الحوار الاستخباري السعودي الايراني

على الرغم من تكتم الجانب السعودي والايراني على تفاصيل ونتائج جولات المباحثات بين الطرفين، إلا أن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قال إنها “استكشافية” لمعرفة طبيعة الرغبة الإيرانية في العلاقات الثنائية ومستقبل هذه العلاقات وتداعياتها على المنطقة والاقليم.ففي الوقت الذي ظهر رئيس وزراء العراق مصطفي الكاظمي وهو يتوسط رئيسي الوفدين السعودي خالد الحميدان (رئيس المخابرات السعودية)؛ والإيراني سعيد إيرواني (مساعد الشؤون الدولية في مجلس الأمن القومي الإيراني) بعد إنتهاء الجولة الخامسة من المباحثات بين إيران والسعودية التي جرت يوم الخميس الماضي 21 أبريل/نيسان الجاري، بدأت التكهنات والتحليلات تظهر الى العلن حول طبيعة ماتم التوافق عليه، بعد خمسة من المحادثات الإيرانية السعودية التي جرت في بغداد، واعتبارها ايرانيا بانها كانت “ موفقة وإيجابية جداً”، حسب ما سربت بعض وسائل الاعلام المحسوبة على الحرس الثوري، حيث تم الإتفاق على أن تكون هذه الجولة هي الأخيرة على مستوى المسؤولين الأمنيين، لتتخذ الجولة المقبلة (السادسة) طابعاً دبلوماسياً؛ بمعنى نقل ملف المباحثات الي وزارتي خارجية البلدين.لاشك ان ذلك هو تطورٌ مهمٌ في سياق تطور الحوار الإيراني ـ السعودي في حال صدقت نوايا طهران، وهو امر مشكوك فيه لعدة اعتبارات:الاعتبار الاول: مدى التزام إيران، بما سيتم التوافق عليه حول تهدئة الازمات الاقليمية والصدق في التوصل إلى حلول عملية وواقعية للقضايا ذات الإهتمام المشترك؛ وما الذي يضمن عدم توظيفها مجددا كساحة لتبادل الرسائل مع الخصوم والمنافسين، لاسيما الازمة اليمنية والسورية والساحة العراقية.الاعتبار الثاني: هل ستمضي ايران في لعب دور إيجابي في وقف إطلاق النار الأخير بين التحالف الذي تقوده السعودية في مواجهة حركة أنصار الله الحوثية في اليمن والقائم حالياً لمدة شهرين باشراف المندوب الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، وكيف ستوظف طهران ما خسرته في اليمن للتعويض عن مصالحها من ناحية، وتوظيفها كذلك لمدخل الازمة اليمنية ضمن استراتيجية تخادم الملفات خدمة لمصالحها وما تعتبره مكاسب مضافة لتحصين امنها القومي.الاعتبار الثالث: مدى جدية ايران الثورة ومؤسساتها واذرعها بأهمية النظر إلى الأمام من أجل حل المشاكل العالقة بين البلدين، بعيداً عن التضارب الاستخباري و السياسي والإعلامي الذي شهدته العلاقات بين الرياض وطهران، خاصة بعد تدخل اجهزة الاستخبارات الايرانية المحسوبة على ايران الثورة في استهداف امن السعودية ومنظومة دول مجلس التعاون برمته.ختاما: ما يجري من تطورات ظاهرية في المباحثات السعودية الايرانية، والتي مهّدت لإنهاء المفاوضات الأمنية والإنتقال إلى المفاوضات الدبلوماسية يشوبها عدم توفر الإرادة السياسية لدي لدي الولي الفقيه الذي يعتبر العلاقات مع السعودية من باب الضرورات الملزمة، لتحقيق اهداف ونبؤات خطيرة، خاصة في ظل استمرار الخلافات بين السعودية وايران في قضايا جوهرية،ابرزها الملفات الاقليمية ووجود مشروع ايراني ثوري شيطاني، الى جانب ايمان طهران بقيمومتها ووصايتها على الاقليات الشيعية في المنطقة وضرورة توظيفها كسلاح لاستنزاف المنطقة، واستمرار تمسك الحرس بدعم تشكيل ذراع عسكري يدعى فيلق مكه رغبة منها في نشر ما تدعي انه “الاسلام لحقيقي” في الوقت الذي تعتقد إيران فيه أن حدود أمنها القومي ووصايتها تمتد حتى مياه البحر الأبيض المتوسط، فكيف يمكن التفاهم مع مثل هكذا نظام.والله المستعان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.