مخاطر تحدث حرب أمريكية صينية حول تايوان…
واشنطن تحشد الحلفاء لمنع تعديل النظام العالمي
بينما تتواصل الحرب على أرض أوكرانيا وسط شرق أوروبا بين روسيا من جهة والولايات المتحدة وحلف الناتو من جهة أخرى، يتجدد بروز بؤرة توتر أخرى في شرق آسيا حول جزيرة تايوان بين بكين وواشنطن. هذه الأزمة تزداد حدة وتهدد بنشوب نزاع مسلح ربما يفوق في خطورته الحرب الدائرة في أوكرانيا لأن واشنطن أكدت خلال شهر مايو 2022 وعلى لسان رئيسها بايدن أنها ستتدخل عسكريا إلى جانب تايوان لمنع الصين من إعادة توحيد الجزيرة المتمردة منذ سنة 1949 مع الوطن الأم.المواجهة الأمريكية الصينية ليست وليدة اليوم، أنها تعود عقودا طويلة إلى الخلف إلى زمن التوسع الاستعماري الغربي في جنوب وشرق آسيا والحروب الغربية التي قادتها بريطانيا على الصينبعد نهاية الحرب العالمية الثانية تدخلت الولايات المتحدة وبريطانيا أساسا لدعم حزب الكومينتانغ الموالي للغرب ومنع الحزب الشيوعي الصيني من السيطرة على الحكم ونشبت حرب أهلية شاملة في البلاد في عام 1946. وتوقفت العمليات العسكرية الكبرى بعد أربع سنوات، حيث سيطرت قوات جمهورية الصين الشعبية المؤسسة على بر الصين الرئيسي بما في ذلك هاينان، واقتصر وجود جمهورية الصين الموالية للغرب تحت حزب الكومينتانغ على تايوان، بنغو، كيموي، ماتسو والعديد من الجزر النائية.في الخامس والعشرين من أكتوبر عام 1971، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السادسة والعشرين القرار رقم 2758 الذي ينص على إعادة كافة الحقوق المشروعة لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة والاعتراف بممثل حكومتها باعتباره الممثل الشرعي الوحيد للصين في المنتظم الدولي. هذا القرار الذي تقدمت بمشروعه ثلاث وعشرون دولة، صدر بأغلبية 76 صوتا واعتراض 35 صوتا وامتناع 17 عن التصويت. بعد اثنتين وعشرين سنة من إبعادها من الأمم المتحدة، عادت الصين إلى موقعها الشرعي في لحظة تاريخية.بعد حرب سرية أمريكية غير ناجحة ضد بكين وظهور دلائل هزيمة الولايات المتحدة في حرب الفيتنام وبعد غياب للعلاقات لمدة 25 عاما جاءت زيارة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون للصين في عام 1972 ليبدأ مسلسل جديد من التفاعل.توترت العلاقات الأمريكية الصينية مجددا في ظل إستراتيجية الرئيس باراك أوباما المحورية في آسيا، ثم استمر التصعيد خلال فترة حكم الرئيس ترمب، وفي الوقت الحاضر مع إدارة بايدن.واشنطن رأت أن الصين مع روسيا تهدد النظام العالمي القائم على محور القطب الواحد، كما أصبح البيت الأبيض يسعى بكل الطرق لمنع بكين من أن تصبح القوة الاقتصادية الأولى في العالم، والخلاف حول تايوان هو أحد الأسلحة في هذا التنافس .
الغموض الاستراتيجي
جاء في تقرير نشر في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم 24 مايو 2022:
سلطت تصريحات الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الأخيرة بشأن إمكانية أن ترد الولايات المتحدة عسكريا للدفاع عن تايوان إذا حاولت الصين الاستيلاء عليها بالقوة الضوء على تاريخ طويل للسياسة الخارجية الأمريكية مع هذا الملف، وموقف واشنطن من تايوان الذي يوصف بالغموض، قبل أن يظهر بايدن قدرا من التحول ثم محاولة مساعديه شرح هذا الموقف.
وتعود جذور القضية إلى عام 1949 عندما فر تشانغ كاي شيك، زعيم حزب الكومينتانغ القومي الحاكم في الصين، إلى تايوان وشكل حكومة منفصلة بعدما خسر الحرب لصالح القوات الشيوعية بقيادة ماو تسي تونغ.
ومن هناك، واصل تشيانغ المطالبة بكامل الصين، في مقابل مطالبة البر الرئيسي الصيني بتايوان كجزء من أراضيها، وعدم استبعاد استخدام القوة لاستعادتها.
وظل الاسم الرسمي لتايوان هو “جمهورية الصين” في حين أن البر الرئيسي أطلق عليه “جمهورية الصين الشعبية”.
وعلى مدى عقود من فرار تشيانغ إلى الجزيرة، اعتبرت واشنطن قادة تايبيه (عاصمة تايوان) حكومة الصين الشرعية، ولم تكن هناك علاقات رسمية مع بكين قبل أن يتغير هذا الموقف في عام 1979.
وفي عام 1992، اتفقت الحكومة التايوانية بقيادة حزب الكومينتانغ مع البر الصيني الرئيسي على أن هناك “صين واحدة” من دون تغيير الواقع على الأرض.
ومنذ أواخر التسعينيات، ظهرت هوية تايوانية مميزة تدعو للاستقلال.
وفي حين يؤيد التايوانيون التقارب مع الصين القارية، بشكل خاص في مجال التجارة، يرفض معظمهم “الوحدة” معها حسب المصادر الغربية.
ويعتبر الحزب الحاكم الحالي، بقيادة الرئيسة تساي إنغ ون، تايوان دولة ذات سيادة وليست جزءا من الصين. في عام 1979، ألغت الولايات المتحدة برئاسة جيمي كارتر الاعتراف بـ”جمهورية الصين” وأقرت بحكومة بكين كممثل وحيد للصين، ومع ذلك، رفضت الاعتراف بالسيادة الصينية على تايوان، وفق موقع مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) الأمريكي.
ويعني هذا أن واشنطن لا توافق على مطالبة بكين بالسيادة، ولا تتفق مع تايبيه على أن “جمهورية الصين” دولة مستقلة وذات سيادة.
حصان طروادة
هكذا، احتفظت الولايات المتحدة بعلاقات رسمية مع “جمهورية الصين الشعبية” وبعلاقات غير رسمية مع تايوان.وأكدت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على سياسة “الصين الواحدة” أي الإقرار بأن تايوان جزء من الصين دون سيادة بكين عليها، وهو ما مكن من الحفاظ على الاستقرار في مضيق تايوان، وترك للجانبين العمل على حل دون استخدام القوة لتغيير الوضع، وفق فرانس برس.وأصبح البر الرئيسي شريكا تجاريا رئيسيا للولايات المتحدة، لكن في الوقت ذاته، حافظت الولايات المتحدة على دعم تايوان بوسائل عدة.وعلى إثر الاعتراف بالصين الشعبية، أقر الكونغرس الأمريكي “قانون العلاقات مع تايوان” الذي نظم العلاقات مع الجزيرة والمصالح الأمنية والتجارية للولايات المتحدة.وتقول وزارة الخارجية الأمريكية إن تايوان “كدولة ديمقراطية رائدة وقوة تكنولوجية تعد شريكا رئيسيا للولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ”.وبموجب قانون الكونغرس، يتعين على الولايات المتحدة بيع الإمدادات العسكرية لتايوان لضمان دفاعها عن النفس ضد القوات المسلحة الأكبر حجما في بكين.وتدعم الولايات المتحدة تايوان في الحصول على عضوية المنظمات الدولية عندما لا يكون إنشاء الدولة متطلبا، وفق الوزارة.ومن الناحية النظرية، لا توجد سفارة رسمية للولايات المتحدة في تايبيه، لكن واشنطن تدير هناك مركزا يسمى المعهد الأمريكي في تايوان (AIT) الذي يؤدي خدمات قنصلية، وهو وفق الخارجية الأمريكية “منظمة غير حكومية مفوضة بتنفيذ العلاقات غير الرسمية للولايات المتحدة مع تايوان”.وتقول وزارة الخارجية الأمريكية إنه رغم عدم وجود تمثيل دبلوماسي “نتمتع بعلاقة غير رسمية قوية بالإضافة إلى مصلحة دائمة في الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان”.ولدى تايوان ما يسمى “مكتب تايبيه للتمثيل الاقتصادي والثقافي (TECRO)” في واشنطن، ولديه فروع في جميع أنحاء الولايات المتحدة.وتربط الولايات المتحدة وتايوان علاقات تجارية ومالية “عميقة ومتنامية”، وتايوان ثامن أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، والأخيرة ثاني أكبر شريك تجاري لتايوان. وقد بلغ الاستثمار التايواني في الولايات المتحدة ما يقرب من 137 مليار دولار عام 2020.وأبقت واشنطن طيلة العقود الماضية على ما يسمى “الغموض الاستراتيجي” بشأن ما إذا كانت ستتدخل عسكريا في الجزيرة، وهي سياسة مصممة لدرء غزو صيني، وثني تايوان عن إعلان الاستقلال رسميا.وتقول فرانس برس إن هناك نقاشا متزايدا بين الحزبين الكبيرين في واشنطن بشأن ما إذا كان التحول إلى “الوضوح الاستراتيجي” هو الأفضل حاليا، بالنظر إلى نهج بكين العدائي المتزايد تجاه تايوان في السنوات الأخيرة.وعندما سئل بايدن عما إذا كانت الولايات المتحدة ستتدخل عسكريا ردا على غزو صيني لتايوان، أجاب: “نعم، هذا هو الالتزام الذي قطعناه”.وذكر مسؤول في البيت الأبيض في وقت لاحق إن سياسة الولايات المتحدة لم تتغير وإن بايدن “كرر التزامنا بموجب قانون العلاقات مع تايوان بتزويد تايوان بالوسائل العسكرية للدفاع عن نفسها”.وفي محاولة لتوضيح موقف بايدن، قال وزير الدفاع، لويد أوستن، إن تعليق بايدن الأخير “سلط الضوء على التزامنا بموجب قانون العلاقات مع تايوان للمساعدة في تزويدها بالوسائل للدفاع عن نفسها”.وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايسن الثلاثاء 24 مايو: “الرئيس بايدن لم يعلن أي تغيير في السياسة الأمريكية تجاه تايوان”.وتقول محطة “إيه بي سي” الأمريكية إن هذا “الارتباك” هو تذكير بموقف واشنطن من “الغموض الاستراتيجي” عندما يتعلق الأمر بتايوان وهو يهدف إلى “ترك الصين تخمن ما الذي ستفعله الولايات المتحدة بالضبط، إذا كان هناك غزو”.وهذه هي المرة الثالثة التي يثير فيها بايدن ضجة كبيرة بتعليقاته بشأن حماية تايوان، فقد ذكر في مقابلة في أغسطس 2021 أن علاقة الولايات المتحدة معها تشبه التزام واشنطن تجاه “حلف الناتو” الخاص بالدفاع عن أعضائه ضد أي هجوم. وقال بايدن في أكتوبر 2021: “لدينا التزام” بالدفاع عن تايوان.وبينما حاول مسؤولو البيت الأبيض التخفيف من تصريحاته في المرتين، عاود بايدن التصريح بذلك، لكن هذه المرة من مسافة قريبة من الصين وتايوان، حين كان يزور اليابان.
حصار على الصين
تصريحات بايدن جاءت في الوقت الذي تم فيه إعلان الإطار الاقتصادي الآٍسيوي لمواجهة نفوذ الصين، وبعد تحالف “أوكوس” العسكري بين استراليا وبريطانيا والولايات المتحدة والمخطط لتوسيعه والهادف لفرض حصار عسكري حول الصين مشابه لحلف الناتو في أوروبا.وكان بايدن قد اعترف إن المنافسة مع الصين هي أهم أهدافه في السياسة الخارجية وأنه يعمل على حشد الحلفاء في ممارسة الضغط على بكين.وانتقدت الولايات المتحدة أيضا علاقات بكين الدافئة مع روسيا، الأمر الذي يخشى فيه المسؤولون الأمريكيين من التعامل مع احتمال مواجهة خصمين رئيسيين في وقت واحد، وفقا للصحيفة وول ستريت جورنال.ويقول محللون أن الهدف من زيارة بايدن إلى آسيا هو إظهار أن واشنطن لا تزال تركز على مواجهة الصين بينما يحظى هجوم روسيا أوكرانيا بمزيد من الاهتمام العام.ويمثل الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ الذي أعلن عنه الاثنين 23 مايو المحاولة الأكثر طموحا لإدارة بايدن لبناء علاقات اقتصادية مع الدول الآسيوية بعد انسحاب الولايات المتحدة في عهد الرئيس آنذاك دونالد ترمب من الشراكة عبر المحيط الهادئ في عام 2017.وسيركز الإطار على التعاون في القضايا العالمية مثل سلاسل التوريد والطاقة النظيفة والقواعد الرقمية، لكنه لا يتضمن خططا للتفاوض على تعريفات جمركية أقل أو خطوات واسعة لإزالة الحواجز التي تحول دون الوصول إلى الأسواق.وكانت اليابان حليفة الولايات المتحدة، التي ابتعدت لفترة طويلة عن الالتزامات العسكرية في المنطقة، في الآونة الأخيرة في طليعة موقف أكثر حزما بشأن تايوان، مما يجعل موقع تعليقات بايدن مهما، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال.وقال رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، وهو يقف إلى جانب بايدن ردا على سؤال بشأن تايوان إنه سيعمل مع الولايات المتحدة لضمان ألا يتمكن أحد في شرق آسيا من تقليد ما فعلته روسيا بأوكرانيا، وأضاف “سنعزز جيشنا بشكل كبير”.ومع وجود تايوان على بعد 65 ميلا فقط من يوناغوني، الجزيرة اليابانية الأكثر سكانا في الغرب، فإن الحرب مع الصين تحمل عواقب محتملة هائلة على اليابان، التي تخلت عن الصراع المسلح منذ هزيمتها في الحرب العالمية الثانية.ونقلت الصحيفة الأمريكية عن ناروشيجي ميشيشيتا، نائب رئيس المعهد الوطني للدراسات العليا للدراسات السياسية في طوكيو قوله إنه “في حين أن كيشيدا لن يكون صريحا مثل بايدن، فإن إدارته تهدف إلى زيادة ميزانية الدفاع، بينما تناقش خططا للحصول على أسلحة قادرة على ضرب مواقع إطلاق الصواريخ في أراضي العدو وإجراء المزيد من التدريبات مع القوات الأمريكية”.وذكر ميشيشيتا “يجب على المخططين الصينيين أن يأخذوا في الاعتبار إمكانية تورط اليابان عندما يخططون وعندما يقررون ما إذا كانوا سيهاجمون تايوان أم لا “.وأضاف إن إجبار الصين على النظر في احتمال مواجهة القوات الأمريكية واليابانية من شأنه في نهاية المطاف “تعزيز إمكانية السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان”.
ثمن لا يطاق
في بكين حذرت الخارجية الصينية الولايات المتحدة من أنها ستدفع “ثمنا لا يطاق” إذا واصلت السير في “الطريق الخطأ” بشأن قضية تايوان.وصرح المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ وين بين في إفادة صحفية يوم الثلاثاء 24 مايو، “تبذل الولايات المتحدة قصارى جهدها في التلاعب بالكلمات بشأن مبدأ “الصين الواحدة”. لكني أريد أن أذكر الجانب الأمريكي بأنه لا توجد قوة في أي من أنحاء العالم، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة نفسها، يمكنها تجنيب الداعين إلى استقلال تايوان الهزيمة”.وأضاف أن الولايات المتحدة أخلت بالوعود التي قطعتها بشأن قضية تايوان وقوضت ودمرت مبدأ “الصين الواحدة” وحرضت سرا وعلنا ودعمت الأنشطة الانفصالية التي تهدف إلى “استقلال تايوان”.وتابع: “إذا استمرت الولايات المتحدة في المسار الخطأ، فلن يؤدي ذلك إلى عواقب لا رجعة فيها للعلاقات الصينية الأمريكية فحسب، بل وسيجعل الولايات المتحدة في النهاية تدفع ثمنا لا يطاق”.واكد وانغ أن الصين لديها “الثقة الكاملة والقدرة والاستعداد لاحتواء الأنشطة الانفصالية الهادفة إلى استقلال تايوان بحزم ومنع التدخل الخارجي بحزم والدفاع بحزم عن السيادة الوطنية وسلامة الأراضي”.وخلص بالقول: “أنصح الولايات المتحدة بالاستماع إلى أغنية صينية قديمة مشهورة تقول إنه عندما يأتي صديق، يتم الترحيب به بنبيذ جيد، وعندما يأتي ابن آوى، يرحب به ببندقية الصيد”.وكان المتحدث باسم الخارجية الصينية قد صرح قبل ذلك وبتاريخ 5 مايو 2021 تعليقا على احتجاجات واشنطن على علاقات بكين الوثيقة مع موسكو: العلاقة بين بكين وموسكو “نموذج جديد” للعالم، إن “التعاون في هذا المجال يلبي المصالح الأساسية للجانبين ويسهم في الاستقرار والتنمية الإقليميين”، مشددا على أن “التعاون العسكري بين روسيا والصين هو أيضا ضامن مهم للتوازن الاستراتيجي الدولي”.وأضاف: “الصين تولي أهمية كبيرة للتعاون مع روسيا في هذا المجال وستعمل مع الجانب الروسي لتعزيز التعاون العسكري التقني على مستوى أعلى وعلى نطاق أوسع”.وتابع: “التعاون العسكري التقني الصيني الروسي يتماشى مع المصالح الأساسية لكلا الجانبين، ويتم تنفيذه على أساس مبدأ المنفعة المتبادلة، وليس موجها ضد أطراف ثالثة”.من جهته، قال وزير الدفاع الصيني وي فنغي في أغسطس 2021، إن “جيشي الصين وروسيا سيعززان التعاون العسكري لحماية السلام”، مشيرا إلى الاتفاق بين وزارتي الدفاع لكلا البلدين على “تكثيف التدريبات العسكرية الإستراتيجية المشتركة والدوريات”.
المواجهة المؤجلة
بشأن مخاطر وقوع حرب أمريكية صينية تحدث مدير معهد بلدان آسيا وإفريقيا بجامعة موسكو الحكومية، البروفيسور أليكسي ماسلوف، لـ”موسكوفسكي كومسوموليتس” فقال: من الواضح أن تصرفات الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة تدفع الصين بالفعل لإثبات قوتها. لأن كثيرين يعبرون عن شكوكهم حول قدرتها على تنفيذ عملية عسكرية، ويعيرون الصين بالضعف. تتمثل مهمة الولايات المتحدة في جر الصين إلى صراع طويل الأمد وتوريطها فيه. في الوقت نفسه، من المستبعد جدا أن تقرر الولايات المتحدة إرسال أي وحدات عسكرية تابعة لها إلى تايوان”.ووفقا لـ ماسلوف، من المستبعد أيضا أن تقبل الصين بموقف الضعف، على الرغم من تبادل التصريحات المتشددة. وقال: “بشكل عام، بدأت بكين، على العكس من ذلك، في اتباع نهج أكثر واقعية تجاه مشكلة تايوان وبدأت مناقشة إمكانية التوصل إلى حل عسكري للصراع في مرات أقل مما كانت عليه قبل شهر ونصف على سبيل المثال. هذا يرجع إلى حقيقة أن الصين، أولا، لا تريد أن تخضع للعقوبات على الإطلاق. لأنها في مثل هذه الحالة سوف تضطر إلى إعادة بناء اقتصاد البلاد بالكامل. الصين مستعدة للقيام بذلك، لكن ليس الآن، وثانيا، لا ترغب جمهورية الصين الشعبية في فقدان صورتها كدولة “تتعالى على النزال” دائما وتحل المشكلات حصريا من خلال المفاوضات”.وأكد ماسلوف أن تايوان من بين جميع المشاركين في المواجهة هي الأقل مصلحة في عمل عسكري حقيقي، لأن ذلك سيؤدي إلى انهيار اقتصادها.
الاستخبارات الامريكية
أكدت مديرة أجهزة الاستخبارات الأمريكية أفريل هينز خلال الثلث الأول من شهر مايو 2022 أن السلطات الصينية تعمل على بناء قوات عسكرية قادرة على الاستيلاء بحرب خاطفة على جزيرة تايوان بحلول عام 2030.وقالت هينز في تصريحات خلال استضافتها في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ “من وجهة نظرنا أنهم يعملون بجد لوضع أنفسهم بشكل فعال في موقف يكون فيه جيشهم قادرا على السيطرة على تايوان” التي يقطنها زهاء 23 مليون نسمة، مضيفة أن “التهديد لتايوان حاد من الآن وحتى عام 2030.ويراقب الخبراء والمسؤولون الغربيون الصين عن كثب منذ تدخل روسيا في أوكرانيا في فبراير، على أمل معرفة ما إذا كان ردة الفعل العربية والعقوبات ضد موسكو قد تردع بكين عن القيام بعمل مماثل في تايوان، وفقا لموقع “بزنس إنسايدر”.وأكدت هينز أن “من الصعب التكهن بمدى تأثر الجدول الزمني الذي وضعته الصين بالأزمة في أوكرانيا ومدى تعلم بكين من الدروس التي خلفها الغزو الروسي”.وذكر موقع “بزنس إنسايدر” أن كبار المسؤولين التايوانيين يخشون من أن الصين تتجه نحو الغزو، خاصة وأن “شعار اليوم، أوكرانيا، غدا، تايوان” انتشر على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي التايوانية بعد الهجوم الروسي.وكان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية “سي آي إيه” بيل بيرنز قد قال مطلع مايو إن من الواضح أن الأزمة الأوكرانية لم تؤثر كثيرا على مساعي الصين للسيطرة على تايوان، “لكنني أعتقد أن هذا الأمر يؤثر على حساباتهم حول كيف ومتى يفعلون ذلك”.وجاءت التحذيرات من هينز وبيرنز بعد أيام فقط من تصريحات أدلى بها رئيس القيادة الإستراتيجية الأمريكية الأدميرال تشارلز ريتشارد قال خلالها إن الصين تنوي “الاستيلاء على تايوان بحلول عام 2027”.
القوة العسكرية
يوم الخميس 26 مايو 2022 صرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة ستسعى للتأثير على سلوك الصين عبر تشكيل “بيئة إستراتيجية حول بكين”، في كلمة استهدفت مباشرة أداء الرئيس الصيني شي جينبينغ في قيادة ثاني أكبر اقتصاد في العالم.ووفقا لوكالة بلومبرغ للأنباء، قال بلينكن في كلمة تحدد نهج إدارة الرئيس الأمريكي تجاه الصين: “هذه لحظة مشحونة بالنسبة للعالم.. لا نستطيع الاعتماد على بكين لتغيير مسارها. لذ سنقوم بتشكيل البيئة الإستراتيجية حول بكين من أجل تحقيق رؤيتنا لنظام دولي مفتوح وشامل”.وحذر بلينكن من أن الصين تسعى للهيمنة على الصناعات في المستقبل. وقال إن الرد الأمريكي سيكون بتعزيز الاستثمارات في الداخل، والعمل عن كثب مع الحلفاء لا سيما في المحيطين الهندي والأطلسي، والمنافسة مع الصين على أساس “تكافؤ الفرص”.وذكر إن حكومة شي تقوض بنشاط النظام الدولي الذي ساعد على نهوض الصين، بينما قال إن الولايات المتحدة لا تريد حربا باردة جديدة مع بكين.وأضاف بلينكن إنه “بدلا من أن تستخدم قوتها لتعزيز وتقوية القوانين والاتفاقيات والمبادئ والمؤسسات التي تمكن من نجاحها، بحيث يمكن أيضا لدول أخرى أن تستفيد منها، تقوم بكين بتقويض ذلك”.وأشاد بلينكن بالولايات المتحدة لامتلاكها “أكبر قوة عسكرية” في العالم، كما أشاد باللقاحات الأمريكية المضادة بكوفيد 19، والتي أظهرت أنها أكثر فعالية عن تلك المنتجة في الصين.
حرب كارثية
جاء في تقرير أمريكي نشر يوم 24 مايو 2022 تسير العلاقات الصينية الأمريكية في خط يتسارع فيه التوتر أو يتباطأ، لكنه لا ينخفض أبدا منذ سنوات، وبالتحديد منذ أن أدركت الولايات المتحدة أن نفوذ الصين العالمي، المرتبط بسياسات رئيسها شي جين بينغ التوسعية، وطريقة تعامله “الملكية” مع المؤسسات في الصين هو خطر على مستقبل البلاد، وربما العالم.ويطرح رئيس الوزراء الأسترالي السابق، كيفن رود، في كتاب “الحرب التي يمكن تجنبها، مخاطر الصراع الكارثية بين الولايات المتحدة والصين تحت زعامة شي جين بينغ” سيناريوهات يعتقد الكاتب أنها ضرورية لتجنيب العالم مخاطر مثل هذا الصراع.ويقول تحليل منشور في مجلة National Interest إن أهمية الكتاب تكمن من أن كاتبه لديه علاقات واسعة وعميقة ووثيقة مع بكين وواشنطن، وهو ليس أمريكيا ولا صينيا، كما إنه مطلع بحكم منصبه على خفايا وكواليس، ومخاطر محتملة، أكثر من أي باحث عادي.ويبدأ الكاتب بتحذير خطير يقول إن “وجهات النظر العالمية المهيمنة الآن في الصين والولايات المتحدة تدفع البلدين نحو الحرب”.ويقترح رود وصفة لإدارة التوتر أسماها “المنافسة الإستراتيجية المدارة”، حيث تسعى بكين وواشنطن إلى التوصل إلى تفاهمات متبادلة وقواعد طريق التي تسمح لهما بالحفاظ على تنافسهما الاستراتيجي الحتمي ضمن حدود، مع تعظيم فرص التعاون حيث من الواضح أنه يخدم مصالح البلدين.لكن رود، وفقا لمقال المجلة، يعترف بأن هذا سيكون صعبا للغاية بسبب “عدم الفهم المتبادل” و”التآكل شبه الكامل للثقة” بين الولايات المتحدة والصين.كما أنه يدرك القيود السياسية الداخلية لدى البلدين التي ستجعل من الخطر على القادة على أي من الجانبين الدعوة إلى ضبط النفس أو أي شيء يشبه التسوية أو الاسترضاء.ويقول رود، مع هذا، فإن البدائل -بما في ذلك المسار الحالي للأحداث- تخاطر بحصول الكارثة.وفيما يدعو الكاتب الولايات المتحدة إلى التخلي عن “الذعر غير المبرر والقلق الاستراتيجي المفرط” من الصين، يشرح أيضا ما يعتقد أنها “رؤية شي جين بينغ للعالم”، والتي تم تنظيمها على أنها ” 10 دوائر متحدة المركز من الاهتمام”.وتبدأ هذه بالأولوية القصوى للحزب الشيوعي الصيني المتمثلة في البقاء في السلطة والسيطرة، وتتسع لتشمل السعي الداخلي للحزب الشيوعي الصيني لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وأمن الحدود، والسلامة الإقليمية، وسعيه الخارجي للنفوذ الإقليمي، والعالمي، والنفوذ، والأمن.
اضعاف الصين
ويقول الكاتب إن الموضوع المتكرر الأكثر صلة بالعلاقات بين الولايات المتحدة والصين هو وجهة نظر بكين بأنها تتنافس مع واشنطن على جميع احتياجات الصين وأولوياتها تقريبا.ويرجع ذلك إلى أن القادة الصينيين يرون في الازدراء الأمريكي للحزب الشيوعي الصيني، وما يفسرونه في هدف واشنطن المتمثل في تغيير النظام في بكين، أكبر تهديد للاستقرار الداخلي للصين.وبالمثل، فإنهم يرون “ما يفسرونه على أنه” سياسة الولايات المتحدة لاحتواء الصين إقليميا وعرقلة قوتها ونفوذها على الصعيد العالمي باعتبارها التحدي الخارجي الرئيسي للصين.ويحدد رود بشكل شامل ‘ستراتيجية شي لمواجهة هذا التهديد المتصور، والتي تركز على تعزيز السلطة المحلية للحزب الشيوعي الصيني في الداخل، مع اتباع سياسات أكثر نشاطا وحزما في الخارج لتسجيل نقاط ضد الولايات المتحدة وتعظيم مكانة الصين العالمية ونفوذها.وبعيدا عن الجدل بشأن ما إذا كان الكاتب منح شخصية شي “تأثيرا أكبر من حقيقته” على السياسات العامة للدولة الصينية، يقول الكاتب إن هناك قضية إستراتيجية رئيسية واحدة يمكن أن يكون لميول شي الشخصية تأثير حاسم عليها، هي تايوان.وعلى وجه التحديد، يتكهن رود بأن شي قد يرغب في أن يكون لدى بكين القدرة العسكرية للاستيلاء على تايوان، أو على الأقل أن يكون لديه “ميزة عسكرية كافية ضد الولايات المتحدة” للدفع إلى تسوية سياسية مع تايبيه.ويقول إن بكين تسعى إلى “تخفيف القوة الأمريكية وزيادة قوة الصين” في النظام العالمي.
لعبة الحرب
أظهرت تجربة “لعبة الحرب” التي أجراها مركز الأمن الأمريكي الجديد بالاشتراك مع برنامج “NBC “Meet the Press، حول خطر حرب مع الصين مدى السرعة التي يمكن أن يتصاعد بها مثل هذا الصراع. وافترضت اللعبة أزمة خيالية تحدث في عام 2027، بهدف فحص الطريقة التي قد تتصرف بها الولايات المتحدة والصين في ظل مجموعة معينة من الظروف.وأظهرت التجربة أن التحديث العسكري للصين وتوسيع ترسانتها النووية – ناهيك عن الأهمية التي توليها بكين للتوحيد مع تايوان – يعني، في العالم الحقيقي، أن القتال بين الصين والولايات المتحدة يمكن أن يصبح نوويا بسرعة.أوضحت اللعبة كذلك، والتي تولى فيها أعضاء في الكونغرس ومسؤولون حكوميون سابقون وخبراء متخصصون أدوار كبار صانعي القرار في مجال الأمن القومي في الصين والولايات المتحدة، أن الحرب بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن تتصاعد بسرعة.وأظهرت أن كلا البلدين سيواجهان حوافز عملية لضرب القوات العسكرية على أراضي الطرف الآخر.وفي اللعبة، كان المقصود من هذه الضربات أن تكون محسوبة لتجنب التصعيد.وحاول كلا الجانبين السير على خط رفيع من خلال مهاجمة أهداف عسكرية فقط، لكن مثل هذه الهجمات تجاوزت بسرعة الخطوط الحمراء لكلا البلدين، وأنتجت سلسلة من الهجمات المتبادلة التي وسعت نطاق الصراع وشدته.وفي هذه المحاكاة، شنت الصين هجوما استباقيا ضد القواعد الأمريكية الرئيسية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.واستهدفت الهجمات الافتراضية، غوام، على وجه الخصوص، لأنها قاعدة عمليات أمامية مهمة للعمليات العسكرية الأمريكية في آسيا، ولأنها منطقة وليست دولة أمريكية.وردا على ذلك، استهدفت الولايات المتحدة السفن العسكرية الصينية في الموانئ والمنشآت المحيطة، لكنها امتنعت عن شن هجمات أخرى على البر الرئيسي الصيني.ومع ذلك، اعتبر كلا الجانبين هذه الضربات على أنها هجمات على أراضيهما الأصلية، وبدلا من تصوير مخاوفهم الخاصة بشأن الهجمات على أراضيهما، برر كل جانب الضربات الأولية على أنها ضرورات عسكرية محدودة في طبيعتها ويمكن أن يراها الآخر على هذا النحو.وأدت الردود على الضربات الأولية إلى تصعيد الأمور، حيث رد الفريق الأمريكي على تحركات الصين بضرب أهداف في البر الرئيسي للصين، ورد الفريق الصيني على ضربات واشنطن بمهاجمة مواقع في هاواي.
السلاح النووي
يقول تقرير “فورين آفيرز” إنه في حين أن الصين لديها عدة طرق لتحقيق هذا الهدف (ضم تايوان) فإن استخدام الأسلحة النووية قد يكون أكثر الوسائل فعالية لإبقاء الولايات المتحدة خارج الصراع.وأمضت الصين عدة عقود في تحويل جيش التحرير الشعبي، إلى ما أسماه الرئيس الصيني، شي جين بينغ “جيشا من الطراز العالمي” يمكنه هزيمة أي طرف ثالث يتولى الدفاع عن تايوان.وتعتمد استراتيجية الحرب الصينية، على القدرة على إبراز القوة العسكرية التقليدية على بعد عدة آلاف من الأميال من أجل منع الجيش الأمريكي، على وجه الخصوص، من التصدي بفعالية للهجوم الصيني على تايوان.وفي الوقت نفسه، توفر الترسانة النووية المتنامية لبكين نفوذا قسريا بالإضافة إلى قدرات قتالية جديدة محتملة، مما قد يزيد من مخاطر الحرب والتصعيد.في 2021، ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز أن الصين ربما أجرت اختبارات للطائرات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت كجزء من نظام قصف مداري يمكنه التهرب من الدفاعات الصاروخية وإيصال أسلحة نووية إلى أهداف في الولايات المتحدة .
سوريا الأمل