بداية فإن مقالتي هذه ليست ردا على الأقلام المأجورة فقط كــــ السباعي والكوميدي الساخر فرزات ) بل هي رداً على كل من تطاول على الضباط الأحرار والذين يمثلون الرسالة الإنسانية السامية والتي يقدمون خلالها أرواحهم فداء لكل أبناء الوطن من رجال ونساء كبار وصغار على إمتداد الأراضي السورية ومحافظاتها ، ورداً على كل من تُسوَل له نفسه أن يتطاول على الضباط الأحرار الأشراف من أبناء المجتمع السوري على إختلاف مناهلهم ومشاربهم ومواردهم وإنتماءاتهم ).الذين باعوا مكاسب دنياهم بالوقوف الى جانب المظلومين من أهلهم الذين تعرضوا للمجازر والمذابح والإعتقال والتعذيب على أيدي شبيحة أسد العسكرييين والأمنيين ، والذين رفضوا البقاء والتبعية لهذه المؤسسة المجرمة ، لذا أرادوا أن يفكوا إرتباطهم بهذه المؤسسة الإجرامية ، ورفضوا ان تلطخ أيديهم بدماء الشعب السوري ، و الإنقياد كالقطيع خلف بشار الآسد وشبيحته، فإنشقوا عن جيشه الطائفي المقيت وتركوا مناصبهم وميزاتهم ومكتسباتهم المتباينة بعض الشيء فيما بينهم.
لقد فرزت الثورة السورية منذ بدايتها نوعين من الضباط وهم :
الفئة الأولى الضباط الشرفاء الأحرار:
الذين رفضوا أن يصوبوا فوهات بنادقهم إلى صدور أبناء الشعب السوري بكل مكوناتهم ، معتبرينهم أن كل أبناء المجتمع السوري بدون إستثناء هم أهلهم ، مع العلم انه كانت أياديهم على الزناد و لها مطلق الحرية في القتل دون الرجوع إلى القيادة العليا ، وأوامر القتال كانت معطاة بالقتل الفوري والمباشر لأي سوري يرفع صوته بوجه نظام أل الاسد وشبيحتهم.لقد كانت ايديهم على الزناد وحالة تأهب وجاهزية قتالية كاملة وكانت الأوامر معطاة وصادرة من رأس الهرم بقتل الصغير قبل الكبير والمراة قبل الرجل والاختيارية قبل الشباب. وكان بوسع الضباط الذين إنشقوا عن جيش مزرعة آل الأسد البغيضة وشبيحتهم ـ بأن يقتلوا أبناء وطنهم ويبقوا محافظين على مناصبهم ووظيفتهم ورواتبهم ومكاسبهم …لكنهم فضلوا الانفصال عن هذا الجيش اللاوطني وتركوا مكاسبهم ووقفوا بجانب الشعب السوري الذين اقسموا أثناء تخرجهم على يحموه ويذودا عن شرفه وعرضه، فساروا وراء الشعب تاركين المسير خلف مرياع أهوج ورِث السلطة عن أب ظالم متسلط على رقاب الشعب السوري.لقد كانت الإنشقاقات ثقيلة على الضباط وعلى أسرهم وأبنائهم ، فقد تصل بهم الى الموت المحتم في حال تم إنكشاف أمرهم. لاشك بأن هؤلاء الكوكبة من الضباط الذين حافظوا على العهد والشرف العسكري والقسم العسكري لا يمكن لأحد ان ينال من تضحيتهم كائن من كان فتضحياتهم لا تقدر بثمن ، وأصبحوا محكومين بالإعدام هم وعائلاتهم واولادهم وبناتهم وذريتهم مجرد إعلان إنشقاقهم .على الرغم من كل المخاطر التي تحوفهم فقد قطعوا الفيافي والوديان والسهول وبعد أن صلوا إلى بر الأمان بأبنائهم وزوجاتهم وبناتهم ،فالكثير منهم عاد الى أرض الميدان واستأنفوا القتال ضد نظام الغدر والخيانة ، وشكلوا الكتائب والألوية والفرق ونظموا الصفوف وحرروا %60 من الأراضي من أجل إبعاد السلاح الثقيل لقوات المحتل الأسدي عن القرى التي يقصفها في كل صباح ومساء ، لكن لن تكتمل مسيرة التحرير ودحر شبيحة الأسد ، بعد تدخل المحتل الروسي الى جانب المحتل الإيراني لدعم بشار الأسد وإنقاذه من السقوط في نهاية أيلول .2015بعد ان كانت فصائل الجيش الحر التي يقودها الضباط الأحرار مع الشرفاء من أبناء الشعب السوري قد وصلت الى مشارف دمشق وأصبحت غرفة عمليات رئاسة أركان جيش نظام تحت سيطرة الجيش السوري الحر.
فهؤلاء الضباط الأبطال هم : الرمح الذي لايحني… والزاد الذي لا يفنى…. والخير الذي لا ينكفئ …النور الذي لا ينطفئ .
الفئة الثانيةوهم الضباط العبيد الأذلاء :
الذين فضلوا شهوتهم على نخوتهم ومصلحتهم الشخصية على مصلحة الوطن وأبنائه ، من كل الضباط المنافقين الذين يركضون وراء المناصب والتسميات البراقة ، والذين كانوا يقولون مالا يفعلون في أيام السلم قبل الثورة ، وعندما قامت الثورة بانوا على حقيقتهم وأنكشفت سوءتهم وإنضموا الى صفوف الشبيحة المجرمين ، و ارتضوا لأنفسهم الذل والهوان وعيش العبيد مقابل ما يسرقونه ويعفشونه على حساب الدماء السورية ، والبقاء مع الوريث القاصر بشار الأسد من أجل حفنة من المال ومكاسب مادية ومناصب وهمية ، يكونوا من خلالها أذلاء لدى قادتهم، وأشداء على أبناء الشعب السوري المطالب بالحرية . هؤلاء هم الذين تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري ولبسوا ثوب العار ونالوا أوسمة التشبيح والتعفيش.فمنذ قيام الثورة بادر هؤلاء الضباط المجرمين القتلى إلى المساهمة في قتل المتظاهرين السلميين وتوجيه بنادقهم الى صدور أبناء الشعب السوري كي يظهروا أما قادتهم بانهم دمويين وجديرين بالبقاء بين صفوفهم . بعد هذه المفارقة التي سقتها لابد أن نذكر بأن الكاتبان فرزات والسباعي دسوا السم في العسل في مقالاتهم التي أساءؤا بها للضباط .
فالأول فرزات:
الذي شبه الضباط بالحيوانات الذين ينعلفوا على موائد اللئام ، علما أن ما أرتضى به الكثير من الشرائح السورية من أساليب النصب والإحتيال ، لم يرتضيه الضباط لأنفسهم حفاظ على العزة والشموخ التي تكمن في أنفسهم كـــــ ضباط يمتازون بحب الوطن والدفاع عن أهله والذود عن الشرف والأرض والعرض والشرف بينما البقية الباقية عملوا بالنصب والإحتيال والتسلق على الثورة ونالوا الغنى على حساب دماء الشعب السوري ، فالعيب كل العيب على رسام كاريكاتيري ان يسقط من عيون الشعب السوري الحر بعد أن كان مقامه عالي عندهم وفي مصاف المخلصين للثورة. وللعلم فإن الضباط أصحاب القرار بالانشقاق بعيدين كل البعد عن مصاف البهائم التي تُعلف وتنام وتأكل بدون تفكير ، بل هم اعزاء النفس وشامخي الرؤوس .
والثاني السباعي :
الذي وصف الضباط بـــــ (يأكلوا ويشربوا ويناموا ويتناكحوا) بالحيوانات الهمجية التي لا تستطيع تنظيم حياتها الزوجية وكأنهم يشبههم بالبهائم كما قال الله تعالى (وَلَقَدۡ ذَرَأۡنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ لَهُمۡ قُلُوبٞ لَّا يَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡيُنٞ لَّا يُبۡصِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ ءَاذَانٞ لَّا يَسۡمَعُونَ بها أولئك كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّۚ أولئك هُمُ ٱلۡغَٰفِلُونَ ﴾[ ﮓ: ١٧٩ ] علما بأنهم تركوا مفاتن الدنيا وزخرفها في سبيل الله وهاجروا في سبيله ،وتركوا البيوت والأهل والمناصب خلف ظهورهم ، وانحازوا إلى من سلمهم الأمانة وأوكل اليهم الحفاظ على أمنهم وحياتهم وأموالهم وأعراضهم ، على عكس المنافقون المؤيدون للقتلى من الشبيحة .لذا لابد أن يقوم الضباط بإشهار أقلامهم ويرفعون أصواتهم في وجه هؤلاء المجندون لصالح أجندات مشبوهة ،الذين يهدفون الى شيطنة الضباط ، ويأخذون مقابل كتاباتهم حفنة من المال من أسيادهم و مشغليهم ، وما أكثر هؤلاء في هذه الأيام الذين يبيعون أنفسهم الرخيصة ويتخلون عن عزة نفسهم وشموخهم ، وفي مقدمتهم السباعي الذي نصب نفسه عدوا ٍ مبيناً وقاحته وفضاضته. حاول السباعي تجميل مقاله بآيات قرانية لكنه لم يفلح عندما قال : ألم يقرؤوا قول الله تعالى المزلزل، المهدد، المتوعد ﴿ إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا (٣٩)﴾ التوبة.علماً ان هذه الآية نزلت بالمنافقين أمثاله ، ولاتنطبق على الضباط الأحرار في الختام : لولا القرار الصعب والمصيري الصعب الذي أتخذه الضباط الأشاوس بالإنشقاق عن جيش أسد القاتل للشعب السوري . لما كان للثورة هذا البعد والرونق ، ولما وصل الكثير من السوريين الى هذه المواقع التي هم فيها الأن ، وخاصة الذين كانوا وسطاء بين الكافلين للضباط وعائلاتهم وبين الضباط منذ إنشقاقهم وكانوا يسرقون مايتم إرساله ولايصل الى الضباط كما يقال(لا يصل اليهم من الجمل إذنه) مما جعل الضباط يشغلون أبناؤهم في المطاعم وورشات الخياطة والمصانع فضلاً عن قيام الكثير من الضباط الأعوان والقادة والأمراء سواء من ضباط القوى البرية والجوية من الطيارين وضباط البحرية بالعمل في محطات المحروقات والعمل في محلات السمانة وحراسة الأبنية وجمع المواد البلاستيكية كما اوردت في مقالاتي السابقة عن احد الضباط القادة الذي يعمل في جمع البلاستيك لحفظ كرامته وكرامة عائلته ، وقس على ذلك الكثير من الضباط الذي تم استبعادهم قصداً ، لإفشال الجانب العسكري والوجه المشرق المنير للثورة ، وتسليم مقاليد الثورة سياسياً وعسكرياً لمشبوهين أمنياً وإيديولوجياً ،مماحدا بالكثير من الضباط للعمل من أجل دفع مستحقات أجار البيوت والمصاريف اليومية. وإحتسبوا على الله وأعتصموا به فهو مولاهم نعم الولى ونعم المصير.
– مهما نطقت الألسن بأفضالها ومهما خطت الأيدي بوصفها ومهما جسدت الروح معانيها تظل مقصرة أمام روعتها وعلو عمتها اسعدك المولى وجعل ما تقدمه في ميزان حسناتك.