ماذا عن مؤتمر جدة للأمن والتنمية الأخير
يستحق هذا المؤتمر من وجهة نظري أن يسمى مؤتمراً مركباً وعليه يمكن التحدث عنه من أكثر من زاوية، حيث انه اتى في ظرف تاريخي يحتضن في سياقاته أكثر من دائرة صراع متحركة وعلى رأس هذه الدوائر، الدائرة الأم أي أزمة النظام الرأسمالي الدورية المتجددة والتي بات البعض يرى ان يطلق عليها أزمة الليبرالية المتوحشة وعولمتها.
هذا إضافةً إلى الدوائر الأخرى. مواجهة الصعود المقلق والخطير للعملاق الصيني، كذلك مواجهة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي بات تأثيرها واضحاً على وحدة وتماسك دول الاتحاد الأوروبي والمجتمع الأمريكي وعلى العالم أيضاً.
إضافةً إلى تحديات افول النظام العالمي القائم من خلال ارهاصات مفاعيل نظام عالمي بديل تزول فيه الإمبريالية الأمريكية عن سدة المشهد الدولي:
من هنا ووفق هذه العتبة تبدو القضية السورية وعملية دفعها تجاه المآل الذي يتفق مع ما هو مخطط له والذي ينسجم مع سياقات الصراع المشار إليها ستبقى أسيرة هذه السياقات التي يصنعها الأطراف المؤتمرون والذين يعزز تأثيرهم الأطراف الفاعلة في هذا النظام العالمي المتوحش.
ومن هنا أيضاً، وانطلاقاً من كوننا سوريين نعيش حالة كارثية لا زالت مفاعيلها تؤثر فينا بشكل مباشر منذ عام 2011 حتى اليوم وبشكل غير مباشر منذ انفلات السلطة السياسية من ايدينا لصالح المستثمرين والتابعين والأزلام حيث كان ذلك بُعيد مرحلة الاستقلال الأول عن الاستعمار الكلاسيكي.
فإننا نرى أننا لا زلنا في موقع من يتلقى كل موبقات الاستعمار الحديث المتشح بخطاب حداثي تتلألأ فيها مصطلحات حقوق الانسان والحريات العامة والديمقراطية والحداثة والرفاه والرخاء الاقتصادي… وغيرها، لكنها جميعها مشروطة بكل ممكنات إعادة صياغة كياناتنا وفق مصالح هذا الاستعمار الاقتصادية والسيادية والاستثمارية…
إن التدمير الممنهج للدولة العراقية والتدمير الذي تلاه لوطننا الحبيب والذي لما ينته بعد وما أطلقته لقاءات مقدمات مؤتمر جده الأخير في اسرائيل واللقاءات الثنائية كذلك، حيث اعلنت بصريح العبارة عن ضرورة العمل الجاد لدمج اسرائيل في المنطقة لراهنية تحقق ذلك وإطلاق الدعوة مرة أخرى لحل القضية الفلسطينية وفق رؤية حل الدولتين وذلك لإمكانية تهيؤ الظروف لذلك.
إن ذلك جميعه يجعلنا نؤكد كما كنا نؤكد دائماً على ضرورة وأهمية المضي قدما في العمل الجاد والمسؤول لإعادة ترتيب أمور ثورتنا السورية العظيمة وإعادة اطلاقها من جديد تحت راية إدارة ثورية حقيقية تتسم بسمات الثورة.. السيادة والقيادة والاستقلالية ..وتعمل على انتصار الثورة وتحقيق أهدافها في الحرية والكرامة والتحرر النهائي من ربقة أي شكل من أشكال الاستعمار الحديث والناعم.