع النظام الى عمان
تمت كل تلك الحركة والرسالة الغامضة الامريكية بتخفيف العبء عن اهم ذراعين لنظام الملالي (النظام السوري وحزب الله) تمت اثناء توقف المفاوضات بحولتها السادسة وعند انتقال السلطة بين روحاني ورئيسي في ايران …على أمل امريكي بتلقف الرئيس الايراني الجديد للهدية الامريكية قبيل انطلاق الجولة السابعة لمفاوضات فيينا النووية…
وظلت كل المواقف الامريكية ضبابية حيال الموضوع إلى ان توقفت كل الاتصالات الجارية بشأنه لرغبة الاطراف الثلاثة مصر والاردن ولبنان بضمانات خطية من الادارة الامريكية باستثناء تلك الدول من عقوبات قانون قيصر المفروضة على النظام السوري فيمايتعلق بايصال الغاز والكهرباء..
لماذا الموافقة الأمريكية الآن؟
اجتمعت السفيرة الامريكية في لبنان بالرئيس نجيب ميقاتي وسلمته رسالة من وزارة الخزانة الأمريكية  باستثناء لبنان من العقوبات القيصرية الامريكية كمظلة سياسية رسمية لاتمام الاجراءات التقنية مع الدول الثلاثة الباقية لانجاز المشروع والذي من المتوقع ان سارت الامور بدون تعقيدات بدء وصول الغاز والكهرباء للبنان بنهاية شهر نيسان حيث سيتيح ذلك رفد الشيكة الكهربائية اللبنانية بطاقة قد تؤدي لتغذية 10 ساعات يوميا عوضا عن 2–4 ساعات يوميا…
مايمكننا قراءته من الموافقة الامريكية الان:
1–إن التصرف الأمريكي أتى على وقع وصول المفاوضات الايرانية مع الولايات المتحدة والمجموعة الدولية الى استحقاق الحسم..حيث  امهلت المجموعة الغربية من المجموعة الدولية ان المماطلة الايرانية لن تستمر طويلا وان سقفا زمنيا وضع لذلك وسينتهي في بدايات شهر شباط المقبل..
2– تاتي الموافقة الامريكية على وقع  الموقف الايراني الساعي للتهدئة السياسية بالعراق وتسهيل الجماعات السياسية التي خسرت الانتخابات ..التسليم بتلك النتائج وعدم استخدامها للعنف المسلح لتخريب نتائج الانتخابات وتسهيل تشكيل الحكومة العراقية المقبلة والتي تحسب انها اول حكومة عراقية بعد الغزو الامريكي للعراق لاتمتلك ايران كامل قرارها السياسي
3– لا اعتقد ان الموافقة الامريكية سيتم ترجمتها عمليا على الارض .وإنما كجزرة للشعب اللبناني عموما وللطائفية الشيعية الناخبة لمحاولة اجترار التجربة العراقية بالانتخابات اللبنانية البرلمانية القادمة والمزمع اجراؤها بمنتصف ايار المقبل..بمعنى ان المجتمع الدولي مستعد لمساعدة الشعب اللبناني فيما إذا هو ساعد نفسه بعدم افراز سلطة  عن الانتخابات فيها وجود قوي لحزب الله ..بمعنى اخر اما الاستمرار بالواقع الحالي وربما الاسوا وإما عزل حزب الله عن التحكم بالقرار الحكومي اللبناني
4– لايرى أغلب المراقبون ان الخطوة الامريكية ترمي الى اي نوع من التطبيع او تشجيع اي تعويم  للنظام ..والمواقف الامريكية والغربية والعربية واضحة بهذا الشان.
وعليه فإن العراقيل الادارية والفنية واللوجستية ستوضع بوجه انطلاق الغاز والكهرباء  ريثما تتحقق الاهداف السياسية التي وضعتها الادارة الامريكية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.