في وقت ردت فيه طهران اخيرا على “المقترحات الامريكية ‘بخصوص مسوّدة إحياء الاتفاق النووي، عرضت طهران اليوم مايعرف بتقديم واشنطن “تنازلات” لـ”طهران” في وقت سابق، تتضمن قضايا عديدة، كانت ايران قد اصرت عليها لاستئناف الاتفاق النووي الذي تم ابرامه في يونيو من العام 2015.
في الوقت الذي تضاربت فيه هذه التسريبات مع ما تحدث به المندوب الروسي في فيينا، فإن طهران مازالت تصرّ على مسألة رفع العقوبات الاقتصادية، كشرط أساسي فيما يخص الاتفاق النووي، وضمن لائحة شروط العودة للاتفاق النووي – كما ورد من تسريبات، ستضم مبدئيا رفع العقوبات عن البنك المركزي الايراني، و17 مصرفاً إيرانياً، فضلاً عن تحرير فوري لسبعة مليارات دولار محتجزة في كوريا الجنوبية، وضمت المطالب الإيرانية، رفع العقوبات عن مؤسسة خاتم الانبياء، الذراع الاقتصادي للحرس الثوري الايراني وفيلق القدس، وتخفيف العقوبات عن نحو ما لايقل عن 150 مؤسسة إيرانية من بينها “لجنة تنفيذ أمر الإمام” (ستاد) وهي تكتل شركات مرتبط بالدولة، ومن ضمن البنود أيضاً، “السماح ببيع 120 مليون برميل نفط خلال 120 يوماً”، فضلاً عن إلغاء الأوامر التنفيذية الثلاث التي أقرها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في اليوم الأول لتنفيذ الاتفاق وفي مقدمتها القرار رقم 13876 ضد المرشد خامنئي ومستشاريه، كما شملت المطالب أيضاً حصول الشركات الأجنبية على إعفاءات من العقوبات في حال عادت الولايات المتحدة وانسحبت من الاتفاق، إضافة لمسألة تبادل السجناء بين واشنطن وطهران، وخصوصا ان طهران قد استغلت موضوع الرهائن مزدوجي الجنسية لابتزاز اميركا ودول الاتحاد الاوروبي.
وفيما يتعلّق بالموقف الأميركي فان طهران لازالت ترصد تصريحات مجلس الأمن القومي الأميركي، والتي أكد فيها على أن اتصالات واشنطن مع الفريق الأوروبي بشأن الاتفاق النووي الإيراني “سرية”، وبأن التقارير التي تُشير إلى مزيد من التنازلات من قبلنا للعودة بشأن الاتفاق النووي “خاطئة”،بينما التصريحات الايرانية تعكس خلاف ذلك تماما، ومحاولتها التركيز على التقارير بشأن تنازلات جديدة لإيران لقبول الاتفاق النووي بغرض تهيئة الراي العام الداخلي لهذا الاتفاق المزمع ابرامه، خاصة المتعلقة بتقديم ضمانات بعدم انسحاب أي إدارة مقبلة من الاتفاق النووي في حال إتمامه.
المؤكد ان هناك أطراف عدّة ما زالت متخوفة من إعادة إحياء الاتفاق النووي، ؛ فرئيس الوزراء الاسرائيلي نقل رسالة للبيت الأبيض تفيد بأن مسودة الاتفاق النووي التي نقلها الاتحاد الأوروبي لإيران الأسبوع الماضي، “لا تتوافق مع الخطوط الحمراء” التي التزمت بها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وكرر لبيد خلال لقاء مع المستشار الألماني معارضة بلاده العودة إلى الاتفاق النووي، مشدداً على ضرورة “نقل رسالة حادة وواضحة من قبل أوروبا مفادها عدم تقديم المزيد من التنازلات للإيرانيين”، وسط مخاوف من تطوير إيران لبرنامجها النووي، والسماح لطهران بتسريع العمل في مجال الأسلحة النووية إذا انسحبت إدارة مستقبلية من الصفقة.
المرجح ان مسالة التوقيع على الاتفاق النووي باتت قريبة، لكن يبقى الخطير ان دول المنطقة العربية هي الخاسر الاكبر من هذا الاتفاق بعد نجاح طهران في تحييد بحث البرنامج الصاروخي والفضائي وبرامج الطائرات المسيرة، ودور ايران عبر محاولة زعزعة الامن والاستقرار وتداعيات ذلك اقليميا، اضافة لسعيها لتهديد امن الاردن الذي يتعرض كما صرح الملك عبدالله الثاني لحرب حقيقية على حدوده الشمالية، عبر استمرار محاولات تهريب المخدرات، اضافة الى السلاح واكثر من 3000 الاف نوع من الذخائر بمختلف انواعها عبر الانفاق السرية،والطائرات المسيرة،اضافة الى سعي طهران لبناء اكبر قاعدة عسكرية واستخبارية ايرانية في جنوب سوريا، حيث تم اطلاق قاعدة “مالك الاشتر” عليها، وغرضها استهداف الامن الاردني خصوصا والخليجي عموما. ومن هنا لابد من دعم الاردن عربيا ودوليا لمواجهة هذا الخطر المحدق عبر استمرار توظيف ايران لمدخل الازمة السورية كساحة لتصفية الحسابات مع الخصوم والمنافسين.كذلك لابد من الربط بين امتلاك ايران للسلاح النووي، ومن هو العدو الحقيقي لايران عبر خطورة ترسيخ العداء للعالم العربي سياسيا ومذهبيا وفكريا، خاصة ان ايران تسعى لقدرات نووية عسكرية لاهداف ودوافع مذهبية واستراتيجية، وتاطير ذلك، عبر محاولة بسط مجالها الحيوي مستغلة التعبئة ضد العدو الفعلي ممثلا بالعرب، اللذين تكن لهم ايران الكراهية والتحريض وتغذي ذلك سياسيا وفكريا ومذهبيا وفكريا، ليكون هدف عسكرة البرنامج النووي الايراني هم العرب فعليا وليس غيرهم.
سوريا الأمل