بقلم [د . محمود الحمزة]
هناك، في سورية، من فرح بالدعم الخارجي القادم من دول أو من ميليشيات اجنبية مختلفة، ونسي أن تلك القوى جاءت ليس لسواد عيون السوريين، وإنما لأجنداتها الخاصة، والتي في النتيجة تشكل خطرا كبيرا يهدد مستقبل سورية وأمنها وسلامتها واستقلالها وتاريخها وحضارتها.
فقد صفق الموالون لدعوة النظام لإيران وحزب الله والميليشيات التابعة لهم من أفغانستان وباكستان والعراق، الذين مارسوا القتل والبطش بحق السوريين، خدمة لأجندة فارسية تطمح لبناء امبراطورية على حساب شعوب المنطقة وخاصة منهم العرب. وتغلغلت إيران في عمق المجتمع السوري ونفذت حملة تشييع كبيرة وهي تجند الأطفال وتدربهم على أفكار غريبة عن ثقافة الشعب السوري وتقاليده المتسامحة المستمدة من تاريخ حضاري وثقافي متنوع وعريق. كما تسللت إيران الى داخل المؤسسات العسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية والدينية في سوريا.
وهناك من فرح بالتدخل العسكري الروسي، ولكن روسيا أيضا دولة اجنبية وقد ثبتت اقدامها لعقود طويلة من خلال القواعد العسكرية والمشاريع الاقتصادية والتشكيلات العسكرية والتغلغل الأمني، وهي حتى اليوم بعد 10 سنوات لم تقدم حلا سياسيا للازمة في سورية.
وهناك من بنى آمال على تدخل غربي وأمريكي لإسقاط النظام، ولكن مثال العراق ما يزال أمامنا فقد سلمت أمريكا العراق بعد احتلاله لإيران، التي فرضت نظاما طائفيا فاسدا وهيمنت على مفاصل الدولة ونهبت ثروات العراق وأصبح العراقي جائع ومريض ولا يشبع الماء في وقت يعتبر العراق من اغنى دول العالم بثرواته النفطية والمائية والزراعية، عداك عن التراث الثقافي الحافل في العراق، الذي يجري تشويهه. لقد دمروا العراق ومازالوا. وهناك من يفرح بوجود تركيا في سوريا مع تقديرنا لكل ما قدمته من مساعدات للاجئين، إلا أن وجود قوات اجنبية على الأرض السورية لا يمكن القبول به على المدى الطويل وإلا فهذا ينتقص من الاستقلال والسيادة الوطنية.
وهناك من رحب بالقوى الدينية المتطرفة (داعش وجبهة النصرة)، متوهما بأنها ستدافع عن طموحات الشعب لكن الحقيقة هي أنهم جاؤوا بأوامر خارجية لقتل السوريين ومنع تحقيق طموحاتهم المشروعة وقاموا بتدمير المجتمع.
أما مناطق النظام، التي عاشت أوهام النصر وتحقيق حياة جديدة آمنة ومزدهرة، فإنهم اليوم فهموا تماما أن تلك كانت أوهام وأنهم ضحوا بأبنائهم من أجل مصلحة فئات معينة تريد الاستئثار بالسلطة والثروة فمن دفع الثمن هو الانسان البسيط، الذي مات أمس بالحرب، واليوم يموت من الجوع والمرض وانعدام الأمان.
وبالنتيجة فقد عانى شعبنا السوري بكل مكوناته وان كان بدرجات متفاوتة من انتهاك لحقوقهم وقتل أبنائهم وتشريدهم والمستفيد هو قوى معينة داخل سوريا وخارجها، وليس السوريين.
فعدو السوريين هو كل من يرفض بناء دولة المواطنة – دولة القانون المدنية التي يعيش في ظلها السوري بحرية وأمان بغض النظر عن دينه وعرقه وطائفته وجنسه.
عدو السوريين هو كل من يرفع شعارات التعصب والتشدد والطائفية والتعصب القومي تحت حجج واهية.
واليوم سوريا موزعة إلى مناطق نفوذ خاضعة لدول أجنبية وقوى مسلحة تتبع لجهات أجنبية وبالرغم من تفاوت نسبي في أوضاع المناطق المختلفة، إلا أن كل السوريين اليوم يعانون من مشاكل متشابهة:
- انعدام الأمان والحد الأدنى من المعيشة الكريمة.
- التعرض للإهانة والعنف والاعتداء على الحرمات والحريات الشخصية والجماعية.
- هيمنة ثقافات ومفاهيم مشوهة في الشارع السوري تبثها الدول والميليشيات المختلفة:
- ففي مناطق ادلب تهيمن جبهة النصرة وقوى دينية متطرفة تفرض ارادتها ومفاهيمها المتطرفة على السوريين وتقيد معيشتهم.
- وفي شمال سوريا تهيمن ميليشيات سورية مسلحة تدعي أنها جيش وطني ولكن لديهم ممارسات تتنافى مع الحد الأدنى من الوطنية، وهي تتبع لتركيا وتأتمر بأمرها.
- وفي مناطق الجزيرة وشرقي الفرت حلت ميليشيات تابعة لحزب العمال الكردستاني (حزب تركي) ، مدعومة من أمريكا، ولها استطالات عديدة سياسية ومدنية وعسكرية ولكنها تلعب دور عصابة تنهب ثروات المنطقة النفطية والزراعية والحيوانية وترسلها إلى جبال قنديل، وتفرض ثقافة ومناهج تعليمية غريبة عن الشعب السوري بمكوناته المتعايشة والمتسامحة، ولديها مخططات انفصالية برزت في خريطة كردستان التي نشرتها في الكتب المدرسية، وكذلك تجند القصر في ميليشياتها وبالنتيجة فكل ما يجري شرقي الفرات يؤكد الطبيعة الاحتلالية الأجنبية من قبل قسد ومن يقودها.
أيها السوريون:
لا يتوهم أحدا منكم بأن الأجنبي قادم لتحرير السوريين وتغيير حياتهم نحو الأفضل وتحقيق استقلال بلادهم وتأمين عيش كريم وأمان لهم. فكل القوى الأجنبية المتدخلة في سوريا لها أجندات ومصالح خاصة بها تضعها فوق مصلحة ومستقبل الشعب السوري.
فالقوى الأجنبية تلعب بشعبنا ويتعاون معها نظام وميليشيات مسلحة وفئات سياسية كلها تعمل من اجل مصالحها الخاصة، وعلينا أن نكون مستقلين ونرجع الى بعضنا كسوريين بعيدا عن أي تسلط او فرض ارادات او تبعية لأي جهة غير الالتزام بوحدة سورية الحرة المستقلة التي يعيش فيها افراد وجماعات حرة ومتساوية امام القانون.
ولا أرى أن المشكلة الأساسية هي أصلا بين السوري والاجنبي، بل هي حاصل تحصيل للصراع الداخلي السوري بين من يريد العيش بكرامته وفي حياة آمنة في ظل دولة تحمي حقوقه الإنسانية وحريته ومعتقداته، وبين من يرى سورية مزرعة له ولعائلته، بين من يريد احترام إرادة وحقوق المواطن السوري وبين من ينتهكها كل يوم.
سورية تستحق أن تكون دولة عصرية متقدمة وقد جرب السوريون في العقود الأخيرة النظام البعثي الاسدي، ويريدون اليوم تغييرا سياسيا ينقل سورية الى دولة لكل السوريين، يمكّنهم من المشاركة في بناء وطنهم المستقبلي دون خوف او عنف.
والشعب السوري يستحق أن يعيش حياة لائقة كريمة في ظل دولة القانون. وسترون حينها أن سورية ستكون في مصاف الدول المتقدمة وبسرعة.
إقرأ أيضاً: لا منتصر ولا مهزوم !
[…] والشعب السوري يستحق أن يعيش حياة لائقة كريمة في ظل دولة القانون. وسترون حينها أن سورية ستكون في مصاف الدول المتقدمة وبسرعة.أدناه رابط المادة http://sy-alaml.com/?p=25446 […]
[…] إقرأ أيضاً: أيها السوريون: لا تفرحوا بوجود أي أجنبي في سوريا […]