لو أن نظام بشار الأسد تأثّر مباشرة فجنح للقرارات الدولية وبدت، لو بارقة أمل، على الاقتصاد أو الشعب السوري، قبل الجنوح بالأحلام لنسأل عن الأثر على إسقاط “عصابة الأسد”، لهللنا لقرار مجلس النواب الأميركي على مشروع مناهضة التطبيع مع النظام السوري.
لكن ما نستشفه مما سبق من قرارات وعقوبات وحصار أن هكذا قرارات لن تزيد السوريين إلا فقراً ولن تصيب عصابة الأسد بأي ما يمكن التعويل عليه لإسقاط النظام وبدء التحضير لعهد جديد.
طبعاً، من دون نكران الآثار العامة للعقوبات على تراكم ثروة الأسد وتمدده بـ”محور المقاومة” التي دفعته (آثار العقوبات) لطرق تعويض أخرى، كان “الكبتاغون” أفقعها، والإتاوات التي قتلت الاقتصاد وهجرت الرساميل والشباب أخطرها على الصعيد الاستراتيجي البعيد.
قصارى القول: صبيحة اليوم الخميس، أقرّ مجلس النواب الأميركي، بغالبية أصوات الجمهوريين والديمقراطيين (389 مقابل رفض 32 صوتاً)، مشروع قانون مناهضة التطبيع مع النظام السوري، ما يعني بداية مشوار جديد، ليصبح المشروع قانوناً، لمحاسبة المطبعين مع نظام الأسد.
وبداية مشوار، لأن إقرار مجلس النواب يعني القبول الأولي، إن جازت التسمية، ولا بد من قبول وإقرار مجلس الشيوخ، وربما بعد التعديل والإضافات أو الحذف وإرجاعه لمجلس النواب للإقرار ثانية، يتم إدخال القانون بمتاهة لتمريره ضمن حزمة أخرى، كما جرى مع قانون “قيصر” ليصدر عن الرئيس قانوناً ملزماً، حتى للإدارات الأميركية المقبلة، لعدم الاعتراف بأي حكومة يشكلها بشار الأسد أو إدارة يرأسها، فضلاً على منع وملاحقة وعقوبة كل من يطبّع مع النظام.
إذاً، ما رشح ووافق عليه مجلس النواب الأميركي، هو طرح نظري مغر، وإن كانت نتائجه بعيدة ومشوبة باحتمالات التعديل من مجلس الشيوخ أو حتى عدم الإقرار، لطالما لحظ ضمن فقراته، سرقة المنظمات الأممية ومساعدات الأمم المتحدة التي تدخل لغايات إنسانية، تتلقفها عصابة “المكتب السري” الذي تديره أسماء الأسد عبر “الأمانة السورية للتنمية”.
ولكن بنهاية القول، ألا يحق لأي سوري أن يسأل عن أثر العقوبات السابقة على نظام الأسد، مذ دشنها وزراء الخارجية العرب في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2011 بعقوبات اقتصادية وما تلاها من عشرات العقوبات الأوروبية والأميركية؟
وأي حرمان وتفقير طاول الشعب جراء تلك العقوبات التي أخذ منها الأسد وحلفاؤه ذريعة للتجويع ومبرراً حتى لمقايضة ثروات سورية أو بيعها لحلفاء بقائه على كرسي أبيه، ليستمر الوريث بمشوار الممانعة ومواجهة المؤامرة الكونية.
الأرجح ووفق قوانين الحصار، أن حل العقوبات على نظام الأسد قد تضعفه وتحد من تراكم ثروته، لكن الواقع وعلى مدى العقوبات والحصار، من كوبا فكوريا الشمالية وصولاً للعراق والسودان وسورية. أن هذه الطرق لا تسقط أنظمة أو تعيدها لرشدها بالتعاطي مع الشعوب المقهورة، بقدر ما تزيد الشعوب خنوعاً وتسليماً واستكانة.
ولو أراد المعاقبون إنصاف الشعوب ومعاقبة الأنظمة لوجدوا أساليب أخرى، أكثر جدوى وأقل ضرراً، أو، أضعف الإيمان، لما مدوا الأنظمة المستبدة بطرائق البقاء غير الشرعي وقايضوا الجرائم، كما فعل الرئيس باراك أوباما مع جريمة كيماوي الغوطة، بصفقات وتمرير مصالح.
بيد أنه وللأسف، ليس للسوريين اليتامى إلا التهليل لمشروع القانون العتيد والتعويل عليه، علّ تراكم العقوبات وزيادة القوانين يلجم المطبعين العرب مع الأسد، أو أن تتضارب المصالح للمحتلين على الأرض، فتسعف التسويات السوريين المنتظرين، ولو بشبه إنصاف، ليبدأوا بعد زوال صفر سورية ببناء حلمهم بدولة وعيش آدمي، يبعدهم عن حدود الدول التي ضاقت بلجوئهم بعد شهور العسل وانخفاض حرارة تأييد حقوق الشعوب.