كما لو أن الحرب على اوكرانيا أعادت فتح الأعين على الحرب على سوريا، وقد باتت سوريا من منسيات الإعلام العالمي، ومن فتحوا أعينهم موقع “بلومبيرغ” وهو يقارن القصف الجوي الروسي لدعم بشار الأسد وتلك الواقعة على أوكرانيا اليوم
بلومبيرغ بدأت بالتذكير بتلك الصور التي ظهرت من بلدة بنش بمحافظة إدلب على شكل لوحة جدارية رسمها فنانون محليون احتجاجا على الغزو الروسي ضد أوكرانيا وأرسلوا فيها رسائل تضامن مع الذين يقاومونه، وهي صورة عن فهم السوريين للقصف الذي يتعرض إليه الأوكرانيون، فلا أحد يفهم معنى أن تكون تحت رحمة المقاتلات الروسية مثلهم
ستتابع بلومبيرغ حتى الطفل السوري الصغير يمكنه النظر إلى السماء ويحدد البلد الذي يقوم بإسقاط الصواريخ على بيوتهم. ويمكن للمقاتلات الروسية المسلحة بأسلحة طويلة المدى التحليق على مسافات عالية، وهي هادئة مقارنة مع طائرات ميغ التي يستخدمها سلاح الجو السوري التي تعود إلى المرحلة السوفييتية. واتهم تقرير للأمم المتحدة حول الجرائم التي ارتكبت في سوريا نشر العام الماضي، روسيا بالتورط مباشرة في جرائم الحرب والفشل المنظم بتوخي الحيطة لحماية المدنيين من الأذى
كتبت بلومبيرغ إن دخول موسكو إلى الحرب عام 2015 حرف كفتها لصالح الأسد وقدمت أرضية حقيقية لفحص الأسلحة المستخدمة حاليا في أوكرانيا. ولا يعرف بعد حجم الضحايا المدنيين الأوكرانيين لكن هناك أدلة عن استهداف الطيران الروسي العمارات السكنية في وقت بحث فيه عشرات الآلاف عن ملاجئ ومخابئ في محطات الأنفاق، وفي وقت تزعم فيه روسيا أنها تستهدف فقط المناطق العسكرية
وتابعت هناك مخاوف من إطلاق موسكو العنان لقوتها العسكرية بعدما لم تحقق أهدافها الأولية من الحملة وأبطأتها المقاومة الأوكرانية، وقد تلجأ لاستخدام القنابل الحرارية التي أرسلتها على المدنيين في مدينة حلب بآثار مدمرة. وأدى استخدامها في غروزني عام 1999 لتسوية عاصمة الشيشان بالتراب
تتابع بلومبيرغ واصفة تلك الذخائرتنشر هذه الذخيرة وقودا في الهواء حول القنبلة في لحظة انفجارها بشكل يخلق كتلة من النار وهزة قوية تستمر أطول من هزة القنابل التقليدية. وأدى وصول هذه القنابل مع القوات الروسية في الأسبوع الماضي إلى رعدة خوف
ستعود بلومبيرغ إلى سوريا لتقول مع أن المشاركة الروسية في سوريا لن تتكرر في أي مكان آخر، لكن هناك مقارنات تثير الخوف في أوكرانيا كما تقول منى يعقوبيان، المستشارة البارزة في معهد السلام الأمريكي، بما في ذلك استخدام القوة التي لا تميز وعدم احترام قانون النزاعات المسلحة أو القانون الإنساني الدولي والوحشية ضد المدنيين
ويبقى السؤال
ـ هل التجربتين السورية والاوكرانية متماثلتين؟
هناك مظاهر اختلاف في تفكير بوتين، فهو يصور الحرب الأوكرانية ضمن شروط وجودية، بينما كانت حربه في سوريا انتهازية. إلا أن نهاية اللعبة في سوريا قد تقدم نسخة لتفكير السياسة الخارجية اليوم
أما عن تماثل التجربتين فمختصره أن الأوكرانيين يواجهون واقعا فظيعا، تماما كما واجه السوريون عقدا من النزاع والتشرد والفقد والإرهاب. وفر آلاف الأوكرانيون إلى الدول القريبة، تماما كما فعل 6.6 مليون سوري قبلهم. والسؤال هو ماذا تعلمنا من هذا؟
لقد تخلى المجتمع الدولي عن سوريا بشكل أدى لانتقال آثار النزاع إلى الأردن وتركيا ولبنان ومن ثم إلى أوروبا حيث بدأ المهاجرون يبحثون عن حياة آمنة. وكشفت الحرب عن عدم وجود آلية لحماية المدنيين الذين عانوا من أسوأ أشكال العنف والاضطهاد. وعرت سوريا عقم مجلس الأمن الدولي الذي استخدمت فيه روسيا والصين الفيتو لمنع أي تدخل ضد نظام الأسد. وهي نفس الدروس اليوم، فقد منعت روسيا مسودة قرار في مجلس الأمن لشجب الحرب في أوكرانيا يوم الجمعة. وستصبح المشاعر التي عبر عنها الرئيس الأوكراني فولدومير زيلنسكي بأن أوكرانيا تركت وحدها، أمرا حقيقيا للسوريين الذين يصرخون منذ عدة سنوات طلبا للمساعدة، ولكننا نترك التاريخ يتكرر .
سوريا الأمل