في وقت تنتظر فيه إيران “ردّاً أميركيًا” على مسوّدة إحياء الاتفاق النووي، وسائل إعلامية ايرانية متعددة أشارت إلى تقديم واشنطن “تنازلات” لـ”طهران”، تتضمن قضايا عديدة، كانت ايران قد اصرت عليها لاستئناف الاتفاق النووي الذي تم ابرامه في يونيو من العام 2015.
في الوقت الذي تضاربت فيه هذه التسريبات مع ما تحدث به المندوب الروسي في فيينا، حيث أشار إلى تعقيد في مسألة إحياء الاتفاق النووي، وقال إن واشنطن تنوي حل مسائل لا علاقة لها بالاتفاق النووي، مؤكداً وجود 3 قضايا مهمة لإعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني، وقال إننا نأمل بإعادة إحياء الاتفاق النووي في الأول من سبتمبر المقبل، مما يعكس ربما وجود هواجس لدى موسكو، مما يعني تحسبها من اعادة العمل بخطة العمل المشتركة، لتوظيف ذلك خدمة للازمة الاوكرانية، وممارسة المزيد من الضغوط على الدول الغربية.
بالرجوع الى الموقف الإيراني، فإن طهران مازالت تصرّ على مسألة رفع العقوبات الاقتصادية، كشرط أساسي فيما يخص الاتفاق النووي، وضمن لائحة شروط العودة للاتفاق النووي – كما ورد من تسريبات، ستضم مبدئيا رفع العقوبات عن البنك المركزي الايراني، و17 مصرفاً إيرانياً، فضلاً عن تحرير فوري لسبعة مليارات دولار محتجزة في كوريا الجنوبية، وضمت المطالب الإيرانية، رفع العقوبات عن مؤسسة خاتم الانبياء، الذراع الاقتصادي للحرس الثوري الايراني وفيلق القدس، وتخفيف العقوبات عن نحو ما لايقل عن 150 مؤسسة إيرانية من بينها “لجنة تنفيذ أمر الإمام” (ستاد) وهي تكتل شركات مرتبط بالدولة، ومن ضمن البنود أيضاً، “السماح ببيع 120 مليون برميل نفط خلال 120 يوماً”، فضلاً عن إلغاء الأوامر التنفيذية الثلاث التي أقرها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في اليوم الأول لتنفيذ الاتفاق وفي مقدمتها القرار رقم 13876 ضد المرشد خامنئي ومستشاريه، كما شملت المطالب أيضاً حصول الشركات الأجنبية على إعفاءات من العقوبات في حال عادت الولايات المتحدة وانسحبت من الاتفاق، إضافة لمسألة تبادل السجناء بين واشنطن وطهران، وخصوصا ان طهران قد استغلت موضوع الرهائن مزدوجي الجنسية لابتزاز اميركا ودول الاتحاد الاوروبي، وكان اخرها موضوع الدبلوماسي الايراني المتهم بالارهاب اسد الله اسدي.
وفيما يتعلّق بالموقف الأميركي فإن طهران لازالت ترصد تصريحات مجلس الأمن القومي الأميركي، والتي أكد فيها على أن اتصالات واشنطن مع الفريق الأوروبي بشأن الاتفاق النووي الإيراني “سرية”، وبأن التقارير التي تُشير إلى مزيد من التنازلات من قبلنا للعودة بشأن الاتفاق النووي “خاطئة”،بينما التصريحات الايرانية تعكس خلاف ذلك تماما، ومحاولتها التركيز على التقارير بشأن تنازلات جديدة لإيران لقبول الاتفاق النووي بغرض تهيئة الراي العام الداخلي لهذا الاتفاق المزمع ابرامه، خاصة المتعلقة بتقديم ضمانات بعدم انسحاب أي إدارة مقبلة من الاتفاق النووي في حال إتمامه.
أطراف عدّة في مسألة إعادة إحياء الاتفاق النووي، وفي مقدمتها اسرائيل دخلت على الخط ؛ فرئيس الوزراء الاسرائيلي نقل رسالة للبيت الأبيض تفيد بأن مسودة الاتفاق النووي التي نقلها الاتحاد الأوروبي لإيران الأسبوع الماضي، “لا تتوافق مع الخطوط الحمراء” التي التزمت بها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وكرر لبيد خلال لقاء مع المستشار الألماني معارضة بلاده العودة إلى الاتفاق النووي، مشدداً على ضرورة “نقل رسالة حادة وواضحة من قبل أوروبا مفادها عدم تقديم المزيد من التنازلات للإيرانيين”، وسط مخاوف من تطوير إيران لبرنامجها النووي، والسماح لطهران بتسريع العمل في مجال الأسلحة النووية إذا انسحبت إدارة مستقبلية من الصفقة.
يبدو ان التوقيع على الاتفاق النووي بات قريبا، لكن يبقى الخطير ان دول المنطقة العربية هي الخاسر الاكبر من هذا الاتفاق بعد نجاح طهران في تحييد بحث البرنامج الصاروخي والفضائي وبرامج الطائرات المسيرة، ودور ايران المزعزع للامن والاستقرار.