رفعت الأسد والعودة إلى سورية

[بقلم الدكتور محمد حاج بكري]

عاد القائد السابق لسرايا الدفاع رفعت الأسد بعد ان غادر سوريا ولمدة 36 عاما

حمل الكثير من الألقاب العسكرية والمدنية والعلمية وكان نائبا لرئيس الجمهورية في عهد أخيه حافظ الأسد

بشار الأسد وكما نشرت صحف النظام انه ترفع عما فعله عمه سابقا وسمح له بالعودة الأمنة وذلك منعا من سجنه في فرنسا بتهم الفساد وتبييض الأموال التي ستفتح بابا أوسع لجرائم كثيرة منها مجازر حماة وتدمر وغيرها الكثير من الاغتيالات التي ستشكل في مجملها ادانات ستلاحق تاريخ هذه العائلة الفاسدة بالإضافة الى المنعكسات السلبية التي ستضر بأل الأسد داخليا وخارجيا بسجن أحد افرادها

مهد رفعت الأسد طريق العودة بعد ظهوره في السفارة السورية في فرنسا ليدلي بصوته في الانتخابات الصورية الأخيرة وبعد اعلان النتائج أرسل برقية تهنئة لبشار الأسد

أعلن نظام الأسد ان عودة رفعت ستكون بضوابط مقيدة بشكل صارم ولن يسمح له بدور اجتماعي او سياسي

غيب رفعت عن اعلام النظام سابقا ولم يذكر حتى ضمن الخطاب الدبلوماسي كونه مسؤول عن جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الانسان وعرف باسم جزار حماة بالإضافة الى انتقاده لبشار الأسد في العديد من المناسبات واليوم عاد ضمن خطاب موالي للنظام وعلى صحفه الرسمية بصفته جزء من العائلة

قبول الأسد بعودة عمه تأتي ضمن ظروف صعبة يعيشها النظام حتى ضمن الدائرة العائلية الضيقة وهناك مخاوف حقيقية من تغيرات جذرية للنظام وحاشيته المقربة منه ويعول الأسد على وحدة الدائرة الضيقة باعتبارها سندا هاما لبقاء السلطة وخاصة بعد الخلافات الكبيرة بينه وبين رامي مخلوف وايمن جابر والتي أدت الى انقسامات عامودية في الطائفة مما يهدد مستقبلها ووجودها

هناك خوف حقيقي في أوساط الموالين وخاصة الطائفة العلوية من سقوط النظام وردات الفعل المحتملة واصوات كثيرة بدأت تطالب بحماية دولية وخاصة بعد ان قتل بشار الأسد ثلثي شبابهم حسب التقديرات حفاظا على كرسيه وأصبح مطلب أي شاب هو الهجرة خارج الوطن بسبب حالة الفقر المدقع وسوء المعيشة والغلاء الفاحش والبطالة فالنظام لا يرى في نظام الطائفة الى وقود الحرب ولقناعتهم ان الأسد أصبح مرتهنا لروسيا وإيران وأن أيام سلطتهم قد دخلت في مرحلة العد العكسي

انتجت الحرب مراكز قوى عسكرية وامنية واقتصادية وصلت الى حد تحول هذه القوى الى فواعل مؤثرة تستمد شرعيتها من واقع سيطرتها وقوتها على تأمين متطلبات وخدمات للبيئة الموجودة فيها مقابل تهميش سلطة الأسد ومركزيته والذي تراجعت شعبيته وفعاليته على صعيد حفظ الامن والحماية للسكان او تأمين متطلبات حياتهم وهي أمور تولت التشكيلات الأمنية والقوى الاقتصادية الجديدة تأمينها بفعالية أكبر شرط الولاء لها وتكريس سلطتها

هناك اسئلة كثيرة تطرح من خلال عودة رفعت الأسد

أرسل رفعت الأسد في لقاءات متعددة وبعد الثورة السورية المباركة رسائل كثيرة هو وأولاده انه الوريث الشرعي لحافظ الأسد

عام 2019تقرب رفعت الأسد من حزب العمال الكردستاني وعن طريق جمعية الفرسان من خلال توزيع مساعدات طبية واغاثية وكان له اتصالات مكثفة مع الهام احمد رئيس الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطي أحد الافرع الإرهابية لحزب العمال الكردستاني

وعد رفعت الأسد حزب العمال الكردستاني بأنه إذا وصل للحكم سيكون أول قرار يصدره هو إقرار الفيدرالية التي يطالبون بها  وطموحه بذلك أن يكون الحزب بوابة ومفتاح العلاقة مع الولايات المتحدة الاميريكية

اعتبر ريبال الأسد ابن رفعت بمنشور على صفحته ان عودة والده الى سوريا هي السبيل الوحيد للخروج من المستنقع ولبناء مستقبل مزدهر ومشرق

رفعت الأسد له علاقات وثيقة مع طيف واسع من الموالاة وأهمهم المرشدية والحيدرية وغيرهم فهل يستطيع توحيد الصف

هل هناك توافقات وضمانات لنقل السلطة الى أحد افراد عائلة الأسد بدلا من بشار لتطمين الأكراد الإنفصالين وتطمين الطائفة العلوية بعدم قيام حرب أهلية

هل استلام أحد افراد العائلة يوفر الضمانات اللازمة لبشار الأسد وسلامته

هل يراهن رفعت على المعنويات الهابطة للطائفة وعدم ثقتهم ببشار بعد عشر سنوات من الحرب وأنه لن يستطيع إيجاد حل للأزمة

يوصف بشار الأسد بالضعيف والمرتهن فلم يتمكن من السيطرة على البلاد رغم الدعم الروسي والإيراني ورغم رهن مقدرات البلد لكليهما بالكامل وبأنه عاجز عن حل النزاعات الداخلية بين الأطراف المقربة منه ولم يعد له وزنا يذكر ومقدرة على توزيع الأدوار

ضعف شعبية بشار الأسد في الساحل السوري وهي المعقل الرئيسي إذا قورنت بشعبية رامي مخلوف وعائلته وخاصة وهم يسعون عن طريق استثمارات مالية كبيرة لكسب ود الرئيس بوتن في روسيا

هل سوريا مقبلة على مرحلة ستظهر ملامحها قد يكون تغيير بشار الأسد أحد مرتكزاتها

خيار موسكو بالتمسك ببشار الأسد بات اليوم محفوفا بخطر انهيار مفاجئ داخل النظام وذلك من خلال تفاقم الازمة الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية وتفشي ظاهرة المخدرات وتصاعد  دعوات الاحتجاج في الساحل السوري والذي يشكل الكتلة الوازنة التي تدعم استقرار النظام فهل يكون رفعت الأسد وسيلة اضعاف لمركزية القرار في دائرة بشار الأسد الضيقة مما يجعله اكثر مرونة مع متطلبات المرحلة

د. محمد حاج بكري

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.