أتحفَ الأسد القادة العرب المتحلّقون حوله لسماع كلمته التاريخية …بعد أن خاب أمله بخطف الأضواء وعدسات الكاميرات صوبه كنجم بلا منازع …نيرون العرب بين أقرانه من النيارين الصغيرة …أتى بطل من قلب معارك الشرف والحرية..بطل يقود شعبه وجيشه للإنتصار على قوى البغي العالمية ..إنه فلاديمير زيلنسكي الذي يُمرّغ أنف فلاديمير بوتين بالتراب الأوكراني
تفلسف نيرون العرب وحاضر وإستفاض وأسمع الحاضرين أحدث إبداعاته ..وآخر ما تفتّحت عبقريته من نظربات سياسية وفكرية…
شرح لهم على أصوات علكة مستشارته الإعلامية لونا الشبل (والتي كانت تتقصّد مضع العلكة والكاميرا مسلطة عليها إظهاراً للإستخفاف بالحدث والحضور)..شرح لهم كيف يتم التوافق بين الأحضان الفارسية حيث يجلس نيرون العرب وبين الإنتماءات العروبية ..وكيف يتناغم أو يتكامل سيطرة فارسية مطلقة على عروبية إنتماء وهوية وثقافة…وبالتالي شرعنة العمالة العربية للفرس
وبالطبع يدرك نيرون العرب أن الصفقة التي عُقدت خلف سور الصين العظيم بين مملكة الحجاز ونجد وبين كسرى الفرس الحديث تتضمن تفصيلاً صغيراً وهو عودة الأسد السوري الضال إلى حظيرته العربية مقابل وقف الهجمات والإعتداءات التي تطال بلاد الحرمين من اليمن الحزين والذي تُسيطر عليه ملالي الفرس وتستعمله كخنجر مسموم في خاصرة بلاد العرب
ولاضير من أن يَكفّ زعيم الحشاشين في بلاد الشام من تصدير أقراص الهلوسة والسعادة لشباب العرب أو على الاقل تقليل تلك الشحنات…
وتشاء الأخطاء التاريخية إلا أن تتكرر بين الحجاز وبلاد الشام….فبدل أن تسير القوافل العربية من بطاح مكة لبلاد الشام في رحلتي الصيف والشتاء…يستمر زعيم الحشاشين في العصر الحديث في إرسال قوافله في الفصول الأربعة ودون توقف إلى بلاد الحجاز مُحمّلة بحبوب الهلوسة وتدمير الإنسان مع شتى أنواع السلاح والذي لم يُخفِ أكاسرة الفرس أنّ أحد الأهداف الرئيسية لمشروعهم هو السيطرة على بلاد العرب وتدنيس الحرمين الشريفين وكأن قتل ابا لؤلؤة لسيد الخلفاء العرب لم تكن إلاّ بداية الإنتقام التاريخي من معركة ذي قار إلى تحطيم إيوان كسرى وإبدال ناره المقدّسة بعبادة الواحد الديّان
وإمعاناً من نيرون العرب ومن قلب جامعتهم أراد أن يُحلّل الإرتماء تحت الأقدام الفارسية وفي ظِلّ العمائم السواد الحاقدة ويقول هؤلاء هم أسيادكم وماعليكم إلا أن تُقدّموا فروض الطاعة و تكونوا سيوفهم يضربون بكم أبناء جلدتكم وأعداءهم ..وتكونون رعايا ومطايا و عبيداً لهم…وإنّ الخطر الحقيقي عليكم ليس أطماع جيرانكم الفرس والتي تَمنّى سيد خلفائكم أن يكون بينكم وبينهم جبل من نار…بل إن العدو الحقيقي لكم خطر آل عثمان الحاليين وعلبكم أن تنسووا (أو تتناسووا) تاريخ ألف عام حفظ فيه الترك دينكم وبلادكم وكانوا لمئات الأعوام قوم يحمون الحرمين الشريفين ويزودون عن حياضه.
يقول الأسد عليكم أيها العرب المنهزمون أن تقوموا بثورة عربية كبرى ثانية بعد ثورة الحسبن بن علي الأولى وتقتتلوا مع العثمانية الجديدة (الإخوانية النكهة) الطامعة فيكم وتُسلّموا زمام أمركم لمملكة كسرى الفارسية المُطعّمة بحقد مذهبي كربلائي مازال يلطم من الف وأربعمائة عام ويُدمي أجساده بالجنازير والسكاكين وقد حان الوقت لإدماء أجساد معسكر يزيد وضربهم بالجنازير وحزّ رقابهم بالسكاكين
يبدو أنّ بلاط كسرى والذي يحكمه رجل متهالك مريض..يُنسّق بين أجنحة القصر المتصارعة والذي رجّح وجهة النظر التي تقتضي إجراء عقد هدنة (ضرورية ومؤقتة)مع المملكة العربية السعودية فأرسل شمخاني أحوازي (أحد أهمّ العرب المتفرّسين) وإنحاز كسرى للجناح القائل بإبرام الهدنة في بكين..والتي كانت نتائجها باهتة..فلافتح تٍمّ للسفارت بين طهران والرياض ولا سفراء بين القوم….ولم يحصل أي إختراق في ملفّ اليمن الحزين ..ويبدو أنّ تَسرّع المملكة بالدفع المقدم(وإنطلاء تقية فارسية عليها) بخطوة إرجاع نيرون العرب للحظيرة الرسمية العربية ستتمّ بلا مقابل ..فلا حبوب السعادة تَوقّفت ولا الخطاب الطائفي الهجومي من الأذرع توقّف على وهابية الجزيرة العربية وسلفيتها الداعشية…ولا إستعداد من نيرون العرب لتنفيذ أي من رجاءات العرب التي تحفظ ماء وجوههم…لن يعود لاجئ واحد قبل دفع الاموال العربية المحبوسة بقرارات عقابية من العم سام والقارة العجوز…ولن يخرج سجين واحد من خلف القضبان..ولن يتنازل مختار دمشق عن جزء من صلاحياته والتي منصوص عنها بقرار أممي ..ولاعملبة سياسية ولو على منوال حلقة درامية من مسلسل شامي …
وبالعودة لشمخاني المطرود من منصبه وبرمزية تغيير السياسات بتغيير رموزها…فقد يكون إعلان فشل الهدنة قبل مضي الشهرين على بدئها ..عنواناً للمرحلة المقبلة في المنطقة…
لم يكن الاسد سعيدا في جدة وكان مأزوما مرتبكاً مهما حاول من ضبط لغة جسده وحركات عيونه ..مقفول على خزائن المال العربي بمفتاح أمريكي ..ولن تغن او تسمن من جوع قمم وإجتماعات فعلى وقعها ووقع الإنتصارات الزائفة تتدحرج الليرة السورية لأدنى مستوياتها التاريخية …
التصعيد عنوان المرحلة المقبلة…والحل السوري مؤجل لإعادة توازن القوى لما قبل 30 أيلول 2015..بعد هزيمة روسية في أوكرانيا باتت ليست ببعيدة…ولاتعويم للجزار ستسقطه جرائمه قبل تقلبات السياسات الدولية وعندها يفرح السوريون بنصر طال إنتظاره.
المقال السابق
المقال التالي
تعليق 1
اترك رد
إلغاء الرد
كعادته بحضوره الغريب ، ذهب بمحاضرته المكتوبة وغير المفهومة تعابيرها حتى على قارئها ، ليلقيها على طلاب في مدرسة المشاركين الذين جاؤوا للحضور وليس للتعلّم .
البداية مثل النهاية ، والنهاية تتبع النهاية في نظرية الغوص والهبوط حتى الحضيض .
قمة الغطرسة…بداية السقوط .