حين يجتمع القادة العرب في مؤتمر قمة، من المفروض أن يكون هذا حدثا كبيرا جدا يحظى بأكبر قدر من المتابعة والاهتمام عربيا وعالميا.
غدا تستضيف الجزائر القمة العربية. الأمر الملفت أن القمة لا تحظى باهتمام كبير لا عالميا ولا عربيا.
بعض التقارير التي نشرت في الغرب حول القمة، منها على سبيل المثال تقرير مطول نشره معهد واشنطن الأمريكي للأبحاث كتبه اثنان من الباحثين، وهو يتلخص في جملة واحدة، أن القمة لن تنجح في حل أي خلافات عربية، ولن تصدر عنها أي قرارات ذات قيمة كبيرة.
والمعنى هنا انهم في الخارج لا يكترثون بالقمة وما يصدر عنها ولا يعملون لها حسابا.
بعيدا عن الاهتمام العالمي، المهم هو الاهتمام العربي. أي متابع سوف يلاحظ ببساطة أنه طوال الفترة الماضية منذ إعلان عقد القمة، فإن الاهتمام بها هامشي جدا سواء على مستوى الساسة أو المحللين والكتاب أو المواطن العربي.
نعرف جميعا أسباب هذا التجاهل وعدم الاكتراث بالقمة العربية وهي أسباب نابعة من الخبرة المريرة مع القمم العربية عموما، لكن من المهم التذكير بها، وهي تتلخص في التالي.
1 – إننا تعودنا أن تتخذ القمم العربية قرارات وتتبنى مواقف هي بشكل عام دون مستوى التحديات التي يواجهها الوطن العربي والأخطار التي تهدد الدول العربية ولا تكفل التعامل معها بجدية وفاعلية على الاطلاق.
2 – انه حتى حين تتخذ القمم العربية قرارات في مختلف المجالات، وهي عادة تتخذ كثيرا من القرارات، فقد أصبح من المتعارف عليه أن هذه القرارات لا يتم تنفيذها، ويبقى الحال العربي على ما هو عليه بعد القمة كما كان قبلها.
3 – ان الوضع العربي العام كما نعيشه طوال السنوات الماضية لا يشير أبدا إلى أي فعالية من أي نوع للعمل العربي المشترك عبر جامعة الدول العربية أو غيرها.
دول عربية تضيع وغارقة في الفوضى والصراع الداخلي والدمار دون أي تدخل عربي.. الأخطار الخارجية التي تهدد الأمن القومي العربي تتفاقم دون مواجهة عربية جماعية جادة.. الخلافات والصراعات كثيرة وباقية دون حل او احتواء.. وهكذا.
على ضوء هذا من الطبيعي ألا نشهد أي اهتمام أو حماس لعقد قمة عربية أو توقع بأن تفعل أي شيء جاد ومفيد.
قمة الجزائر تعقد تحت شعار «لمّ الشمل». هذا شعار نبيل يمثل أملا لكل مواطن عربي. من منا لا يحلم بإنهاء الصراعات والخلافات بين الدول العربية ولم شملها وتوحيد صفوفها؟
لكن مرة اخرى للأسف الشديد من متابعة ما آلت اليه الخلافات والصراعات بين الدول العربية، والمواقف والتطورات المختلفة بهذا الخصوص، يصعب جدا أن نتوقع نجاح القمة فعلا في إنهاء هذه الخلافات والصراعات ولمّ الشمل العربي
نريد أن نقول باختصار شديد، وهذا أمر محزن جدا، إنه ليس لنا أن نتوقع الكثير من قمة الجزائر، وليس لنا أن نعلق آمالا على تغيير جذري في الوضع العربي الراهن وعلى صعيد العمل الجماعي العربي المشترك.
ومع هذا، فإننا يجب أن ندعم أي لقاء يجمع القادة العرب على أي مستوى. يجب أن ندعم أي مواقف أو قرارات جماعية يتفق عليها القادة العرب.. يجب أن ندعم أي جهد لتقوية جامعة الدول العربية.
يجب أن نفعل هذا، ويجب ألا نفقد الأمل أبدا في أن يأتي يوم تدرك فيه الدول العربية أن المصير العربي واحد، وأنه لا خلاص لنا إلا معا، وأننا نمتلك القدرات والإمكانيات التي تمكننا من مواجهة كل الأخطار والتحديات وحماية دولنا وشعوبنا شرط أن نمتلك الإرادة وأن تتكامل قدراتنا وجهودنا وتتوحد رؤانا.