الدكتور رياض حجاب و حاجتنا الى رجال دولة

[بقلم الدكتور محمد حاج بكري]

كثيرًا ما نتحدث عن ضرورة أن يكون لدينا “رجال دولة ، ويسأل البعض ما الفرق بين السياسي ورجل الدولة ، فأقول كالفرق بين السماء والأرض.

شاهدنا جميعًا لقاء الدكتور رياض حجاب على الجزيرة ومعظمنا كان ينتظر مافي جعبته بعد طول غياب لم يؤثر على مصداقيته وثقة وقناعة الشعب السوري بشخصه ووطنيته.

وخلال 10سنة الاخيرة اٌبتلينا بسياسيين معظمهم كان مغامرًا وقليل الخبرة ، فهو لايتورع عن الإنغماس بأي مشروع من أجل مكاسب آنية أو لتحقيق أهداف قصيرة الأمد في حين أننا كنا ولانزال بحاجة الى رجال دولة لهم القدرة على استخدام العقل ، وتجاوز حماقات القوة أي الوعي بالمستقبل..رجل الدولة فضلًا عن أنه يتمتع بكاريزما الرجل القيادي يتميز بنظرته الشاملة الى الأمور فهو الذي قد درس الدولة وأمتحنها في عقله وفكره فصار يرى الغابة كلها بينما السياسي الذي لايفقهها ، ولايعرف قيمتها لايشاهد سوى الشجرة . ومن هنا فرجل الدولة ذو رسالة وهدف سام ، وهو الحريص باستمرار على تجنيب شعبه أية مشاكل وهو رجل نظيف اليد ، و اللسان يأتي إلى المنصب ليخدم شعبه ليس إلا ويخرج وهو لايملك.

لذلك فرجل الدولة ينظر إلى الأمور بموضوعية ، وبصدق وهو على عكس السياسي الذي يمارس السياسة ، كما يمارس أية لعبة تحتمل الربح ، وتحتمل الخسارة وكثيرًا ما يقدم على خطوات غير متزنة ، وقد يوقع شعبه في التهلكة فهو مغامر وينتظر تحقيق المكاسب ولو كانت لاتساوي شيئا .رجل الدولة يمتلك صفات القيادة وقد نذر نفسه لأهداف كبيرة أبرزها الارتفاع بمستويات مواطنيه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

رجل الدولة لايمكن ان يكون رجعيًا ، بل له نظرة متقدمة متنورة الى الحياة .رجل الدولة يسعى من أجل أن تكون لبلده مكانة كبيرة ،وهو يعمل ليل نهار من أجل تحقيق ذلك . وقد أخلى التاريخ لرجال الدولة صفحات وصفحات . يتحلى رجل الدولة فوق ماذكرنا بالصدق والجرأة في إتخاذ القرار المناسب ، في الوقت المناسب ، والمكان المناسب.

ويقينًا إن عقلية رجل الدولة استراتيجية ، بينما عقلية السياسي تكتيكية . إنه يعيش هموم شعبه يتألم لألمهم ، ويفرح لفرحهم ، وعندما يتطلب منه الموقف أن يبتعد عن مركز القيادة فإنه يترفع عن أن يبقى على الكرسي ولايخجل من أن يتحول إلى جندي بسيط يعمل بأمرة من يخلفه ، ولايخشى من أن يقول للناس إنه مستعد لتحمل المسؤولية لاأنه يؤمن بأن القائد لابد أن يتحمل طعنات الناس كما يفرح لتصفيقهم وتهليلهم له

إننا اليوم بأمس الحاجة الى رجال دولة ينذرون أنفسهم للخدمة العامة ولسان حالهم يقول إن أجري إلا على الله .التاريخ اليوم يميز بين السياسيين ورجال الدولة …. السياسيين الذين محتهم الذاكرة .. ورجال الدولة الذين لايزالون يعيشون في ذاكرة الناس .رجل الدولة يتمتع بشخصية قيادية لها تأثيرها الفاعل على الناس ودائما تكون بين رجل الدولة علاقة قائمة على الاحترام والتقدير ورجل الدولة هو من لايفتعل الازمات ويضرب خصومه بعضهم بالبعض الآخر .

رجل الدولة لايتنصل من قراراته بل يتحمل مسؤليتها .رجل الدولة لايسلك طرقًا معوجة من أجل ان يتشبث بالكرسي بل طريقه واضح بين . رجل الدولة لايحكم بدون منهج ينتظم مسيرته بل له منهج وأهداف وطنية وقومية وانسانية يلتزم بها ويسير بهديها .رجل الدولة لايتاجر بالكلمات ، ويتلاعب بالألفاظ بل هو صادق فيما يقول ويعمل يضع الحقائق أمام شعبه ويصارحهم بما يريد.

رجل الدولة يأتي من بين من أكتووا بنار الظلم والاستبداد أحس بالظلم فثار عليه وواجه الاستبداد فقاومه ..وأخيرًا رجل الدولة لايحيط نفسه بالانتهازيين وطلاب الجاه بل بالعقلاء والخبراء الحقيقيين يسمع منهم ويحاورهم .رجل الدولة قد قرأ تاريخ شعبه وعرف مشاكله واحتياجاته وهو الحريص على أن لايفرق بين ابناء شعبه ..إنه متحرر من العقد والضغائن وهو يحرص على أن يكون على مسافة واحدة من كل مكونات شعبه يتحدث امامهم وخلفهم بذات الكلام.

ما أحوجنا اليوم إلى رجال دولة يعيشون مع شعبهم وأهليهم ..شعب سوريا الأبي هذا الشعب الذي عاش بمفهوم الرحمة وبلد العلم وبلد الكبرياء . وواهم ذلك السياسي الذي يتصور أن ألاعيبه تنطلي على أبناء سوريا وأية جردة بسيطة لتاريخ ووقائع بلدنا تكشف بالدليل الساطع والوثيقة الدامغة كم تساقطت قيادات سياسية وتهاوت تحت ضربات الحقيقة ، حقيقة سوريا وعظمة تاريخها وحاضرها ومستقبلها بحول الله.

إقرأ أيضاً: بشار الأسد ومواصفات قياسية للرئاسة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.