الجزء الثالث : صلات خوري بالأسلحة السوریة
وجدت غلوبال ویتنس أن ثلاث شركات یشتبه في أنھا عملت كواجھات لمركز الدراسات والبحوث العلمیة (SSRC )،وھي المؤسسة العسكریة السوریة المسؤولة عن برامج الأسلحة الكیمیائیة والصواریخ البالیستیة – بیروسیتي للمشاریع (Enterprises Piruseti فرومینیتي) للاستثمارات (Investments Frumineti ،وبشكل أبسط تریدویل للتسویق (Marketing Tredwell )– تشكل في الواقع جزء من شبكة خوري. استمر نشاط ھذه الشركات حتى بعد أن بدأت الحكومة السوریة في الاعتداء على مواطنیھا في عام 2011 .
في السبعینیات، عندما كان حافظ الأسد والد بشار رئیسا أسس النظام السوري مركز الدراسات والبحوث SSRC لیكون مؤسسة للبحث العلمي. لاحقا بدأ المركز في تطویر صواریخ بعیدة المدى وأسلحة كیمیائیة وبیولوجیة للجیش السوري. ولتطویر ھذه التكنولوجیا العسكریة المتقدمة، اشترى المركز مجموعة متنوعة من المعدات من الخارج: آلات دقیقة، ومعدات بصریة وإلكترونیات، وأنواع خاصة من البلاستیك والألواح، فضلا عن مواد یمكن استخدامھا في الأسلحة الكیمیائیة ولأغراض أخرى. بعض تلك السلع لا یمكن شراؤھا إلا
في الغرب.
وفي عام 2005 ،فرضت الولایات المتحدة عقوبات على أنشطة مركز البحوث العلمیة، مما أعاق بشكل كبیر قدرته على شراء المواد التي یحتاجھا.
ولكن حتى قبل فرض تلك العقوبات، لجأ النظام السوري، الذي كان يصنف صنف دولة راعیة للإرھاب من قبل الولایات المتحدة منذ عام1979 ، إلى استخدام شركات واجھة لشراء معدات ومواد للتھرب من الاستخبارات الغربیة. معظم ھذه الشركات مسجلة في الخارج (offshore) ،أو في لبنان أو الإمارات العربیة المتحدة.
وفي مقابلات مع غلوبال ویتنس، وصف منشقون عن مركز البحوث العلمیة كیف قاموا بإخفاء محاولاتھم لشراء معدات لازمة لبرامجھم. وشملت ھذه الطرق استخدام عناوین تسلیم مزیفة، أو التظاھر كموظف جامعي عند الشراء من شركات غربیة، أو استخدام رجال أعمال سوریین لشراء معدات مقابل عمولة.
منذ بدء الحرب، قام مركز البحوث العلمیة السوري بتصمیم وتصنیع الأسلحة الكیمیائیة والبرامیل المتفجرة والعدید من الصواریخ المستخدمة ضد المدنیین السوریین والمستشفیات السوریة. ولذلك فھو متواطئ في جرائم الحرب التي ارتكبھا النظام .
ثلاث شركات واجھة یشتبه في صلتھا بمركز الدراسات والبحوث العلمیة
• تریدویل للتسویق المحدودة Marketing Tredwell Ltd ،،مسجلة في جزر فیرجن البریطانیة ونشطة من 2007إلى 2013 ،ومملوكة من قبل فاضل ُربُّز ویدیرھا رودین نادرة. وكلاھما صدیق لطوني خوري، عضو شبكة خوري، كما عمل رودین نادرة لدى مدلل خوري من 2007 إلى 2009 .وینكر كلاھما أي علم بالشركة أو أنشطتھا. ومن الممكن أن تكون أسماؤھم قد استخدمت دون علمھم أو موافقتھم. ویشتبه المصرف المركزي القبرصي بوجود صلات تربطھا بمركز البحوث العلمیة السوري.
• شركة بیروسیتي المحدودة للمشاریع Piruseti Ltd Enterprises ،وفرومینیتي للاستثمارات وكلاھما ، Frumineti Investments Ltdالمحدودة مسجل في قبرص ونشط من 2012 وحتى 2014 ، ومملوكة ومدارة من قبل عیسى الزیدي، موظف في شبكة خوري. وقد اتھمھم المكتب الامریكى لمراقبة الاصول الاجنبیة بانھم شركات واجھة لمركز البحوث العلمیة SSRC .
تریدویل، شركة شبكة خوري المشتبه في أنھا تعمل لصالح الجیش السوري
یشتبه مسؤولو حكومات غربیة ومصرف قبرص المركزي في أن شركة تریدویل للتسویق المحدودة، المسجلة في جزر فرجن البریطانیة، ھي واجھة لمركز البحوث العلمیة SSRC .تتخصص جزر فیرجن البریطانیة في تسجیل شركات مجھولة الھویة: فھي لا تكشف معلومات عن مالكي الشركات أو مدیریھا، مما یجعلھا ولایة قضائیة مثالیة لتسجیل الشركة والحفاظ على سریة مالكیھا والمستفیدین منھا. على الرغم من أن تریدویل للتسویق لم توضع قط تحت العقوبات، سنفصل أدناه ھذه الشكوك. وكان لتریدویل للتسویق حساب في بنك FBME .في عام 2014 ،منحت شبكة FinCEN ا لأمریكیة بنك FBME إشعار غسیل أموال، مدعیة أن عميلا واحدا على الاقل من عملاء FBME كان شركة واجھة لمركز البحوث العلمیة وأن ھذا الكیان شارك عنوان صندوق برید مع ما لا یقل عن 111 شركة وھمیة أخرى في جزر فیرجن البریطانیة.
وقد تم تأكید الإشعار الأمریكي جزئیاً من خلال تسریب الإیداعات الداخلیة لـ FBME مما یدل على أنھ في الفترة بین 2007 و 2013 تم تسجیل تریدویل للتسویق في نفس عنوان BVI مثل شركات خوري الأخرى التي تتعامل مع FBME .وقد تمت تغطیة ھذه التسریبات من
قبل البرید القبرصي و News BuzzFeed ،وقامت BuzzFeed بنشر بعض الوثائق الأصلیة.
بل وضع إشعار شبكة FinCEN الأمریكیة على العلن، طلب البنك المركزي القبرصي أن تقدم FBME معلومات عن تسعة من عملائھا، بما في ذلك تریدویل وشركة أخرى تتبع لشبكة خوري.
في قائمة العملاء التسعة التي قدمھا البنك المركزي إلى FBME ،جاء في ملاحظة مكتوبة بخط الید بجانب تریدویل: “?SSRC .” تظھر الاتصالات الداخلیة في بنك FBME ،التي تم تسریبھا في وقت لاحق، أن موظفي FBMEومراجعي الحسابات صدرت لھم تعلیمات للتحقیق في تریدویل نتیجة شكوك البنك المركزي.
وبحلول عام 2017 ،قال مسؤول حكومي غربي للأكادیمي جوناثان بریور إن “الشركات الشریكة ل SSRC [شملت على سبیل المثال تریدویل للتسویق، صندوق برید 3321 ،دریك تشامبرز رود، تورتولا، جزر فیرجن البریطانیة، المسجلة في عام 2007 ” .
وأوضح تقریر صادر عن بریور كیف أن موظفي مركز البحوث العلمیة یتظاھرون، قبل عام 2011 ،بتمثیل عدة شركات سوریة من أجل تقدیم الطلبات، ثم یتم الدفع من قبل جھات أخرى ( ُيعتقد أن تریدویل واحدة منھا) التي كانت “عادة صنادیق استئمانیة، مقرھا في سوریة أو في الخارج، بما في ذلك الملاذات الضریبیة والمراكز المالیة الخارجیة”.
ووصفت ورقة بریور تریدویل بأنھا “شركة شریكة”. وكتب، كانت الشركات الشریكة لمركز البحوث العلمیة: “ممولة عبر تحویلات من قبل مركز البحوث العلمیة SSRC( مباشرة من سوریة أو عبر لبنان) و عن طریق تحویل الأموال إلى الموردین من خلال حسابات في بنوك دولیة، بما في ذلك حالة واحدة من الشركات التابعة لمصرف روسي في قبرص. وقد تم إخفاء المصدر السوري للأموال عن المصارف و عن الموردین. وعادة ما یتم إرسال الشحنات من قبل الموردین إلى شركات في سوریة أو لبنان (الشركات، عادة ما تكون شركات واجھة تقریبا نقلت ً لحزب الله، تتغیر كل 6 أشھر ). ھذه الشركات الشحنات مباشرة إلى سوریة. وتماشیا مع الممارسات التجاریة العادیة، أرسلت الشركات الأمامیة وثائق الشحن ذات الصلة إلى إدارة المشتریات والتخلیص الجمركي التابعة لـ SSRC من أجل تسھیل
عملیات التسلیم من خلال الجمارك السوریة.”
وفقا لوثائق FBME المسربة، كان مدیر تریدویل من 2007 وحتى 2013 ھو رودین نادرة، وھو طالب سوري-روسي یعیش في موسكو وعمل لدى مدلل من عام 2007 إلى عام 2009 .نادرة ھو ابن شقیق أحد أصدقاء مدلل خوري في الجامعة وشریك مع طوني خوري، ابن شقیق خوري وأحد مدیري الشبكة.
تم إدراج مالك تریدویل في الملفات المسربة باسم فاضل ربُّز، وھو طاھي كباب سوري-روسي یلعب كرة القدم مع طوني خوري وابن شقیق آخر لخوري یعمل أیضا في مركز موسكو للأعمال. یعیش كل من رودین نادرة وفاضل ُربُّز حیاة متواضعة لا تتفق مع المبالغ الكبیرة المتدفقة عبر تریدویل. وفقا لتقریر صادر عن شركة كرول، وھي شركة للتحقیقات المؤسسیة بتكلیف من مصرف قبرص المركزي، فإن تریدویل سددت 52 ملیون دولار على شكل مدفوعات صادرة.
وعندما اتصلت به غلوبال ویتنس، قال ُربُّز إنه لم یسمع قط بالشركة مضيفاً : “بالكاد لدي حذاء في قدمي، ناھیك عن شركات”.
،وعندما أغلق حساب شركة تریدویل لدى بنك FBME ، أرسلت الأموال المتبقیة إلى شركة أخرى مجھولة الھویة مسجلة في سیشیل، تسمى أرماس للتسویق Armas Marketing وھذه المرة مملوكة ظاهرياً لرودین نادرة. ارماس، مثل تریدویل، تدفقت ملایین الدولارات عبر حسابھا المصرفي لدى FBME .
قال رودین نادرة عندما اتصلت به غلوبال ویتنس إنه عمل لدى مدلل خوري بدوام جزئي من عام 2007 حتى عام 2009 في مشروع لتعلیم اللغة الروسیة عبر الإنترنت، وأنھ لم یعمل لدیھ بأي صفة أخرى، ولم یكن لدیه أي تواصل آخر معه بعد عام 2009 .وذكر أنه لم
یكن لدیه أي معلومات عن تریدویل وأرماس للتسویق أو أنشطتھم .
لم یرد فاضل ُربُّز ولا طوني خوري عندما اتصلت بھم غلوبال ویتنس للحصول على مزید من التعلیقات، على الرغم من الأدلة على أنھم قرأوا رسائلنا. من الممكن أن تكون اسماء رودین نادرة وفاضل ُربُّز قد استخدمت دون علمھما أو موافقتھما.
ولیس ھناك ما یشیر إلى أن فاضل ُربُّز، ورودین نادرة، وطوني خوري أو غیرھم من أفراد عائلة خوري على علم أو شاركوا في أي من أنشطة تریدویل. ولم تفرض الولایات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي عقوبات على فاضل ُربُّز أو رودین نادرة أو أي من ھؤلاء الأفراد.
شراء الإمدادات لحرب الأسد؟
فرضت الولایات المتحدة عقوبات على شركتي شبكة خوري الأخریین، بیروسیتي للمشاریع وفرومینیتي للاستثمارات، بسبب عملھم كوكلاء شراء غیر مشروع لمركز البحوث العلمیة السوري ومصرف سوریة المركزي من عام 2012 حتى تشرین الأول/أكتوبر 2014 على الأقل.
وكانت الشركتان المسجلتان في قبرص مملوكتین ومدارتین من قبل عیسى الزیدي، البالغ من العمر آنذاك 75عاما وھو عضو في شبكة خوري.
ونیابة عن شبكة خوري، یبدو أن الزیدي، المالك القانوني للكیانین اللذین تم فرض عقوبات علیھما، قد عمل كواجھة للعدید من الشركات الأخرى في شبكة خوري. وتظھر ملفات FBME المسربة لشركة أخرى من شبكة خوري ویدیرھا الزیدي،ھي فنتشرز بالیك Balec Ventures ،أنھا تصرفت بما مجموعھ 500 ملیون دولار بین عامي 2006 و2014 .تحمل بعض معاملات شركة بالیك السمات الممیزة لغسل الأموال.
وعلى النقیض من المبالغ المالیة التي أشار إلیھا إخطار العقوبات، ومعاملات بالیك، یعیش الزیدي في شقة متواضعة مساحتھا 73 متراً مربعاً ویملك سكودا أوكتافیا 2010 و نیسان ألمیرا 2013 ،وقد عمل باستقلالیة في مجال الترجمة في عام 2017 .وعلاوة على ذلك، تظھر الصور التي نشرھا موظفو شبكة خوري الآخرین على الإنترنت أن الزیدي یعمل حالیا في مركز خوري التجاري في موسكو بروغریس بلازا، إلى جانب أعضاء آخرین في شبكة خوري، واحتفل العام الماضي بعید میلاده الثمانین مع خوري وبقیة الشبكة.
واعترف الزیدي، الذي یقول إنه نظر في كل شيء كان یوقع علیه، لمنظمة غلوبال ویتنس بأن شركتھ ساعدت في تمویل البنك المركزي السوري، لكنه أنكر قیامه بعملیات شراء لحساب مركز البحوث العملیة. وقال إن شركاته عملت كوسیط لغرض طباعة الأوراق النقدیة السوریة في موسكو. وعندما اتصلنا مرة أخرى بعد ذلك ب عیسى الزیدي للتعلیق على النتائج التفصیلیة التي توصلنا إلیھا، لم یجب على ذلك، على الرغم من الأدلة التي تثبت أنه قرأ طلب التعلیق.
وتظھر الوثائق التي كشفت عنھا في عام 2012 منظمة برو بابلیكا، وھي منظمة صحفیة استقصائیة غیر ربحیة، أن أطنانا من الأوراق النقدیة السوریة نقلت جواً الى سوریة من موسكو في ذلك العام.
ویبدو أن ھذه الأوراق النقدیة ھي نفسھا التي ساعدت شبكة خوري في شرائھا.
“المال فقط.” رسمیا مع غوزناك (مركز صك العملة الروسي) ومصرف روسیا (المركزي). كل شيء كان رسمیا”، قال الزیدي لمجلة غلوبال ویتنس واصفا الغرض من شركاته القبرصیة. “ھذا لیس [بزنس] بین أفراد عادیین، ھذا بین الدول فقط.”
وفي تأكید جزء من مذكرة العقوبات الأمریكیة، أوضح الزیدي دور شبكة خوري كوسطاء بین الدولتین الروسیة والسوریة ودعمھما للمجھود الحربي السوري.
وكان ھذا مجرد جزء واحد من نمط أوسع. وتتھم الولایات المتحدة مدلل خوري بالارتباط بمعاملات مالیة كانت للحكومة السوریة مصلحة فیھا في وقت مبكر یصل لعام 1994 .خلال الحرب، اتھمت الولایات المتحدة أعضاء وشركات أخرى في شبكة خوري بمساعدة النظام على شراء النفط الذي ھو بأمس الحاجة إلیھ، بما في ذلك تقدیم مساعدة لشبكة منفصلة لخرق العقوبات تتھمھا الولایات المتحدة بشراء وقود الطائرات.
سموم ومتفجرات
توجد أدلة أخرى توثق علاقة خوري بأفراد متھمین بالتورط في صفقات أسلحة. یبدو أن خوري كان على صلة ما بلیونید رینك، الكیمیائي الشھیر في الاتحاد السوفیتي الذي ساعد في إنشاء غاز الأعصاب نوفیشوك، وتم استخدامه لاحقاً في تسمیم سیرجي ویولیا سكریبال في إنجلترا في آذار/مارس 2018 .تم إدراج ثلاثة أرقام ھواتف لشركات خوري في دلیل ھاتف رینك مع وصف “بنك كونفیرس” – اسم البنك الأرمیني الذي كانت تملكه شبكة خوري في ذلك الوقت. وقد حصلت الشرطة على نسخة رقمیة من دلیل أرقام ھاتف السید رینك عندما اتھم الكیمیائي ببیع غاز الأعصاب إلى مجموعة جریمة منظمة في عام 2002 .تم تسریب دلیل الھاتف إلى موقع الصحافة الاستقصائیة TsUR ،وھو أول من أبلغ عنه، ومن ثم حصلت علیه غلوبال ویتنس وتأكدت منه بصورة مستقلة.
رفض السید رینك الإجابة على أسئلة غلوبال ویتنس حول طبیعة علاقته مع خوري. ومع ذلك، عندما اتصل صحفي من موقع الصحافة الاستقصائیة لیسأل رینك عن علاقته بمدلل، قیل إنه صرح بالتالي: “كان خوري صدیقا لزملائي، ضباط وكالة الاستخبارات الأجنبیة، SVR ،وكان یرید تمویل مشاریع صیدلانیة”.
وقد خضع خوري نفسه لعقوبات بسبب مساعدة موظفة في مصرف سوریة المركزي تدعى بتول رضا على محاولة شراء نترات الأمونیوم، وھي مادة كیمیائیة یمكن استخدامھا لصنع المتفجرات أو الأسمدة.