العرب والصفقة القادمة
بيان مجلس التعاون الخليجي الذي حدد الموقف من إيران والرد الإيراني عليه، وقلت إن دول الخليج والدول العربية عموما تواجه معضلة حقيقية في التعامل مع إيران وخصوصا على ضوء المفاوضات الجارية بين أمريكا وإيران والصفقة القادمة المحتملة.
كي ندرك هذا ما علينا سوى ان نتأمل الحقائق الخمس التالية:
الحقيقة الأولى: أن أمريكا في المفاوضات الجارية حاليا مع إيران لا يعنيها سوى ملف واحد هو البرنامج النووي الإيراني. وعلى أساس ما سيتم الاتفاق عليه في هذا الملف سيتم التوصل إلى الصفقة.
والحقيقة ان أمريكا تريد ان تنتهي من هذا الملف بأي شكل. تريد ان تفعل هذا ليس من أجل ردع إيران أو الحيلولة دون امتلاكها السلاح النووي. أمريكا تعلم ان إيران بقدراتها في تخصيب اليورانيوم أصبحت قاب قوسين أو أدنى من امتلاك القدرة النووية العسكرية والمسألة مسألة قرار سياسي. وهذا ما تؤكده كل التقارير.
أمريكا تريد ان تنهي ملف إيران الذي استنزف قواها عبر السنين الطويلة الماضية، ولا تريد ان تخسر إيران تماما لصالح الصين.
الحقيقة الثانية: انه منذ سنين طويلة رفضت أمريكا باستمرار أي مشاركة خليجية عربية في أي مفاوضات مع إيران على نحو ما يطالب به مجلس التعاون.
وأمريكا ستصر عل نفس الموقف الآن ولن تقبل بهذه المشاركة.
أمريكا تريد عقد صفقة والتوصل إلى اتفاق مع إيران وفقا لحساباتها هي وما ترى انه مصالحها هي وليس وفقا لأي حسابات أو مصالح عربية. لهذا لن تقبل ابدا أي مشاركة عربية.
الحقيقة الثالثة: ان قضية مشروع إيران الطائفي التوسعي في المنطقة العربية والدور التخريبي الذي تقوم به هي والمليشيات العميلة لها في الدول العربية ليست مطروحة على الاطلاق في المفاوضات.
والقضية برمتها لم تعد تهم أمريكا كثيرا. أقصى ما تذهب اليه هو الحديث الانشائي عن دور إيران السلبي وضرورة حفظ امن واستقرار المنطقة، وهو كلام ليست له أي قيمة عملية.
الحقيقة الرابعة: ان إيران ليس في ذهنها على الاطلاق ولا واردا بالنسبة إليها ابدا ان تغير شيئا لا من مشروعها ولا من مواقفها وسياساتها ولا من دورها هي والقوى العميلة لها في المنطقة.
إيران تفكر اليوم بمنطق انه لم يعد هناك أي شيء يمكن ان يجبرها أو يدفعها الى الاقدام على أي تغيير. هي تعتبر ان التطورات في المنطقة كلها في صالحها.
بعبارة أدق ايران تفكر بمنطق انها انتصرت وانها نجحت في فرض ما تريد، وانه لم يعد أمام الآخرين سوى قبول هذا الواقع والتعايش معه.
الحقيقة الخامسة: انه بطبيعة الحال سوف يترتب على أي صفقة يتم التوصل اليها بين أمريكا وإيران رفع كل العقوبات المفروضة.
ويعني هذا ان إيران بالموارد الهائلة التي ستتوفر لها سوف تصبح أكثر قوة وقدرة على مواصلة مشروعها ودورها.
هذه هي حقائق الوضع اليوم الذي تواجهه دول الخليج العربية والدول العربية عموما في التعامل مع إيران.
يتضح من هذه الحقائق ان العرب يواجهون معضلة حقيقية في التعامل مع هذا الوضع.
المعضلة تتلخص في ان الدول العربية مطلوب منها ان تتخلى عن مطالبها المتعلقة بإيران ودورها وهي المطالب التي لخصها بيان مجلس التعاون الأخير. مطلوب من الدول العربية ان ترضخ للأمر الواقع وان تقبل بإيران كقوة نووية، ومن دون ان تتخلى عن مشروعها ودورها، بل وستصبح أكثر قوة.
ماذا ستفعل دول مجلس التعاون والدول العربية عموما مع هذه المعضلة؟.. ما هي الخيارات المتاحة امامها؟
والسؤال الأهم: هل ما زالت الدول العربية أصلا جبهة موحدة في مواقفها وسياساتها تجاه إيران؟
في إيران ثورة عارمة مشتعلة في كل ارجائها ومستمرة منذ ٢٧٣ يوم أتى الإتفاق الخليجي دعم لنظام عصابات الملالي وعصابات الأسد لمنع سقوطهم المدوي وهذا يصب في ماتريده أمريكا التي تطالب إيران والأسد فقط بتحسين ادائهما