تجنيد الأطفال في ظل القانون الدولي

[بقلم القاضي المستشار محمد نور حميدي]

مع بداية الثورة السورية وتحولها من ثورة سلمية تهدف لتحقيق مطالب الحرية والكرامة إلى ثورة كفاح مسلح بعد أن أقدم النظام على ارتكاب أفظع الجرائم بحق هذا الشعب مستخدماً كافة أنواع الأسلحة المحرمة دولياً وبعد الانتصارات التي حققتها الثورة السورية السياسية والعسكرية في مواجهة النظام انتشرت ظاهرة تجنيد الأطفال.

ومع تزايد اعداد الأطفال المنخرطين طوعاً أو المجندين قسراً ضمن المجموعات المسلحة في النزاعات الراهنة بالتزامن مع جهود دولية تحرم وتجرم تجنيدهم والتي تحث كافة الأطراف المتصارعة على اتخاذ التدابير اللازمة التي تكفل عدم اشراك هؤلاء في الأعمال العدائية بصورة مباشرة أو غير مباشرة وقد عمدت القوانين الدولية على توفير حماية ممكنة لكافة ضحايا الحروب سواء تعلق الأمر بنزاع دولي مسلح أو غير دولي وقد ذكرت منظمة أنقذوا الأطفال في تقرير صدر لها بتاريخ 12 يناير 2013أن عدد الأطفال الذين تم تجنيدهم ضمن النزاع المسلح القائم في سورية في تزايد مستمر فقد استخدم الأطفال كمقاتلين ومخبرين ودروع بشرية وأن حوالي مليون طفل بحاجة إلى مساعدات عاجلة مع تزايد هذا العدد أضعاف مضاعفة مع استمرار القتال لعشر سنوات حيث أن هؤلاء الأطفال يعيشون في ظروف قاسية جداً ويفتقدون إلى الرعاية الصحية وهم محرومين من التعليم نتيجة تعرض ألاف المدارس إلى التدمير وتحويلها إلى ملاجئ تحمي المدنيون وقد أكدت في تقريرها أن الأطفال في سوريا هم الضحايا المنسيون للصراع ويواجهون الموت والصدمات وحرموا من مساعدات الإغاثة الأساسية وفي نفس السياق حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (( يونيسف)) في تقريرها بمناسبة الذكرى الثانية لبدء النزاع في نشأة جيل ضائع من الأطفال في سوريا وإن ملايين الأطفال في سوريا يكبرون وهم لا يعرفون شيءً غير العنف ويتعرضون لصدمات قد تلازمهم طول حياتهم وإن هنالك أكثر من مليوني طفل سنهم أفل من ثماني عشر عاماً داخل سورية كافة إلى إغاثة مع تضاعف هذا العدد مع مرور عشر سنوات على بدء الثورة وقد نصت المادة /8/ من معاهدة أوتاوا عام /1997- 1998/ على أن تجنيد الأطفال دون سن الخامسة عشرة يعد جريمة حرب وتنص اتفاقية حقوق الطفل بشكل عام على أن الطفل هو الإنسان الذي لم يتجاوز الثامنة عشرة ويحظر التجنيد الإجباري للأشخاص الذي لم يبلغوا الثامنة عشرة من العمر في القوات المسلحة ( المادة 2) ودعوة الدول الأطراف إلى رفع الحد الأول لسن التطوع ( المادة 3) أما عن المجموعات المسلحة المتميزة من القوات المسلحة النظامية فقد حظر عليها تجنيد أو استخدام الأشخاص دون سن الثامنة عشرة من الأعمال الحربية ( المادة 4) ونجد الإشارة إلى أن البروتوكول الاختياري يطالب الدول الأطراف بأن تتعاون في تنفيذ هذا البروتوكول مما في ذلك التعاون في منع أي نشاط يناقض البروتوكول وفي إعادة تأهيل وإعادة الاندماج الاجتماعي للأشخاص اللذين يقعون ضحايا أفعال تتناقض مع هذا البروتوكول بما في ذلك التعاون التقني والمساعدة المالية وقيم الاضطلاع لهذه المساعدة ولهذا التعاون وبالتشاور مع الدول الأطراف المعنية والمنظمات الدولية ذات الصلة ( المادة 7) .

و القانون الدولي لا يميز أي فئة من الأفراد على حساب غيرها حيث كونهم أفراد لا يشاركون مباشرة في الأعمال الغذائية ويحظى الأطفال بحماية عامة تمنحهم ضمانات أساسية تحظر أعمال الإكراه والإيذاء البدني والتعذيب والعقوبات الجماعية والاقتصاص إداء الأطفال المرشحون للتجنيد هم اللذين يعيشون في مناطق النزاعات مع أسرهم أو لأنهم ينتمون لأسر فقيرة ليس بوسعها الفرار أو لأنهم انفصلوا عن أقربائهم أو لكونهم من المهمشين اللذين يعانون الحرمان من كل حماية عائلية ومن التعليم وكل شيء ممن شأنه أن يعيدهم لحياة متوازنة لذا فإن صغار المجندين لا يكاد يبصرون حياتهم خارج اطارالنزاع ويعتبرون الانخراط في مجموعة مسلحة وسيلة لكفالة بقائهم على قيد الحياة إضافة إلى الخطر الذي يلاحقهم من حيث سلوكهم حيث يتسم بالرعونة والمفتقر إلى النضج وإن الخطر لن يقتصر عليهم بل ليشمل المحيطين بهم والمجتمع الذين يعيشون به وسيظل هذا الخطر يلاحق هؤلاء الفئة العمرية لسنوات طويلة.

تعليق 1
  1. HassnAswad يقول

    أي قانون يحمي الأطفال والنساء والشيوخ وتدميركل ماهوحي في سوريا
    وقد عطلواكل مشروع قرار لمحاسبة مجرمي الحرب في سوريا وهم المحتلون لبلادنا
    فمن لايملك الإنسانية من أين له أن يشعر بآلام ومآسي الآخرين ؟!
    اللهم نسألك النصر على الطغاة والغزاة لتحقيق الأمن والسلام في
    سورياموطن المحبة والسلام

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.