لماذا لا يتعامل الغرب مع قضايا الاحتلال في الوطن العربي مثلما يتعاطى مع اجتياح أوكرانيا؟
في الزمن المعاصر برزت عدة قضايا مهمة حول تغلغل النفوذ الأجنبي في أراضي الوطن العربي، بحجج باطلة والذي مهد للتدخل الايراني في جميع مفاصل الدولة. وشمل هذا التغلغل الايراني أيضا أراضي عربية ا مثل سوريا ولبنان والعراق واليمن، في محاولة من نظام الملالي لإحياء الامبراطورية الفارسية التي عفا عليها الزمن.
وفي سوريا كادت الثورة الشعبية أن تطيح بالنظام المتهاوي لنظام بشار الأسد، لولا تدخل روسيا عام 2015 بكل ثقلها العسكري بعد أن حصلت على مباركة أمريكا لهذا التدخل حسب اتفاق كيري ـ لافروف السري والذي فضحته التسريبات الاعلامية التي ظهرت مؤخرا. وحسب هذا الاتفاق تم أطلاق يد الروس في سوريا وتنظيم العمليات العسكرية بين الأمريكيين والإسرائيليين على الأرض السورية، بالإضافة إلى تقسيم الثروات السورية بين الغزاة. ومنذ ذلك الحين والطائرات الروسية تستهدف المناطق المدنية حصراً بحجة مقاومة الارهاب، ولم تسلم من هذا القصف الوحشي حتى المستشفيات ورياض الأطفال. ونقل عن وزير الدفاع الروسي تبجحه بقساوة هذا التدخل العسكري لبلاده الذي جعل من الساحة السورية حقل تجارب لتدشين حوالي 350 نوع جديد من الأسلحة الروسية الحديثة.
لذا فان السوريين يعتبرون روسيا العدو الأول لثورتهم والداعم الأقوى للنظام، الذي أذاقهم الويلات ودمر بلدهم وشردهم من بيوتهم ومحافظاتهم وقتل الآلاف منهم. هذا وقد اعترف وزير الخارجية الروسي بأهمية هذا الدعم لبلاده، الذي غبر عنه بقوله: ” لولا روسيا لسقط النظام السوري خلال أسابيع”. والجميع يعرف أن التدخل العسكري الروسي لم يكن هدفه محاربة داعش، كما زعم الرئيس بوتين قبيل الغزو، بل كان هدفه الأول والأخير القضاء على كل مناطق المعارضة للمقاومة الوطنية ضد النظام الحاكم وقد عاونه في هذا الدور التخريبي التدخل العسكري الايراني وميليشياته الولائية.
الملفت للانتباه في هذا الصراع الروسي الأوكراني هو الحجم الكبير من المساعدات العسكرية واللوجستية التي يعمل الغرب على تقديمها الى المقاومة الأوكرانية من أجل التصدي للغزو الروسي ومحاولة افشاله، بالرغم من أن أوكرانيا ليست عضوا في الحلف الأطلسي العسكري ولا تمتلك بعد العضوية الرسمية في الاتحاد الاوروبي. ناهيك عن أن دولا أوربية عديدة فتحت أبوابها على مصراعيها لاستقبال اللاجئين الاوكرانيين الذين تجاوز عددهم لحد الان أكثر من ستة ملايين لاجئ.
أما في سورية التي تمر عليها حاليا ذكرى مرور 11 عاما على ثورتها المجيدة ، لم تجد في حينها أية تعاطفا مماثلا من الدول الغربية ، بل على العكس من ذلك تكالبت عليه الدول من كل صوب لتزيد في محنته ايلاما. ولم تتلقى مقاومته الباسلة ضد الاحتلالات أية دعم حتى من الدول اتي كانت تعتبر صديقة لأن الأمريكان حرموا عليهم تقديم مثل هذا الدعم. وبالرغم من هذه الظروف الصعبة والامكانيات العسكرية البسيطة نجحت تلك المقاومة الوطنية في اثبات وجودها وتمكنت من الاستمرار وكبدت العدو الخسائر الجسيمة. كما أن المقاومة السورية ضد الغزو الروسي والإيراني قد تعرضت الى تجاهل دولي تام من تجنب اغضاب الدب الروسي.
ان هذه الازدواجية في التعامل مع حالات الاجتياح لأراضي الغير من قبل دول تدعي الدفاع عن مبادئ الديمقراطية وأحقية الشعوب في التحرر والعيش بسلام تثير الكثير من التساؤل عن مدى جدية هذه الدول في الايمان بتلك المبادئ.. بل أن مثل هذه الانتقائية في التعامل مع حالات الاحتلال لأراضي الدول الأخرى ربما تدل على الانتهازية السياسية التي تنتهجها تلك الدول لخدمة مصالحها الذاتية وليس لغرض تحقيق العدالة في استقلال الشعوب كما تصرح به أحيانا.
سوريا الأمل