رؤية حول المسار السياسي للقضية السورية

قرارات جنيف-1 و2012 وقرار مجلس الأمن 2118 لعام 2013 وقرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015 كلها جاءت في ظروف مازالت فيه المعارضة المسلحة قوية ومؤثرة وكان النظام في تراجع.

وحتى القرارات الدولية كانت ملتبسة في بعض بنودها وتركت للتفسير من قبل روسيا والدول الغربية والسوريين بطرق مختلفة. وخاصة موضوع هيئة الحكم الانتقاليةالتي كانت كاملة الصلاحيات التنفيذية في 2012 واصبحت عام 2015 هيئة حكم غيرطائفية ومن هذا القبيل.

يجب ان ننظر بواقعية: هل الأمم المتحدة مستقلة وحرة بقراراتها أم أنها تابعة للدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة ومعها الدول الغربية والتي تتنافس شكليا مع روسيا والصين في الملف السوري حصرا. وعلى ضوء ذلك نقول أن قرارات الامم المتحدة بما فيها الاعتراف بالائتلاف الوطني ممثلا للشعب السوري كلها غير ملزمة وحبر على ورق لا يلتزم بها النظام ولا حلفائه مثل القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية واسرائيل منذ أكثر من 50 عاما.

اللجنة الدستورية (لجنة الاصلاح الدستوري)التي اقترحتها روسيا بالتنسيق مع الأمم المتحدة في مؤتمر سوتشي عام 2019 هو التفاف واضح على قرارات مجلس الأمن ومفاوضات جنيف بسلالها الاربعة. واللجنة الدستورية تم اقرار تشكيلها بموافقة امريكية اي أنه في النتيجة الامريكان والروس يلعبون بالملف السوري ومن ورائهم اسرائيل ولكن اللاعب الرئيسي هو امريكا

وحتى مفاوضات استانا منذ عام 2017 التي تأسست تحت اشراف روسيا وتركيا ولاحقا ايران، هي التفاف واجهاض لمفاوضات جنيف التي تجري تحت رعاية الامم المتحدة. وهذه ايضا تحظى بدعم امريكي.

حتى الائتلاف سارع للمشاركة في اللجنة الدستورية علما أنه رفض باغلبية اعضائه المشاركة في مؤتمر سوتشي والذي تمخض عنه موضوع اللجنة الدستورية وكأنها اهم شيء بالنسبة للسوريين وهذا خداع صريح فالمشكلة كما تعرفون هي سياسية بامتياز وليست مشكلة دستور فالدستور يحتاج لمن ينفذه وشروط ووووو

يعني روسيا كرست ما تريد وامريكا ترحب علنا ام بصمتها بما تقوم به روسيا اي ان هناك تفاهم مبدئي حول المف السوري والدور الروسي التنفيذي (القمة الامنية الثلاثية الامريكية الروسية الاسرائيلية الأولى في حزيران 2019 والثانية القادمة قريبا تعكس ذلك بوضوح)

كلنا متفق على ان القضية السورية اصبحت بيد اللاعبين الدوليين وجزئيا الاقليميين. والسوريين معارضة وموالاة اصبحوا خارج دائرة التأثير.

جوهر المشهد السياسي الحالي في سوريا هو أنه لا توجد دولة واحدة تريد خير الشعب السوري بل الدول الكبرى والاقليمية تتصارع على الارض السورية من اجل تحقيق المصالح اقتصاديا وعسكريا وجيوسياسيا ولتنفيذ اجندات خاصة مثل ايران (توسع فارسي شيعي) وهكذا. وأن النظام السوري جزء لا يتجزأ من تلك المنظومة الاستعمارية الدولية. لذلك فهو موجود حتى اليوم.

لذلك أرى ما يلي:
1- العودة الى السوريين والابتعاد عن الاجندات الحزبية والقومية والدينية والطائفية والتمسك بالهوية الوطنية السورية الجامعة فهي الوحيدة التي تجمعنا.
2- ألا نعول على اعمال اللجنة الدستورية فقد تستمر لسنوات وهي تسويف ومماطلة وتأجيل لبحث جدي للقضية السورية سياسيا. مع ضرورة الاستمرار في العمل مع المجتمع الدولي بطريقة مغايرة لعام 2011 عندما كان المجلس الوطني السوري ينتظر التدخل العسكري واسقاط الاسد فاتضح ان ذلك وهماً فضيعت المعارضة اشهر طويلة من عمر الثورة بلا جدوى على المستوى السياسي والاعلامي والتوعوي.
3- لا بد من وضع حد للهياكل المعارضة التي تدعي تمثيل السوريين بالزور وهي تعطي مثلا سيئا عن هذا التمثيل المزيف (الائتلاف- الحكومات- الهيئة العليا- اللجنة الدستورية)
4- لا بد من بلورة تيار وطني سوري مستقل تنتج عنه منظمة تحرير وطنية تقودها نخبة وطنية نزيهة ومستقلة لم تتلوث بالفساد وملتزمة بثوابت الثورة السورية في بناء دولة مدنية ديمقراطية دولة مواطنة والأهم ان تتحدث قلبا وصوتا باسم الشعب السوري ولا تتبع لدول واجهزة استخبارات يوجهونها وفق اجنداتهم.
القيت في ورشة عمل حول مستقبل المسار السياسي في سوريا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.