التيه السوري وهامشية التأثير

[بقلم أ. بشار الحاج علي]

 تكاد تكون القضية السورية من أكثر المواضيع تداولًا سواء على الفضاء الإعلامي أو الأروقة الدولية والإقليمية تارةً كقضية إنسانية وتارة سياسية وتارة عسكرية ذات تداخلات متعددة .

وكمثال على ذلك نأخذ إجتماع أستانة بنسخه المتكررة حتى النسخة السادسة عشر والتي كغيرها تجتمع الدول المتدخلة عسكريًا وصاحب الحضور والنفوذ والتي تسمي نفسها “الدول الضامنة” وهي ضامنة بالفعل عدم خروج السوريين المسلحين من كافة الأطراف بعد أن تحولنا إلى أطراف ولم نعد ثورة حرية في مواجهة نظام دكتاتوري .

وكالعادة يجتمع “ممثلي ” السوريين على استحياء ودون فاعلية في القرار المتخذ،  بل لاتحضر الوفود الإجتماعات المغلقة والتي تخرج بالقرارات التي يتم الاتفاق عليها، وإنما يجتمع كل وفد مع الطرف الضامن له لإيصال مطالب سواء أكانت محقة أو شرعية أو إنسانية أو المطالبة بالالتزامات السابقة ، لكن بضعف و وعلى سبيل الرجاء !

وكأنما يستخدم الآخرون السوريين كمحلل (شرعي ) لإضفاء شرعية على تصرف غير شرعي وغير قانوني .

لكن هي كذلك شريعة القوة في ظل نظام عالمي أسسه المنتصرون في الحرب، وهذا ما صبغت عليه الصراعات السياسية الدولية على مدى العقود الماضية التي أوجدت فيها الأمم المتحدة كمؤسسة عالمية يتم إدارة الصراع بين القوى الكبرى من خلالها ومن خلال ذراعها التنفيذي .

كما جرت العادة أيضاً أن يترك فضاء موازي للقوى الدولية والإقليمية لإنضاج تسويات وحلول عسر منجزة  يتم إخراجها إما من خلال إتفاق عبر الامم المتحدة أو بتجاهلها وجعلها أمرًا واقعًا خاصة في حال الخلاف الذي لا يتم التوصل فيه لتوافق و يكون هناك تضارب في المصالح ويستخدم أحد الأطراف المميزة “بالفيتو ” الذين يجعل من التنظيم الدولي عاجزًا ومرتهنا لهذه القوى الخمس بعيدًا عن منطق العدالة أو حتى الأساس الذي قامت عليه المنظمة الدولية وهو (التحالف من أجل السلام ).

وضمن هذا الواقع الذي يقع تحت نيره السوريون يتضح ضعف التأثير في مجريات الأحداث لجميع الفواعل السورية وكل حسب موقعه ، بل يكاد يكون السوري مشلولًا يعيش كابوساً وخذت يمكن إعتباره مبرراً إلى حد بعيد نظرًا لعوامل ذاتية وهي غياب السلطة الحاكمة الوطنية التي كان من الممكن أن تعالج الأمور في بداياتها، وغياب النظام السياسي القابل للإصلاح فمنظومة الفرد الحاكم أو العصبة الحاكمة القائمة على الولاء هي غير صحية وغير منتجة للحلول ، في ظل عدم وجود معارضة حقيقة منظمة اللهم إلا من أفراد .

وأسباب خارجية  تتعلق بالمنظومة العربية العاجزة و المعادية للتغيير الديمقراطي إن لم يكن بالمجمل  فعلى الأقل غير المسيطر عليه والذي يمكن أن تفسح له المجال عن طريق التنفيس لا أكثر .

ويأتي العامل الجغرافي في مقدمة عوامل التدخل الخارجي ليس فقط لأهمية موقع سورية بل أيضاً التأثير على الجوار لتحقيق مصالح ليست بالضرورة في سورية .

وضمن هذا الواقع الذي لم يكن الحالة الوحيدة تاريخيًا ولن يكون لايملك السوريون على المدى القريب سوى التمسك بالقرارات الأممية كحد أدنى ، وإدراك أن العمل على التنسيق وتجميع القوى الوطنية للتمسك بالسيادة الوطنية والاستقلال ، محاولة الإستفادة من التناقض في المصالح الدولية وليس الارتهان لها ، وهذا لايمكن إلا  من خلال قوى سياسة لاتخضع لنفوذ القوى المتدخلة وإن تعاملت معها بل لابد من إيجاد مساحة تحرك للمصلحة الوطنية التي لايجوز المساس بها .

ولابد من توسيع مساحة القبول بين الجميع دون استثناء فالوطن للجميع وأبناءه يدفعون الثمن ولن تدفع القوى التي تستفيد من تفرقنا ثمنًا لأجلنا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.