[بقلم الدكتور باسل معراوي]
اصدرت صحيفة نيويورك تايمز (وهي من اهم الصحف الامريكية بل في العالم) ولاول مرة بتاريخها عددا خاصة يتحدث عن الكوارث التي حلت بالعالم العربي منذ الغزو الامريكي البريطاني للعراق 2003 والخسائر البشرية والمادية التي نجمت عن ثورات الربيع العربي والتي تحولت في بعض الدول الى نزاعات مذهبية او حروب اهلية او مناطقية…الخ..
سنتحدث بالجزء الاول عن الشق المتعلق بالعراق وبالثاني عن الربيع العربي…
تذكر الصحيفة الامريكية ارقاما عن الخسائر الناجمة عن الغزو وثقتها من مصادر عديدة .
فقد قتل من العراقيين مليون و455 الفا و590 شخصا…
ومن العسكريين الامريكيين4801 جندي وضابط ومن حلفاء العدوان الاخرين 3478 عسكريا ..وتضيف الصحيفة ان الكلفة المالية للحرب للغالب والمغلوب بلغت تريليون و705 مليار و856 مليون دولار
في الحقيقة بعد انتهاء الحرب الباردة بسقوط الاتحاد السوفييتي وتفرد الولايات المتحدة بقيادة احادية للعالم كان منظرو السياسة الخارجية الامريكية وصناع الاستراتيجيا في مراكز الابحاث يبغون اعادة ترتيب اولويات الولايات المتحدة للمناطق الجغرافية المختلفة واعادة صياغتها جيوسياسيا وكان واضحا التخلي عن كثير من الحلفاء الموالين للغرب بسبب معاداتهم للاتحاد السوفييتي اذ ان الاتحاد السوفييتي تفكك وهو غارق في مشاكل لاحصر لها تهدد حتى تماسك روسيا الاتحادية نفسها وتم اشعال حروب الشيشان وغيرها على امل تفكيك او اضعاف واشغال الاتحاد الروسي بمشاكله الداخلية
توضحت القيادة الامريكية الاحادية للعالم بحرب تحرير الكويت من الغزو العراقي وحسم صراعات شرق اوربة بيوغسلافيا والبوسنة وكوسوفو دون اي منافسة روسية لها.
كانت الخطط الامريكية اما استثمار نزاعات قائمة ومكبوتة او افتعال نزاعات جديدة لضرب القوى ببعضها واعادة تشكيلها من جديد بما يناسب المصالح الامريكية المستجدة
اهدى القدر ضربة 11 ايلول 2001 امريكا فرصة اخراج تلك المخططات من المكاتب والشروع بتنفيذها على الارض…
كانت الهجمات على برجي التجارة العالمية ضربة موجعة للكبرياء الامريكي الذي لاتجرؤ القوى الاخرى على المساس به…
كان مطلوبا الرد للرد والانتقام والتدمير لاستعادة الهيبة التي تم تدنيسها والتي اثبتت هشاشة نظريات الامن القومي الامريكي عامة
تم تدمير افغانستان كاملة بقوى نارية هائلة معظمها يستخدم لاول مرة ضد حركات لامجال لمقارنتها ابدا بامتلاك اي وسائط نارية لمجابهة الغزو..
اغرى النجاح الماسح لتدمير حركة طالبان وازاحتهاةمن الحكم ارضى الغرور الامريكي وفتح الشهية لاماكن اخرى من العالم..
كان النقاش في امريكا ان الارهاب سببه الرئيسي الديكتاتوربة والاستبداد في العالم الاسلامي عامة والعربي خاصة…وكان الخيار ان اهم دولتين مصدرتين للارهاب وغير ديمقراطيتين هما سورية والعراق ..اذا بتدمير تلك الانظمة وتحقيق الديمقراطية يتم تجفيف منابع الارهاب طبعا اضافة لمسائل اخرى على صعيد جميع الدول واهمها مصر والمملكة العربية السعودية باعادة تجديد للخطاب الديني واقصاء من التعليم الايات القرآنية التي تحض على الجهاد وقتال العدو..اضافة لمسائل ليس مجال الخوض فيها الان
بما ان اسرائيل حليفة امريكا في المنطقة واللوبي الصهيوني المسمى الايباك قوي في الولايات المتحدة وكان المحافظون الجدد موجودون في الدولة العميقة والبيت الابيض والحكومة…فقد تقرر اعتماد الرغبة الاسرائيلية باسقاط نظام الرئيس صدام حسين اولا ثم مراحعة النتائج والانتقال الى اسقاط النظام السوري…
بدأ تصنيع الادلة للعراق من فرق التفتيش الدولية للبحث عن اسلحة الدمار الشامل الى علاقات مزعومة عن علاقة ضباط استخبارات عراقيين بمنفذي اعتدءات ايلول 2001 ووصل الامر برئيس الوزراء البريطاني انذاك توني بلير ان استعمل معلومات غير صحيحة زوده بها جهاز الاستخبارات البربطاني ..وقف توتي بلير في مجلس العموم وقال ان العراق يملك مدفعا عملاقا وبامكانه استهداف المملكة المتحدة وضربها خلال اقل من ساعة واحداث ابلغ الضرر بمنشآتها الحيوية .وكانت شبطنة الرئيس العراقي الراحل صدام حسبن بالاعلام الغربي جارية على قدم وساق
قمة المهزلة التي حدثت كانت اثناء ظهور وزير الخارجية الامريكي السابق كولن باول باجتماع لمجلس الامن واخراجه من حقيبته لقطعة معدنية قال انها الدليل على امتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل (طبعا فيما بعد ذكر الوزير انه تم تضليله بتلك المعلومات واعتذر عنها) تم تصنيع الادلة وبدأت الحرب…وهنا لاضير من ذكر مفارقة يخلط بها السوريين بين مواقف الولايات المتحدة من النظام العراقي واسقاطه بالتدخل العسكري المباشر ولم يتم طرح من البديل واين البديل بل تم الاتيان بمعارضة دينية اصولية مذهبية لنسليمها الخكم..
ببنما في الوضع السوري بعد 2011 لم تكن الولايات المتحدة من خططها او استراتيجيتها اسقاط النظام السوري بل اضعافة وتغيير نمط سلوكه لذلك يطرحون من البديل ولايوجد بديل.
تم الغزو الامريكي البريطاني للعراق بدون موافقة اممية او من الناتو وحصل ماحصل ..وفي الجزء القادم اتناول فترة الغزو الامريكي للعراق وفي الجزء الثالث الاثار الناجمة عن الربيع العربي.